كتاب التفتيش التحقيقي في النظام السعوديكتب علوم سياسية وقانونية

كتاب التفتيش التحقيقي في النظام السعودي

التفتيش التحقيقي في النظام السعودي إعداد: أحمد بن عبدالله العلي الزهراني نبذة عن موضوع الكتاب لذلك فإن التفتيش بمفهومه الجزائي، هو إجراء الهدف منه كشف الحقيقة عن مرتكب جريمة ما، ويعد من أهم إجراءات التحقيق في كشف ذلك، لكونه يستوجب التفتيش الذاتي للمتهم أو تفتيش ممتلكاته الخاصة من (سكن، ومركبة، وأغراض شخصية، وغيرها) والتي لها حرمتها الشرعية والنظامية، وأن تغليب المصلحة العامة على المصلحة الخاصة، جعل الأنظمة الجزائية تسمح بإجراء التفتيش الذي يمس حرمة خاصة – محمية بالشرع والنظام في الأصل – وكل ذلك بسبب جريمة وقعت أو ترجح وقوعها. وقد عرف التفتيش بأنه (البحث لضبط أدلة الجريمة، وكل ما يفيد في كشف الحقيقة سواء كان محل التفتيش مكاناً أم شخصاً، أم عيناً أخرى) وكما أوضحنا – سابقاً أعلاه – بأن التفتيش إجراء استثنائي على الأصل العام، وهو الحرمة لانتهاك الخصوصية وتقيدها، ولا يجوز تطبيقه إلا في أضيق الحدود وطبقاً للنصوص النظامية والضوابط الشرعية، والا كان الاجراء وما بنى عليه من إجراءات لاحقة باطلة ولا يعتد بها مطلقاً. : لقد اعتنت الشريعة الإسلامية الغراء، بحفظ وحماية الممتلكات الخاصة، ونهت عن الاعتداء، أو الإضرار أو المساس بها. فقال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (27) فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَداً فَلَا تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ (28)) (سورة النور)
-
من كتب القانون السعودي القوانين الاجنبية - مكتبة كتب علوم سياسية وقانونية.

وصف الكتاب : التفتيش التحقيقي في النظام السعودي

إعداد: أحمد بن عبدالله العلي الزهراني

نبذة عن موضوع الكتاب


لذلك فإن التفتيش بمفهومه الجزائي، هو إجراء الهدف منه كشف الحقيقة عن مرتكب جريمة ما، ويعد من أهم إجراءات التحقيق في كشف ذلك، لكونه يستوجب التفتيش الذاتي للمتهم أو تفتيش ممتلكاته الخاصة من (سكن، ومركبة، وأغراض شخصية، وغيرها) والتي لها حرمتها الشرعية والنظامية، وأن تغليب المصلحة العامة على المصلحة الخاصة، جعل الأنظمة الجزائية تسمح بإجراء التفتيش الذي يمس حرمة خاصة – محمية بالشرع والنظام في الأصل – وكل ذلك بسبب جريمة وقعت أو ترجح وقوعها.

وقد عرف التفتيش بأنه (البحث لضبط أدلة الجريمة، وكل ما يفيد في كشف الحقيقة سواء كان محل التفتيش مكاناً أم شخصاً، أم عيناً أخرى) وكما أوضحنا – سابقاً أعلاه – بأن التفتيش إجراء استثنائي على الأصل العام، وهو الحرمة لانتهاك الخصوصية وتقيدها، ولا يجوز تطبيقه إلا في أضيق الحدود وطبقاً للنصوص النظامية والضوابط الشرعية، والا كان الاجراء وما بنى عليه من إجراءات لاحقة باطلة ولا يعتد بها مطلقاً.



: لقد اعتنت الشريعة الإسلامية الغراء، بحفظ وحماية الممتلكات الخاصة، ونهت عن الاعتداء، أو الإضرار أو المساس بها.

فقال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (27) فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَداً فَلَا تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ (28)) (سورة النور)


سنة النشر : 2003م / 1424هـ .
عدد مرات التحميل : 5854 مرّة / مرات.
تم اضافته في : الخميس , 30 أغسطس 2018م.
حجم الكتاب عند التحميل : 305.9 كيلوبايت .

ولتسجيل ملاحظاتك ورأيك حول الكتاب يمكنك المشاركه في التعليقات من هنا:

القانون

 

التفتيش التحقيقي في النظام السعودي 

    إعداد:  أحمد بن عبدالله العلي الزهراني

نبذة عن موضوع الكتاب 


لذلك فإن التفتيش بمفهومه الجزائي، هو إجراء الهدف منه كشف الحقيقة عن مرتكب جريمة ما، ويعد من أهم إجراءات التحقيق في كشف ذلك، لكونه يستوجب التفتيش الذاتي للمتهم أو تفتيش ممتلكاته الخاصة من (سكن، ومركبة، وأغراض شخصية، وغيرها) والتي لها حرمتها الشرعية والنظامية، وأن تغليب المصلحة العامة على المصلحة الخاصة، جعل الأنظمة الجزائية تسمح بإجراء التفتيش الذي يمس حرمة خاصة – محمية بالشرع والنظام في الأصل – وكل ذلك بسبب جريمة وقعت أو ترجح وقوعها.

وقد عرف التفتيش بأنه (البحث لضبط أدلة الجريمة، وكل ما يفيد في كشف الحقيقة سواء كان محل التفتيش مكاناً أم شخصاً، أم عيناً أخرى) وكما أوضحنا – سابقاً أعلاه – بأن التفتيش إجراء استثنائي على الأصل العام، وهو الحرمة لانتهاك الخصوصية وتقيدها، ولا يجوز تطبيقه إلا في أضيق الحدود وطبقاً للنصوص النظامية والضوابط الشرعية، والا كان الاجراء وما بنى عليه من إجراءات لاحقة باطلة ولا يعتد بها مطلقاً.


 
وهذا ما أكدته المادة (37) من النظام الأساسي للحكم،(الصادر بالمرسوم الملكي الكريم رقم (أ/90) في 27/08/1412هـ) التي نصت على الآتي: (للمساكن حرمتها، ولا يجوز دخولها بغير إذن صاحبها ولا تفتيشها إلا في الحالات التي يبينها النظام).

وهذا ما أكده ايضاً نظام الإجراءات الجزائية (الصادر بالمرسوم الملكي الكريم رقم (م/2) وتاريخ22/1/1435 هـ) حيث نصت المادة (41) منه على الاتي: (إن للأشخاص ومساكنهم ومكاتبهم ومراكبهم حرمة تجب حمايتها، وحرمة الشخص تعني حماية جسده وملابسه، وماله، وما يوجد معه من أمتعة، وتشمل حرمة المسكن كل ما كان مسوراً أو محاطاً بحاجز، أو معداً لاستعماله مأوى).


 
ونصت عليه المادة (42) ايضاً (لا يجوز لرجل الضبط الجنائي الدخول الى أي مكان مسكون او تفتيشه، الا في الاحوال المنصوص عليها نظاماً، وبأمر مسبب من هيئة التحقيق

والادعاء العام، وما عدا المساكن فيكتفى بتفتيشها بإذن مسبب من المحقق، واذا رفض صاحب المسكن او شاغله تمكين رجل الضبط الجنائي من الدخول أو قاومه، دخوله جاز لرجل الضبط الجنائي اتخاذ الوسائل المشروعة لدخول المسكن حسب ما تقتضيه الحال، ويجوز دخول المسكن في حال طلب المساعدة من الداخل، أو حدوث غرق، أو هدم، أو حريق، أو نحو ذلك، او دخول معتدى أثناء مطاردته للقبض عليه).

ولحرمة انتهاك الخصوصية – وعدم جواز انتهاكها شرعاً ونظاماً – فإن النظام أحاط إجراء التفتيش بعدة ضوابط وضمانات وهي تحديد الحالات التي توجب هذا المساس، والسلطة العامة المخولة بذلك، والشروط التي يتعين الالتزام بها عند إجراء التفتيش، وذلك بنصوص واضحة وصريحة.

وبعد أن استعرضنا مفهوم التفتيش، وأهميته، سوف نستعرض محل التفتيش، وأنواعه وضوابطه.

محل التفتيش:– قد يقع التفتيش على ذات الأشخاص أنفسهم، أو غيرهم مما يظهر أن له علاقة بالجريمة الواقعة، إذا استلزمت مصلحة التحقيق ذلك.

أو يكون محل التفتيش الممتلكات الخاصة على اختلاف أنواعها مثل المسكن الخاص، المزارع، الاستراحات، المراكب، وغيرها.


 
أولاً: تفتيش الأشخاص: إن الغاية من تفتيش المتهم هي غاية معتبرة شرعا ونظاماً، لأنها تهدف إلى كشف الحقيقة عن مرتكب الجريمة، ونظراً لأنها استثناء على الأصل العام، فلا يتم اللجوء إليها إلا في الحالات الضرورية اللازمة لذلك والتي يوجد فيها أمارات قوية، تؤكد أن هناك أشياء مخفية لدى المتهم أو في مسكنه أو في مركبته تفيد في كشف الحقيقة والتوصل الى مرتكب الجريمة.

وأن تفتيش الأشخاص دلت عليه النصوص الشرعية (أصل ومصدر جميع الأنظمة السارية بالمملكة)، ومن ذلك ما جاء في قصة سيدنا يوسف عليه السلام فقال تعالى (فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعَاءِ أَخِيهِ ثُمَّ اسْتَخْرَجَهَا مِن وِعَاءِ أَخِيهِ) يوسف:( الآية 76 )

فقد فتش يوسف – عليه السلام – أمتعة المتهمين جميعاً للعثور واستخرج صواع الملك من رحل أخيه.

والقاعدة الثابتة: انه إذا جاز القبض جاز التفتيش وذلك لأن القبض أكثر مساساً بالحرية الشخصية من إجراء التفتيش.

فقد نصت المادة (43) من نظام الإجراءات الجزائية على أنه (يجوز لرجل الضبط الجنائي في الأحوال التي يجوز فيها القبض نظاماً على المتهم أن يفتشه، ويشمل التفتيش جسده وملابسه وأمتعته).


 
ونصت المادة (45) منه أيضاً على الآتي (إذا قامت أثناء تفتيش منزل متهم قرائن ضده، أو ضد أي شخص موجود على انه يخفي أشياء مهمة تفيد في كشف الحقيقة جاز لرجل الضبط الجنائي أن يفتشه).ِ

ثانياً: تفتيش الممتلكات الخاصة: لقد اعتنت الشريعة الإسلامية الغراء، بحفظ وحماية الممتلكات الخاصة، ونهت عن الاعتداء، أو الإضرار أو المساس بها.

فقال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (27) فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَداً فَلَا تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ (28)) (سورة النور) وهذا ما سارت عليه الأنظمة المختلفة في المملكة من النظام الأساسي للحكم (كما ذكرناه نصاً أعلاه) أو بقية الأنظمة الجزائية.

ولأن التفتيش يشكل مساساً كبيراً وخطيراً بهذه الممتلكات – وللضرورة والغاية النبيلة للتفتيش، وذلك للكشف عن أشياء تدل على مرتكب الجريمة – فإن الشريعة ومن بعدها الأنظمة الجزائية الأخرى قررت قواعد، وأسسا، وضوابط، تقوم عليها أحكام هذا التفتيش
أنواع التفتيش
فهناك عدة أنواع مختلفة للتفتيش، ويتم تقسيمها بحسب الهدف، والغاية من ذلك التفتيش، وهي التفتيش الجزائي، والتفتيش الاحترازي (الوقائي)، والتفتيش الإداري.

أولا: التفتيش الجزائي (الجنائي): يعرف بأنه (التفتيش المتعلق بإجراءات التحقيق الجزائية والتي تقوم بها السلطة المختصة عند وقوع الجرائم لكشف الحقيقة). وقد أقره النظام – رغم ما فيه من مساس لحرية ولحرمة ممتلكات الأشخاص – تغليبا للمصلحة العامة على المصلحة الخاصة، بهدف الوصول إلى كشف الحقيقة في الجرائم المرتكبة. وهذا النوع من التفتيش هو المنصوص عليه في الأنظمة الجزائية فقط، والذي تحدثنا عن بعضه في مقالتنا السابقة (في محل أو مكان التفتيش).


 
مثل ما نصت عليه المادة (43) من نظام الإجراءات الجزائية (الصادر بالمرسوم الملكي الكريم رقم (م/2) وتاريخ 22/ 1 /1435 هـ) على انه (يجوز لرجل الضبط الجنائي في الأحوال التي يجوز فيها القبض نظاما على المتهم أن يفتشه، ويشمل التفتيش جسده وملابسه وأمتعته واذا كان المتهم امرأة وجب أن يكون التفتيش من قبل امرأة).

ونصت المادة (45) منه أيضا على الآتي (إذا قامت أثناء تفتيش منزل متهم قرائن ضده، أو ضد أي شخص موجود على انه يخفي أشياء مهمة تفيد في كشف الحقيقة جاز لرجال الضبط الجنائي تفتيشه).ِ ونصت المادة (42) ايضا (لا يجوز لرجل الضبط الجنائي الدخول الى أي مكان مسكون او تفتيشه، الا في الاحوال المنصوص عليها نظاما، وبأمر مسبب من هيئة التحقيق والادعاء العام، وما عدا المساكن فيكتفى بتفتيشها بإذن مسبب من المحقق، واذا رفض صاحب المسكن او شاغله تمكين رجل الضبط الجنائي من الدخول او قاومه، جاز لرجل الضبط الجنائي اتخاذ الوسائل المشروعة لدخول المسكن حسب ما تقتضيه الحال، ويجوز دخول المسكن في حال طلب المساعدة من الداخل، او حدوث غرق، او هدم، او حريق، او نحو ذلك، او دخول معتدى اثناء مطاردته للقبض عليه).

ورجال الضبط الجنائي عرفتهم المادة (24 و26) من نظام الإجراءات الجزائية، فنصت المادة (24) على الآتي (رجال الضبط الجنائي هم الأشخاص الذين يقومون بالبحث عن مرتكبي الجرائم وضبطهم وجمع المعلومات والأدلة اللازمة للتحقيق وتوجيه الاتهام).

ونصت المادة (26) على الآتي (يقوم بأعمال الضبط الجنائي، حسب المهام الموكلة إليه، كل من: أعضاء هيئة التحقيق والادعاء العام في مجال اختصاصهم – مديري الشرط ومعاونيهم في المناطق والمحافظات والمراكز- ضباط الأمن العام، وضباط المباحث العامة، وضباط الجوازات، وضباط الاستخبارات، وضباط الدفاع المدني، ومديري السجون والضباط فيها، وضباط حرس الحدود، وضباط قوات الأمن الخاصة، وضباط الحرس الوطني، وضباط القوات المسلحة، كل بحسب المهام الموكلة إليه في الجرائم التي تقع ضمن اختصاص كل منهم – محافظي المحافظات ورؤساء المراكز – رؤساء المراكب السعودية البحرية والجوية في الجرائم التي ترتكب على متنه – رؤساء مراكز هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في حدود اختصاصهم -الموظفين والأشخاص الذين خولوا صلاحيات الضبط الجنائي بموجب أنظمة خاصة – الجهات واللجان والأشخاص الذين يكلفون بالتحقيق بحسب ما تقضي به الأنظمة).


 
ولا يتضمن ذلك التفتيش، صور التفتيش الأخرى والتي أسبغ عليها هذا الوصف، والتي يكون هدفها في الأصل تحقيق أغراض إدارية محضة.

ثانيًا: التفتيش الاحترازي (الوقائي): ويعرف بأنه الإجراءات التفتيشية الاحترازية الأولية، ويكون الهدف منها الحصول على معلومات عامة، وذلك يساعد في منع، أو تقليل وقوع الجرائم، أو المخالفات، وغيرها، ومن أمثلته، ما يحدث من إجراءات أمنية احترازية في نقاط التفتيش على الطرق العامة.

وحتى لا يتعدى التفتيش الوقائي حدوده وأهدافه وغايته، فإنه يجب الاقتصار فيه على التفتيش الخارجي للمشتبه فيه، ويجب أن يكتفى فيه على مجرد المرور على ملابسه من الخارج فقط دون التنقيب على ما بداخلها، إلا إذا ظهرت قرائن قوية بوجود شيء خطر يحمله المشتبه به، كالسلاح أو السكين أو حيازة مخدرات، فيجوز لرجال الضبط حينئذ استخراجه والتحقق منه.

والتفتيش الوقائي بهذا المفهوم لا يعد من أساسيات أو إجراءات التحقيق الجنائي، بل هو إجراء احتياطي لمنع وقوع جريمة أو مخالفة قانونية، تضر بالمصلحة العامة، فهو إجراء تمليه ضرورة حفظ الأمن وسلامة المجتمع، لذلك جرى الاصطلاح على تسميته (بالتفتيش الوقائي) وهو مباح لجميع رجال الضبط الجنائي.

كما أن التفتيش الاحترازي لا يجب النص عليه نظاما بحكم انه إجراء وقتي تمليه متطلبات الضرورة لحفظ الأمن في المجتمع.

ثالثًا: التفتيش الإداري: يعرف بأنه إجراء يهدف إلى تحقيق أغراض إدارية محضة يكون الهدف منها التحقق من تنفيذ وتطبيق الأنظمة واللوائح، والتأكد أيضا من سلامة هذا التطبيق، دون البحث عن أدلة جريمة معينة.

ومثال ذلك: تفتيش الأشخاص والمسافرين وأمتعتهم الخاصة في المطارات ومحطات النقل، وكذلك تفتيش المسجونين بواسطة مسؤول السجن، وتفتيش عمال المصانع والشركات وغيرها، فهو كهدف عام يجري لغرض إداري محض فقط ليس له علاقة بجريمة معينة، ولا يدخل ضمن نطاق إجراءات الاستدلال أو التحقيق الجنائي.

ومن صور التفتيش الإداري أيضا، التفتيش في المنافذ الجمركية، مثل تفتيش بعض الأشخاص الذين يدخلون ويخرجون من هذه المنافذ لمنع تهريب الأشياء المحظورة، وأن ما يميز هذا النوع من التفتيش عن النوع الأول (التفتيش الجزائي) هو انه من شروط (التفتيش الجزائي) وقوع جريمة، أو توافر قرائن وأمارات قوية كافية على وقوعها.

أما التفتيش الإداري، فيكتفى بالشك فقط على وقوع جريمة تهريب مثلا.

ومن صور هذا النوع أيضا: هو التفتيش الإداري بحكم الضرورة مثل ما يقوم به رجال الإسعاف من بحث وتفتيش في ملابس وأغراض المصابين الغائبين عن الوعي، لمعرفة هويتهم، أو معلومات عنهم قبل نقلهم للمستشفى، وذلك بهدف جمع ما في ملابسهم وحصره، وهذا لا يخالف النظام، لأنه يعتبر ضرورة ملحة تقتضيها الحاجة إلى التعرف على شخصية المصاب، وقد يكون الغرض من التفتيش أيضا في هذه الحالة حفظ ما مع المصاب من أموال، أو أوراق ومستندات، فهو جائز دون الحاجة إلى إذن.
لذا، فقد احتاط النظام لذلك بوضع عدة ضمانات وضوابط عند ممارسة هذا الاستثناء على الأصل العام – التفتيش – ويكون الهدف من هذه الضمانات، والضوابط، التوفيق بين مصلحتين وهدفين نبيلين وهما: حق الفرد في المحافظة على خصوصيته وممتلكاته وعدم التعدي عليها، وحق المجتمع في الوصول إلى مرتكب الجرائم وتوقيع الجزاء المناسب عليه.

ومن هذه الضوابط والضمانات، ما هو متعلق بتحديد السلطة المختصة بإجراء التفتيش، وتحديد الحالات التي تستوجب ذلك، والشروط اللازمة لذلك، ومن أهم هذه الضمانات والضوابط هي:-

في غير حالات التلبس، لا يجوز التفتيش للمتهم إلا إذا وجدت قرائن وأمارات قوية تؤكد انه يخفي أشياء معه تفيد المحقق في كشف الحقيقة.

حيث نصت المادة (45) من نظام الإجراءات الجزائية على أنه (إذا قامت أثناء تفتيش منزل متهم قرائن ضده أو ضد أي شخص موجود على أنه يخفي معه أشياء تفيد في كشف الجريمة جاز لرجال الضبط الجنائي أن تفتشه).

في غير حالات التلبس، لا يجوز تفتيش أي شخص، أو مسكنه، أو مركبته، إلا بناء على اتهام موجه له بارتكاب جريمة أو اشتراكه في ارتكابها ووجود قرائن تدل على حيازته أشياء تتعلق بالجريمة.

على أنه يجب أن يكون التفتيش بإذن من السلطة المختصة بذلك نظاما (هيئة التحقيق والادعاء العام) ويجب أيضا أن يكون هذا الإذن مسببا، ومحددا، من حيث الزمان والمكان، واذا كان الاذن صادرا بتفتيش المسكن فانه يجب ان يكون موقعا من رئيس فرع هيئة التحقيق والادعاء العام.

وقد اشترط النظام أيضا حضور المتهم أثناء تفتيش مسكنه أو حضور من ينيبه، أو احد من أفراد أسرته البالغين المقيمين معه، وإذا تعذر حضور احد من هؤلاء وجب أن يكون التفتيش بحضور عمدة الحي، أو من في حكمه، أو في حضور شاهدين (المادة 47 إجراءات).

ويجب أن يقوم القائم بالتفتيش باطلاع صاحب المسكن، أو من ينوب عنه على إذن التفتيش، واثبات ذلك في محضر التفتيش.

ولا يشترط في المسكن أن يكون الشخص مقيما فيه بشكل دائم، وإنما يكتفي في ذلك أن يكون مقيما فيه في أوقات متقطعة أو أياما معدودة، كما لا يشترط أن يكون المسكن مملوكا للشخص، وإنما يكتفي أن يكون مقيما فيه فقط.

وإذا وجد رجال الضبط الجنائي في مسكن المتهم أوراقا مختومة، أو مغلقة فلا يجوز له أن يفضها، بل يثبت ذلك في محضر التفتيش ويعرضها على المحقق المختص.

يجب أن يكون إذن التفتيش مكتوبا، ومذكورا به اسم المحقق المختص الذي أصدره، ودائرته، وساعة إصداره، وتاريخ صدوره، وتوقيعه، واسم الشخص أو المكان أو الشيء المقصود به التفتيش، وأن يكون الإذن محددا بمدة زمنية محددة، لا يجوز تجاوزها بأي حال من الأحوال، وإلا كان الإجراء باطلا، وبطلان ما ترتب عليه من إجراءات لاحقة.

لقد أحاط النظام – المستمد أحكامه من الشريعة الإسلامية الغراء – المرأة خاصة بعدة ضمانات وضوابط عند التفتيش، زيادة على ما ذكر أعلاه عامة لجميع الأشخاص سواء كانوا ذكورا أو إناثا – ومنها انه لا يجوز أن يقوم بإجراء تفتيش الأنثى إلا أنثى مثلها ولا يجوز للمحققين الذكور القيام بذلك مطلقا (المادة 43 إجراءات).

وإذا كان الغرض من التفتيش هو تفتيش مسكن المتهمة وجب أن يكون مع القائمين بالتفتيش امرأة، وذلك كضمانة لعدم الاختلاط والخلوة غير الشرعية (وهذا يتوافق مع ضوابط الشرع).

وإذا كان في المسكن المراد تفتيشه عدد من النساء، ولم يكن الغرض من الدخول ضبطهن أو تفتيشهن، فقد أوجب النظام تمكينهن من الاحتجاب، أو مغادرة المسكن وتقديم التسهيلات اللازمة لهن في ذلك.

بالإضافة إلى انه يجب أن يحضر مع الأنثى محرم لها أثناء إجراء التحقيق معها وفي حالة تعذر ذلك فيتم مراعاة ما يمنع الخلوة غير الشرعية أثناء التحقيق.

ومن الضمانات والضوابط أيضا انه يجب أن يشمل محضر التفتيش على البيانات الآتية:-

اسم من قام بإجراء التفتيش، وظيفته، وتاريخ التفتيش، وساعته.

نص الإذن الصادر بإجراء التفتيش، أو بيان الضرورة الملحة التي اقتضت التفتيش بغير إذن.

أسماء الأشخاص الذين حضروا التفتيش، وتوقيعاتهم على المحضر.

وصف الأشياء التي ضبطت وصفا دقيقا.

إثبات جميع الإجراءات التي اتخذت أثناء التفتيش، والإجراءات التي اتخذت بالنسبة للأشياء المضبوطة (المادة «48» من نظام الإجراءات الجزائية).

هناك بعض الأشخاص والأماكن – المستثناة – من التفتيش: كالحصانة الدبلوماسية ومقر البعثات الدبلوماسية مثالا، لان قواعد العرف والقانون الدولي أعطت الدبلوماسيين ومقرات البعثات الدبلوماسية حصانة تحول دون سريان بعض الأنظمة الجزائية في حقهم وحق أفراد أسرهم، أو مقرات الدول الدبلوماسية.

وإنما وجدت لهم إجراءات خاصة في حالة مستثناه من نظام الإجراءات الخاصة بالأفراد العاديين.

ومن الحصانات الأخرى المستثناة من تطبيق بعض أنظمة الإجراءات الجزائية – ومنها التفتيش – بعض شاغلي الوظائف العامة العليا، مثل: الوزراء، وحصانة القضاء وأعضاء هيئة التحقيق والادعاء العام وغيرهم.

فجميع هؤلاء لهم إجراءات وأنظمة خاصة لرفع الحصانة، والتحقيق في الجرائم في حقهم.

وحتى في حال التلبس بالجريمة، فإنه يتم القبض والتحقيق أيضا معهم مع مراعاة إجراءات وأنظمة خاصة في حقهم (لا يتسع المقام، والمقال لذكرها لان تفصيلها يحتاج الى سلسلة مقالات مستقلة).

لا يجوز إجراء تفتيش المساكن – في غير حالة الضرورة – إلا أثناء ساعات النهار فقط، أي بعد شروق الشمس إلى الغروب، وإذا تم التفتيش أثناء الليل فإن الإجراء يكون باطلا، إلا إذا كان التفتيش متصلا من ساعات النهار إلى الليل.

أي إجراء تفتيش يتم مخالفا للقواعد والضوابط المذكورة نظاما، أو شرعا، يكون باطلا، وما ترتب عليه يكون باطلا أيضا، ولا يعتد به حيث نصت المادة (187) من نظام الإجراءات الجزائية على الاتي (كل إجراء مخالف لأحكام الشريعة الإسلامية أو الأنظمة المستمدة منها يكون باطلا).

ونصت المادة الأولى أيضا على الآتي (تطبق المحاكم على القضايا المعروضة عليها أحكام الشريعة الإسلامية وفقا لما دل عليه الكتاب والسنة، وتقتصر في إجراءات نظرها بما ورد في هذا النظام).

ونصت المادة (2) أيضا على انه (لا يجوز القبض على أي إنسان، أو تفتيشه أو توقيفه أو سجنه إلا في الأحوال المنصوص عليها نظاما).

وبذلك نكون قد استكملنا باقي الحديث عن التفتيش، وأهميته، وأنواعه، وضوابطه في النظام الجزائي السعودي.

التفتيش التحقيقي في النظام السعودي
تفتيش السيارات في القانون السعودي

تفتيش المنازل في نظام الإجراءات الجزائية السعودي وتطبيقاته

نظام التفتيش الشخصي

نظام التفتيش في المملكة

تفتيش المركبات

نظام تفتيش مكافحة المخدرات

يعتمد النظام القانوني في المملكة العربية السعودية على الشريعة الإسلامية المستمدة من القرآن الكريم والسنة النبوية. وتشمل مصادر التشريع أيضاً "الإجماع" والذي ظهر بسبب القضايا المستجدة التي طرأت بعد وفاة الرسول. والتي يتأثر تفسيرها بنصوص مدرسة المذهب الحنبلي الفقهية الإسلامية. المملكة العربية السعودية هي الوحيدة التي تعتمد على الشريعة دون تدوين. وبسبب ذلك، إضافة إلى عدم الاعتماد على السوابق القضائية، هنالك غموض كبير يحيط بمجال القانون السعودي. لذلك أعلنت الحكومة عن نيتها تدوين قواعد الشريعة الإسلامية في عام 2010، وتم إحراز تقدم كبير في نشر كتاب مرجعي للمبادئ القانونية والسوابق في 3 يناير 2018. إلى جانب الشريعة الإسلامية، يعتمد القانون السعودي على الأنظمة الصادرة عن المراسيم والأوامر الملكية والتي تغطي عدد من القضايا المعاصرة مثل الملكية الفكرية وقانون الشركات. ومع هذا، تبقى الشريعة هي المصدر الأول للقانون، خصوصاً في مجالات مثل القانون الجنائي وقانون الأسرة والتجارة وقانون العقود. ويعتبر القرآن والسنة هما دستور البلاد.
 

نظام الاستيقاف والتفتيش

هل يجوز تفتيش العسكري



نوع الكتاب : pdf.
اذا اعجبك الكتاب فضلاً اضغط على أعجبني
و يمكنك تحميله من هنا:

تحميل التفتيش التحقيقي في النظام السعودي



كتب اخرى في كتب القانون السعودي

التدخل بالحق الخاص في الدعوي الجزائية في نظام الإجراءات الجزائية السعودي PDF

قراءة و تحميل كتاب التدخل بالحق الخاص في الدعوي الجزائية في نظام الإجراءات الجزائية السعودي PDF مجانا

التطبيقات المعاصرة لعقد الأمان في المملكة العربية السعودية PDF

قراءة و تحميل كتاب التطبيقات المعاصرة لعقد الأمان في المملكة العربية السعودية PDF مجانا

التظلم من تعسف المحقق في نظام الإجراءات الجزائیة PDF

قراءة و تحميل كتاب التظلم من تعسف المحقق في نظام الإجراءات الجزائیة PDF مجانا

التعويض عن السجن PDF

قراءة و تحميل كتاب التعويض عن السجن PDF مجانا

التفتيش في الجرائم المعلوماتية PDF

قراءة و تحميل كتاب التفتيش في الجرائم المعلوماتية PDF مجانا

التفويض في التجريم والعقاب PDF

قراءة و تحميل كتاب التفويض في التجريم والعقاب PDF مجانا

التمييز في أحكام الحدود والتعازير PDF

قراءة و تحميل كتاب التمييز في أحكام الحدود والتعازير PDF مجانا

الحماية الجنائية للمرأة مو الاعتداء الجنسي في نظام مكافحة الاتجار بالأشخاص PDF

قراءة و تحميل كتاب الحماية الجنائية للمرأة مو الاعتداء الجنسي في نظام مكافحة الاتجار بالأشخاص PDF مجانا

المزيد من كتب العلوم السياسية في مكتبة كتب العلوم السياسية , المزيد من كتب القانون الجنائي في مكتبة كتب القانون الجنائي , المزيد من كتب العلوم القانونية في مكتبة كتب العلوم القانونية , المزيد من كتب القانون باللغة الأنجليزية English Law Books في مكتبة كتب القانون باللغة الأنجليزية English Law Books , المزيد من كتب القانون السعودي في مكتبة كتب القانون السعودي , المزيد من كتب القانون المغربي في مكتبة كتب القانون المغربي , المزيد من كتب السياسه والقانون في مكتبة كتب السياسه والقانون , المزيد من كتب العلوم العسكرية في مكتبة كتب العلوم العسكرية , المزيد من كتب الأحوال الشخصية في مكتبة كتب الأحوال الشخصية
عرض كل كتب علوم سياسية وقانونية ..
اقرأ المزيد في مكتبة كتب إسلامية , اقرأ المزيد في مكتبة كتب تقنية المعلومات , اقرأ المزيد في مكتبة المناهج التعليمية والكتب الدراسية , اقرأ المزيد في مكتبة القصص والروايات والمجلّات , اقرأ المزيد في مكتبة كتب الهندسة والتكنولوجيا , اقرأ المزيد في مكتبة الكتب والموسوعات العامة , اقرأ المزيد في مكتبة كتب تعلم اللغات , اقرأ المزيد في مكتبة كتب التنمية البشرية , اقرأ المزيد في مكتبة الكتب التعليمية , اقرأ المزيد في مكتبة كتب التاريخ , اقرأ المزيد في مكتبة كتب الأطفال قصص ومجلات , اقرأ المزيد في مكتبة كتب الطب , اقرأ المزيد في مكتبة الكتب العلمية , اقرأ المزيد في مكتبة كتب علوم سياسية وقانونية , اقرأ المزيد في مكتبة كتب الأدب , اقرأ المزيد في مكتبة كتب الروايات الأجنبية والعالمية , اقرأ المزيد في مكتبة كتب اللياقة البدنية والصحة العامة , اقرأ المزيد في مكتبة كتب الأسرة والتربية الطبخ والديكور , اقرأ المزيد في مكتبة الكتب الغير مصنّفة , اقرأ المزيد في مكتبة كتب المعاجم واللغات , اقرأ المزيد في مكتبة كتب علوم عسكرية و قانون دولي
جميع مكتبات الكتب ..