كتاب شرارة السعي

في عالمٍ يموجُ بالضجيج، ويسيرُ فيه الناس على وتيرةٍ متسارعة لا تكاد تترك لهم فسحةً ليتأملوا وجوههم في مرآة أعماقهم، تبرز رحلة السعي كأنها النور الخافت الذي يظهر في آخر النفق، يوحي بأن هناك نهاية، بل بداية... بداية لحياة مختلفة، لحياة من نوعٍ آخر. نولدُ جميعًا وفي داخلنا شيء خفيّ يُشبه البوصلة، يُشير إلى جهة ما لا نعرفها بعد، لكنه لا يتوقّف عن الإشارة. نكبر شيئًا فشيئًا، وتبدأ الأسئلة تتشكّل في قلوبنا قبل عقولنا: من أنا؟ لماذا أعيش؟ ما الذي أريده حقًا؟ كيف أصل؟ وهل أصل أصلًا؟ ولأنني، يا قارئي العزيز ويا أيوته الغالية، قد ذُقتُ طَعم التيه، وذاقت روحي مرارة القلق والخذلان، فأنا لا أكتب لك من برجٍ عاجيّ، ولا أُحدّثك من على قمة جبل النجاح، بل أكتب إليك من منتصف الطريق. حيث الغبار يعلو القدمين، والقلق يُخيّم على النفس، لكنّ العزيمة لا تزال مشتعلة، والنية لم تنطفئ. هذا الكتاب ليس دليلًا نظريًا جامدًا، بل هو رفيق درب، فيه نعود معًا إلى الوراء، نُنقّب عن البدايات، نستعرض المراحل، ونُصغي إلى صدى الخطوات. سنمضي عبر محطات متعدّدة: من الشغف الأول، إلى الإحباط، ثم النهوض من جديد، إلى أن نقف على عتبة الذات المُتحققة، التي تعرف من هي، وما تريد، وتُجيد أن تحيا الحياة كما ينبغي.
آية عبد الراضي عبد الدايم -
من كتب الروايات والقصص - مكتبة القصص والروايات والمجلّات.