العلو لغةً: مصدر من علا الشيءُ عُلُوًّا فهو عَليٌّ وعَلِيَ وتَعَلَّى، ويقال: عَلا فلانٌ الجبل إذا رَقِيَه وعَلا فلان فلانًا إذا قَهَره، والعَليُّ الرَّفيعُ، وتَعالَى تَـرَفَّع، وأصل هذه المادة يدلُّ على السموِّ والارتفاع. والهمَّة لغةً: ما هَمَّ به من أمر ليفعله، يقولون: إنه لعظيمُ الهَمِّ، وإِنه لَصغيرُ الهِمَّة، وإِنه لَبَعيدُ الهِمَّةِ والهَمَّةِ بالفتح.
يقول ابن القيم:
والهمة فعلة من الهمِّ، وهو مبدأ الإرادة، ولكن خصوها بنهاية الإرادة، فالهمُّ مبدؤها، والهمَّة نهايتها.
والهمة في الاصطلاح هي (توجه القلب وقصده بجميع قواه الروحانية إلى جانب الحق؛ لحصول الكمال له أو لغيره).
وأما علو الهمة فهو (استصغار ما دون النهاية من معالي الأمور، وطلب المراتب السامية).
يقول الراغب الأصفهاني:
والكبير الهمة على الإطلاق هو من لا يرضى بالهمم الحيوانية قدر وسعه، فلا يصير عبد رعاية بطنه، وفرجه، بل يجتهد أن يتخصص بمكارم الشريعة.
علو الهمة في القرآن
قال سبحانه: ((رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ)) [النور: 37]
(فهؤلاء الرجال هم أصحاب الهمم العالية، (ليسوا ممن يؤثر على ربه دنيا ذات لذات، ولا تجارة ومكاسب، مشغلة عنه، ((لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ)) وهذا يشمل كلَّ تكسب يقصد به العوض، فيكون قوله: ((وَلَا بَيْعٌ)) من باب عطف الخاص على العام، لكثرة الاشتغال بالبيع على غيره، فهؤلاء الرجال، وإن اتجروا، وباعوا، واشتروا، فإن ذلك، لا محذور فيه. لكنه لا تلهيهم تلك، بأن يقدموها ويؤثروها على ((ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ)) بل جعلوا طاعة الله وعبادته غاية مرادهم، ونهاية مقصدهم، فما حال بينهم وبينها رفضوه).
وقال تعالى: ((مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا)) [الأحزاب: 23].
وصف الله سبحانه وتعالى المؤمنين بوصف الرجال، الذين هم أصحاب الهمم العالية، فصدقوا ما عاهدوا الله عليه، و (وفوا به، وأتموه، وأكملوه، فبذلوا مهجهم في مرضاته، وسبلوا أنفسهم في طاعته. ((فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ)) أي: إرادته ومطلوبه، وما عليه من الحقِّ، فقتل في سبيل الله، أو مات مؤديًا لحقه، لم ينقصه شيئًا. ((وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ)) تكميل ما عليه، فهو شارع في قضاء ما عليه، ووفاء نحبه ولما يكمله، وهو في رجاء تكميله، ساع في ذلك، مجدٌّ).
قوله تعالى (في سورة آل عمران): Ra bracket.png وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ Aya-133.png La bracket.png
(ندب الله عباده إلى المبادرة إلى فعْل الخيرات، والمسارعة إلى نَيْل القُرُبات) ، وهو أمر من الله بالهمة العالية.
علو الهمة في السنة النبوية
روي عن أبو هريرة أن رسول الله قال:
علو الهمة احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز. علو الهمة
(وعامة نصوص الترغيب والترهيب في الوحيين الشريفين؛ إنما ترمي إلى توليد قوة دافعة تحرك قلب المؤمن، وتوجهه إلى إقامة الطاعات، وتجنب المعاصي والمخالفات، وإلى بعث الهمة وتحريكها واستحثاثها للتنافس في الخيرات، والأمثلة على ذلك أكثر من أن تحصر).
وعن حكيم بن حزام رضي الله عنه عن النبي ﷺ قال: ((اليد العليا خير من اليد السفلى، وابدأ بمن تعول، وخير الصدقة عن ظهر غنى، ومن يستعفف يعفه الله، ومن يستغن يغنه الله)).
قال ابن بطال: (فيه ندب إلى التعفف عن المسألة، وحض على معالي الأمور، وترك دنيئها، والله يحب معالي الأمور).
حِكَم ومقولات في علو الهمة
(وعامة نصوص الترغيب والترهيب في الوحيين الشريفين؛ إنما ترمي إلى توليد قوة دافعة تحرك قلب المؤمن، وتوجهه إلى إقامة الطاعات، وتجنب المعاصي والمخالفات، وإلى بعث الهمة وتحريكها واستحثاثها للتنافس في الخيرات، والأمثلة على ذلك أكثر من أن تحصر)
علوَّ الهمَّة من الأخلاق الرفيعة والصفات والكريمة، والخلال الحميدة، تهفو إليه النفوس الشريفة، وتتوق إليه قلوب العظام. وهذا الكتاب يبين تعريف علو الهمَّة، وأصناف الناس فيها، أسباب ضعف الهمم، وأسباب الارتقاء به، وبعض النماذج من حياة السلف.
قراءة و تحميل كتاب سلسلة التربية الإسلامية (7) التربية الأخلاقية PDF مجانا
قراءة و تحميل كتاب الجامع لأحكام الصلاة 12 الطبعة الأخيرة PDF مجانا
قراءة و تحميل كتاب التعزية وأحكامها في ضوء الكتاب والسنة PDF مجانا
قراءة و تحميل كتاب المنظومة الميمية في الوصايا والآداب العلمية للعلامة حافظ الحكمي PDF مجانا