❞ رواية العطر قصة قاتل ❝  ⏤ باتريك زوسكيند

❞ رواية العطر قصة قاتل ❝ ⏤ باتريك زوسكيند


ما عاد يشم أي شيء بعد، فقد خدرته المواد الأثرية التي استنشقها، ولم يعد قادرًا على تمييز ما ظن في بداية تجربته أنه قد توصل إلى تحليله بمنتهى الدقة والثقة. إنه لن يتوصل إلى معرفة صيغة هذا العطر المركب حسب الموضة الجديدة، اليوم على الأقل لن يتوصل إلى أي شيء، ولا غدًا عندما يرتاحأانفه إن شاء الله. لم يسبق له أبدًا أن تعلم طريقة الشم التحليلي التفكيكي. وكان يجد في عملية تجزئ العطر كريهًا مشؤومًا. كيف يجرؤ شغال المرء على تفكيك الكل المتكامل إلى مركباته أو حتى الأقل تكامل البسيطة! لم يهمه هذا العمل في شيء، ولم يرده لنفسه


لأول مرة أجد "أنفي" متورطا في قراءة رواية!!!0

مع زوسكند والقراءة الثالثة له...في رواية ذات حبكة فريدة، وفي عالم يضج بالروائح ما قرأت له مثيلا...وفي موضوع يلامس الحاسة الحادة عندي...فالروائح تسكن ذاكرتي...تستوطنني...ولبعضها تأثير السحر عليّ


زوسكند...بعالمه الغرائبي الذي بناه على الروائح قوّض عالمي وهزّه من أعماقه...فأن يسمي روايته بالعطر فذلك قمة الغرائبية...فالمفردة تمثل لنا تصورا مختلفا عما جاء به...فلا هي العطر بالمفهوم الطبيعي...ولا هي كذلك فقط قصة قاتل...ولا هي مرعبة كقصص الرعب!!!0

إلى أي عالم غريب أراد هذا العبقري أن يقودنا بخياله الواسع...أو يقود أنوفنا؟؟!!!0

وأي فكرة تلك التي أراد زوسكيند تمريرها؟؟

وأي روحٍ تلك التي منحها للروائح حتى تنطق بحقيقة الأشياء وتمنحها هويّتها؟؟

بناء فني محكم وعالم خصب بالخيال والتشويق والكثير من الجنون، أبدعه زوسكيند...مازج فيه بين السرد الروائي والسينمائي...ليهبنا القدرة على تصور المشاهد إضافة لشم روائح أجوائها


في فرنسا، وفي القرن الثامن عشر، وفي مجتمع يحفل بالعطر ويهتم به، ويقبل خاصّته على اقتناء أفضل العطور وأجملها، والعطارين على استخلاص المميز منها...يولد "جان باتيست غرنوي" لقيطا...في أحد الأحياء الفقيرة والمعدمة، ويبدأ حياته بإعدام والدته التي قررت تركه يموت بعد ولادته مباشرة...يولد "غرنوي" بشخصية بغيضة حتى تلفظه المرضعات، وبأنف خارق يتحسس أدق الروائح، وذاكرة شميّة يختزن بها كل رائحة يلتقطها أنفه بل ويشمها حال تذكّرها، ويملك القدرة على تحليلها وتركيبها وتصنيفها وصنع أجودها بخياله قبل أن يركبها في قارورة، رغم خلوه منها!!...وفي الوقت الذي يميز فيه الآخرين اتجاهاتهم ببصرهم وسمعهم، يعتمد هو على أنفه في تحديدها، ويحيا بشخصية غريبة مرهوبة متنقلا من بيت لبيت، حتى يلتقي بأحد أفضل العطارين ويتعلم منه أسرار المهنة ويجد المكان المناسب لموهبته، والتي لا يريد الاغتناء ماديا بها، وإنما فقط الاستمتاع بتلك المهارة وإثبات وجوده من خلالها...واستخلاص الروائح من كل ما يقع عليه نظره...والتوق لروائح لا مثيل لها، واستخلاصها بأشد الظروف غرابة ووحشية...بدءا بتقطيرها من الزهور وحتى استخدام أجساد الكائنات الحية وانتهاء بأجساد الفتيات العذراوات الجميلات.


من الصعب اختزال أحداث القصة...فأحداثها مليئة بالغرابة والتنوع، ولكن السرد يتصاعد ليتحول هذا الفتى إلى قتل خمس وعشرين فتاة، من أجل استخلاص العطر الأكثر فتنة وتأثيرا من أجسادهن...محاولا تجربته من أجل أن يمنحه انتباه الآخرين والإحساس بوجوده

وحين ظننت أن زوسكيند ينهي روايته بنجاة "غرنوي" من الإعدام بفضل عطره...فاجأتني النهاية الحقيقية القاسية بقتله في بلدته القديمة وعلى أيدي عدد من المشردين...ولنفس السبب الذي أنجاه...رائحة العطر الذي استخلصه من أجساد الفتيات...والذي كرّس حياته وجهده وتفكيره للحصول عليه وجمعه.

أرغمني زوسكيند على التعاطف مع شخصيته الرئيسية، رغم ظلاميتها وتشوهها، وقسوته في وصفها ظاهرا وباطنا...وخشيت في لحظة نجاته من القتل، من ابتسامة رضى ارتسمت على شفتي، وكأنني رغبت فعلا بنجاته رغم شناعة فعلته، ربما هي طفولته البائسة التي أتقن زوسكيند وصفها وأحاطنا بها...وربما لأنه فعل ذلك حتى يحصل على الحب الذي حرمه، والسعادة التي ما شعر بها يوما، ولتحقيق ذاته وإبراز داخله...وربما لأنه كشف الأقنعة الزائفة وعرّى البشر أمام أنفسهم وأبرز دواخلهم الملتوية

أبدع زوسكيند في مشهد إعدام "غرنوي"، فصدمته من موقف الآخرين تجاهه حطمت قناعاته، وأدرك أن الحب الذي جذبته الرائحة لم يعد شيئا يذكر بالنسبة له...ولم يعد مطلبا و "تصاعد فيه القرف من الإنسان ودسّ المرارة في نصره، فلا يمتنع عليه الفرح فحسب، بل ولا يشعر حتى بالتشفي. فما كان يحلم به، حب الناس، صار في لحظة النصر عبئًا لا يُطاق".


العطر...رواية تحمل الكثير من تفاصيل صناعة العطور وتقطيرها وتفرد صفحات لبيان مراحل استخلاصها وتقنيات إبداعها...وتحمل كذلك الكثير من المعاني المختفية خلف الأحداث الظاهرة...وتضعك أمام العديد من التساؤلات حول الرائحة والحب والهويّة والعلاقة بينهم...فالرائحة برأي زوسكيند تعد مفتاحا للحب، وللإحساس بالآخرين ووجودهم


رواية قد تكرهها جدا وقد تحبها جدا...وقد تخلف مشاعر متناقضة في نهايتها كما فعلت معي...ولكنها بالتأكيد جذبتني من أول حرف فيها
باتريك زوسكيند - باتريك زوسكيند Patrick Süskind (ولد في أمباخ 26 مارس 1949) هو كاتب روائي ألماني. من أشهر أعماله رواية العطر Das Parfum, التي حولت إلى فيلم سينمائي شهير.تعد رواية العطر Das Parfum هي أشهر أعمال باتريك زوسكيند, وقد ترجمت إلى حوالي 46 لغة من ضمنها العربية التي ترجمها نبيل الحفار ونشرتها دار المدى, وبيع منها ما يقرب من 15 مليون نسخة حول العالم. ❰ له مجموعة من الإنجازات والمؤلفات أبرزها ❞ العطر قصة قاتل ❝ ❞ هوس العمق وروايات أخرى ❝ ❞ العطر قصة قاتل ل باتريك زوسكيند ❝ ❞ عن الحب والموت ❝ ❞ حكاية السيد زومر ❝ الناشرين : ❞ المدى للإعلام والثقافة والفنون ❝ ❞ دار دال للنشر والتوزيع ❝ ❱
من روايات الأدب الألماني المترجمة - مكتبة القصص والروايات والمجلّات.


اقتباسات من رواية العطر قصة قاتل

نبذة عن الكتاب:
العطر قصة قاتل

2002م - 1445هـ

ما عاد يشم أي شيء بعد، فقد خدرته المواد الأثرية التي استنشقها، ولم يعد قادرًا على تمييز ما ظن في بداية تجربته أنه قد توصل إلى تحليله بمنتهى الدقة والثقة. إنه لن يتوصل إلى معرفة صيغة هذا العطر المركب حسب الموضة الجديدة، اليوم على الأقل لن يتوصل إلى أي شيء، ولا غدًا عندما يرتاحأانفه إن شاء الله. لم يسبق له أبدًا أن تعلم طريقة الشم التحليلي التفكيكي. وكان يجد في عملية تجزئ العطر كريهًا مشؤومًا. كيف يجرؤ شغال المرء على تفكيك الكل المتكامل إلى مركباته أو حتى الأقل تكامل البسيطة! لم يهمه هذا العمل في شيء، ولم يرده لنفسه


لأول مرة أجد "أنفي" متورطا في قراءة رواية!!!0

مع زوسكند والقراءة الثالثة له...في رواية ذات حبكة فريدة، وفي عالم يضج بالروائح ما قرأت له مثيلا...وفي موضوع يلامس الحاسة الحادة عندي...فالروائح تسكن ذاكرتي...تستوطنني...ولبعضها تأثير السحر عليّ


زوسكند...بعالمه الغرائبي الذي بناه على الروائح قوّض عالمي وهزّه من أعماقه...فأن يسمي روايته بالعطر فذلك قمة الغرائبية...فالمفردة تمثل لنا تصورا مختلفا عما جاء به...فلا هي العطر بالمفهوم الطبيعي...ولا هي كذلك فقط قصة قاتل...ولا هي مرعبة كقصص الرعب!!!0

إلى أي عالم غريب أراد هذا العبقري أن يقودنا بخياله الواسع...أو يقود أنوفنا؟؟!!!0

وأي فكرة تلك التي أراد زوسكيند تمريرها؟؟

وأي روحٍ تلك التي منحها للروائح حتى تنطق بحقيقة الأشياء وتمنحها هويّتها؟؟

بناء فني محكم وعالم خصب بالخيال والتشويق والكثير من الجنون، أبدعه زوسكيند...مازج فيه بين السرد الروائي والسينمائي...ليهبنا القدرة على تصور المشاهد إضافة لشم روائح أجوائها


في فرنسا، وفي القرن الثامن عشر، وفي مجتمع يحفل بالعطر ويهتم به، ويقبل خاصّته على اقتناء أفضل العطور وأجملها، والعطارين على استخلاص المميز منها...يولد "جان باتيست غرنوي" لقيطا...في أحد الأحياء الفقيرة والمعدمة، ويبدأ حياته بإعدام والدته التي قررت تركه يموت بعد ولادته مباشرة...يولد "غرنوي" بشخصية بغيضة حتى تلفظه المرضعات، وبأنف خارق يتحسس أدق الروائح، وذاكرة شميّة يختزن بها كل رائحة يلتقطها أنفه بل ويشمها حال تذكّرها، ويملك القدرة على تحليلها وتركيبها وتصنيفها وصنع أجودها بخياله قبل أن يركبها في قارورة، رغم خلوه منها!!...وفي الوقت الذي يميز فيه الآخرين اتجاهاتهم ببصرهم وسمعهم، يعتمد هو على أنفه في تحديدها، ويحيا بشخصية غريبة مرهوبة متنقلا من بيت لبيت، حتى يلتقي بأحد أفضل العطارين ويتعلم منه أسرار المهنة ويجد المكان المناسب لموهبته، والتي لا يريد الاغتناء ماديا بها، وإنما فقط الاستمتاع بتلك المهارة وإثبات وجوده من خلالها...واستخلاص الروائح من كل ما يقع عليه نظره...والتوق لروائح لا مثيل لها، واستخلاصها بأشد الظروف غرابة ووحشية...بدءا بتقطيرها من الزهور وحتى استخدام أجساد الكائنات الحية وانتهاء بأجساد الفتيات العذراوات الجميلات.


من الصعب اختزال أحداث القصة...فأحداثها مليئة بالغرابة والتنوع، ولكن السرد يتصاعد ليتحول هذا الفتى إلى قتل خمس وعشرين فتاة، من أجل استخلاص العطر الأكثر فتنة وتأثيرا من أجسادهن...محاولا تجربته من أجل أن يمنحه انتباه الآخرين والإحساس بوجوده

وحين ظننت أن زوسكيند ينهي روايته بنجاة "غرنوي" من الإعدام بفضل عطره...فاجأتني النهاية الحقيقية القاسية بقتله في بلدته القديمة وعلى أيدي عدد من المشردين...ولنفس السبب الذي أنجاه...رائحة العطر الذي استخلصه من أجساد الفتيات...والذي كرّس حياته وجهده وتفكيره للحصول عليه وجمعه.

أرغمني زوسكيند على التعاطف مع شخصيته الرئيسية، رغم ظلاميتها وتشوهها، وقسوته في وصفها ظاهرا وباطنا...وخشيت في لحظة نجاته من القتل، من ابتسامة رضى ارتسمت على شفتي، وكأنني رغبت فعلا بنجاته رغم شناعة فعلته، ربما هي طفولته البائسة التي أتقن زوسكيند وصفها وأحاطنا بها...وربما لأنه فعل ذلك حتى يحصل على الحب الذي حرمه، والسعادة التي ما شعر بها يوما، ولتحقيق ذاته وإبراز داخله...وربما لأنه كشف الأقنعة الزائفة وعرّى البشر أمام أنفسهم وأبرز دواخلهم الملتوية

أبدع زوسكيند في مشهد إعدام "غرنوي"، فصدمته من موقف الآخرين تجاهه حطمت قناعاته، وأدرك أن الحب الذي جذبته الرائحة لم يعد شيئا يذكر بالنسبة له...ولم يعد مطلبا و "تصاعد فيه القرف من الإنسان ودسّ المرارة في نصره، فلا يمتنع عليه الفرح فحسب، بل ولا يشعر حتى بالتشفي. فما كان يحلم به، حب الناس، صار في لحظة النصر عبئًا لا يُطاق".


العطر...رواية تحمل الكثير من تفاصيل صناعة العطور وتقطيرها وتفرد صفحات لبيان مراحل استخلاصها وتقنيات إبداعها...وتحمل كذلك الكثير من المعاني المختفية خلف الأحداث الظاهرة...وتضعك أمام العديد من التساؤلات حول الرائحة والحب والهويّة والعلاقة بينهم...فالرائحة برأي زوسكيند تعد مفتاحا للحب، وللإحساس بالآخرين ووجودهم


رواية قد تكرهها جدا وقد تحبها جدا...وقد تخلف مشاعر متناقضة في نهايتها كما فعلت معي...ولكنها بالتأكيد جذبتني من أول حرف فيها

.
المزيد..

تعليقات القرّاء:


لَمْحَةٌ عامَّةٌ عنِ الأدَبِ الألمانيّ

نبذة عن الرواية :
وصف رواية العطر PDF تأليف (باتريك زوسكيند) :
ما عاد يشم أي شيء بعد، فقد خدرته المواد الأثرية التي استنشقها، ولم يعد قادرًا على تمييز ما ظن في بداية تجربته أنه قد توصل إلى تحليله بمنتهى الدقة والثقة. إنه لن يتوصل إلى معرفة صيغة هذا العطر المركب حسب الموضة الجديدة، اليوم على الأقل لن يتوصل إلى أي شيء، ولا غدًا عندما يرتاحأانفه إن شاء الله. لم يسبق له أبدًا أن تعلم طريقة الشم التحليلي التفكيكي. وكان يجد في عملية تجزئ العطر كريهًا مشؤومًا. كيف يجرؤ شغال المرء على تفكيك الكل المتكامل إلى مركباته أو حتى الأقل تكامل البسيطة! لم يهمه هذا العمل في شيء، ولم يرده لنفسه

لأول مرة أجد "أنفي" متورطا في قراءة رواية!!!0

مع زوسكند والقراءة الثالثة له...في رواية ذات حبكة فريدة، وفي عالم يضج بالروائح ما قرأت له مثيلا...وفي موضوع يلامس الحاسة الحادة عندي...فالروائح تسكن ذاكرتي...تستوطنني...ولبعضها تأثير السحر عليّ


زوسكند...بعالمه الغرائبي الذي بناه على الروائح قوّض عالمي وهزّه من أعماقه...فأن يسمي روايته بالعطر فذلك قمة الغرائبية...فالمفردة تمثل لنا تصورا مختلفا عما جاء به...فلا هي العطر بالمفهوم الطبيعي...ولا هي كذلك فقط قصة قاتل...ولا هي مرعبة كقصص الرعب!!!0

إلى أي عالم غريب أراد هذا العبقري أن يقودنا بخياله الواسع...أو يقود أنوفنا؟؟!!!0

وأي فكرة تلك التي أراد زوسكيند تمريرها؟؟

وأي روحٍ تلك التي منحها للروائح حتى تنطق بحقيقة الأشياء وتمنحها هويّتها؟؟

بناء فني محكم وعالم خصب بالخيال والتشويق والكثير من الجنون، أبدعه زوسكيند...مازج فيه بين السرد الروائي والسينمائي...ليهبنا القدرة على تصور المشاهد إضافة لشم روائح أجوائها


في فرنسا، وفي القرن الثامن عشر، وفي مجتمع يحفل بالعطر ويهتم به، ويقبل خاصّته على اقتناء أفضل العطور وأجملها، والعطارين على استخلاص المميز منها...يولد "جان باتيست غرنوي" لقيطا...في أحد الأحياء الفقيرة والمعدمة، ويبدأ حياته بإعدام والدته التي قررت تركه يموت بعد ولادته مباشرة...يولد "غرنوي" بشخصية بغيضة حتى تلفظه المرضعات، وبأنف خارق يتحسس أدق الروائح، وذاكرة شميّة يختزن بها كل رائحة يلتقطها أنفه بل ويشمها حال تذكّرها، ويملك القدرة على تحليلها وتركيبها وتصنيفها وصنع أجودها بخياله قبل أن يركبها في قارورة، رغم خلوه منها!!...وفي الوقت الذي يميز فيه الآخرين اتجاهاتهم ببصرهم وسمعهم، يعتمد هو على أنفه في تحديدها، ويحيا بشخصية غريبة مرهوبة متنقلا من بيت لبيت، حتى يلتقي بأحد أفضل العطارين ويتعلم منه أسرار المهنة ويجد المكان المناسب لموهبته، والتي لا يريد الاغتناء ماديا بها، وإنما فقط الاستمتاع بتلك المهارة وإثبات وجوده من خلالها...واستخلاص الروائح من كل ما يقع عليه نظره...والتوق لروائح لا مثيل لها، واستخلاصها بأشد الظروف غرابة ووحشية...بدءا بتقطيرها من الزهور وحتى استخدام أجساد الكائنات الحية وانتهاء بأجساد الفتيات العذراوات الجميلات.


من الصعب اختزال أحداث القصة...فأحداثها مليئة بالغرابة والتنوع، ولكن السرد يتصاعد ليتحول هذا الفتى إلى قتل خمس وعشرين فتاة، من أجل استخلاص العطر الأكثر فتنة وتأثيرا من أجسادهن...محاولا تجربته من أجل أن يمنحه انتباه الآخرين والإحساس بوجوده

وحين ظننت أن زوسكيند ينهي روايته بنجاة "غرنوي" من الإعدام بفضل عطره...فاجأتني النهاية الحقيقية القاسية بقتله في بلدته القديمة وعلى أيدي عدد من المشردين...ولنفس السبب الذي أنجاه...رائحة العطر الذي استخلصه من أجساد الفتيات...والذي كرّس حياته وجهده وتفكيره للحصول عليه وجمعه.

أرغمني زوسكيند على التعاطف مع شخصيته الرئيسية، رغم ظلاميتها وتشوهها، وقسوته في وصفها ظاهرا وباطنا...وخشيت في لحظة نجاته من القتل، من ابتسامة رضى ارتسمت على شفتي، وكأنني رغبت فعلا بنجاته رغم شناعة فعلته، ربما هي طفولته البائسة التي أتقن زوسكيند وصفها وأحاطنا بها...وربما لأنه فعل ذلك حتى يحصل على الحب الذي حرمه، والسعادة التي ما شعر بها يوما، ولتحقيق ذاته وإبراز داخله...وربما لأنه كشف الأقنعة الزائفة وعرّى البشر أمام أنفسهم وأبرز دواخلهم الملتوية

أبدع زوسكيند في مشهد إعدام "غرنوي"، فصدمته من موقف الآخرين تجاهه حطمت قناعاته، وأدرك أن الحب الذي جذبته الرائحة لم يعد شيئا يذكر بالنسبة له...ولم يعد مطلبا و "تصاعد فيه القرف من الإنسان ودسّ المرارة في نصره، فلا يمتنع عليه الفرح فحسب، بل ولا يشعر حتى بالتشفي. فما كان يحلم به، حب الناس، صار في لحظة النصر عبئًا لا يُطاق".


العطر...رواية تحمل الكثير من تفاصيل صناعة العطور وتقطيرها وتفرد صفحات لبيان مراحل استخلاصها وتقنيات إبداعها...وتحمل كذلك الكثير من المعاني المختفية خلف الأحداث الظاهرة...وتضعك أمام العديد من التساؤلات حول الرائحة والحب والهويّة والعلاقة بينهم...فالرائحة برأي زوسكيند تعد مفتاحا للحب، وللإحساس بالآخرين ووجودهم


رواية قد تكرهها جدا وقد تحبها جدا...وقد تخلف مشاعر متناقضة في نهايتها كما فعلت معي...ولكنها بالتأكيد جذبتني من أول حرف فيها

 العطر .. قصة قاتل
فيلم العطر قصة قاتل
قراءة رواية العطر اون لاين
مقتطفات من رواية العطر
رواية العطر goodreads
العطر رواية الشخصيات
العطر قصة قاتل 
باتريك زوسكيند
1    

تحميل وقراءة وتصفح أولاين مباشر بدون روابط كتاب  العطر .. قصة قاتلpdf 



سنة النشر : 2002م / 1423هـ .
حجم الكتاب عند التحميل : 3.7 ميجا بايت .
نوع الكتاب : pdf.
عداد القراءة: عدد قراءة العطر قصة قاتل

اذا اعجبك الكتاب فضلاً اضغط على أعجبني
و يمكنك تحميله من هنا:


شكرًا لمساهمتكم

شكراً لمساهمتكم معنا في الإرتقاء بمستوى المكتبة ، يمكنكم االتبليغ عن اخطاء او سوء اختيار للكتب وتصنيفها ومحتواها ، أو كتاب يُمنع نشره ، او محمي بحقوق طبع ونشر ، فضلاً قم بالتبليغ عن الكتاب المُخالف:

برنامج تشغيل ملفات pdfقبل تحميل الكتاب ..
يجب ان يتوفر لديكم برنامج تشغيل وقراءة ملفات pdf
يمكن تحميلة من هنا 'http://get.adobe.com/reader/'

المؤلف:
باتريك زوسكيند - Patrick Suskind

كتب باتريك زوسكيند باتريك زوسكيند Patrick Süskind (ولد في أمباخ 26 مارس 1949) هو كاتب روائي ألماني. من أشهر أعماله رواية العطر Das Parfum, التي حولت إلى فيلم سينمائي شهير.تعد رواية العطر Das Parfum هي أشهر أعمال باتريك زوسكيند, وقد ترجمت إلى حوالي 46 لغة من ضمنها العربية التي ترجمها نبيل الحفار ونشرتها دار المدى, وبيع منها ما يقرب من 15 مليون نسخة حول العالم. ❰ له مجموعة من الإنجازات والمؤلفات أبرزها ❞ العطر قصة قاتل ❝ ❞ هوس العمق وروايات أخرى ❝ ❞ العطر قصة قاتل ل باتريك زوسكيند ❝ ❞ عن الحب والموت ❝ ❞ حكاية السيد زومر ❝ الناشرين : ❞ المدى للإعلام والثقافة والفنون ❝ ❞ دار دال للنشر والتوزيع ❝ ❱. المزيد..

كتب باتريك زوسكيند