التواضع من أخلاق الإسلام المباركة؛ من أجل ذلك أحببتُ أن أذكِّر نفسي وأحبَّائي طلاب العلم الكرام بمنزلة التواضع في الإسلام..
معنى التواضع:
التواضع: هو رضا الإنسان بمنزلة دون ما يستحقه فضله ومنزلته.
الفرق بين التواضع والتذلُّل:
• التذلل: إظهار العجز عن مقاومة من يتذلل له.
• التواضع: إظهار قدرة من يتواضع له، سواء كان ذا قدرة على المتواضع أو لا؛
منزلة التواضع:
التواضع خلق حميد، وجوهر لطيف، يستهوي القلوب، ويستثير الإعجاب والتقدير، وهو من أخص خصال المؤمنين المتقين، ومن كريم سجايا العاملين الصادقين، ومن شيم الصالحين المخبتين.
التواضع هدوء وسكينة ووقار واتزان، التواضع بشاشة وجه، ولطافة خلق، وحسن معاملة، بتمام التواضع وصفائه يتميز الخبيث من الطيب، والأبيض من الأسود، والصادق من الكاذب، وما تواضع أحد لله تعالى، إلا رفعه الله سبحانه.
المتواضع يبدأ من لقيه بالسلام، ويجيب دعوة من دعاه، كريم الطبع، جميل العشرة، طلق الوجه، رقيق القلب، متواضع من غير ذلة، جواد من غير إسراف؛
التواضع وصية رب العالمين:
حثَّنا الله تعالى على التواضع في كتابه العزيز، وسوف نذكر بعض هذه الآيات:
(1) قال الله تعالى: ﴿ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الشعراء: 215].
• قال الإمام القرطبي رحمه الله: ألن جانبك لمن آمن بك وتواضع لهم، وأصله أن الطائر إذا ضمَّ فرخه إلى نفسه بسط جناحه، ثم قبضه على الفرخ، فجعل ذلك وصفًا لتقريب الإنسان أتباعه..
مواضع التواضع
تواضع العبد عند أمر الله امتثالاً وعند نهيه اجتناباً.
قال ابن القيم : فإن النفس لطلب الراحة تتلكأ في أمره، فيبدو منها نوع إباء هرباً من العبودية، وتتوقف عند نهيه طلباً للظفر بما منع منه، فإذا وضع العبد نفسه لأمر الله ونهيه : فقد تواضع للعبودية.
تواضعه لعظمة الرب وجلاله وخضوعه لعزته وكبريائه.
قال ابن القيم : فكلما شمخت نفسُه ذَكَر عظمة الرب تعالى، وتفرده بذلك، وغضبه الشديد على من نازعه ذلك، فتواضعت إليه نفسه، وانكسر لعظمة الله قلبه، واطمأن لهيبته، وأخْبت لسلطانه، فهذا غاية التواضع، وهو يستلزم الأول من غير عكس. (أي يستلزم التواضع لأمر الله ونهيه، وقد يتواضع لأمر الله ونهيه من لم يتواضع لعظمته).
التواضع في اللباس والمشية.
عن عبدالله بن عمر أن النبي ﷺ قال : " بينما رجل يجرُّ إزاره من الخيلاء خُسف به فهو يتجلجل في الأرض إلى يوم القيامة ".
التواضع مع المفضول فيعمل معه ويعينه.
عن البراء بن عازب قال كان النبي ﷺ ينقل معنا التراب يوم الأحزاب ولقد رأيته وارى التراب بياض بطنه يقول : لولا أنت ما اهتدينا نحن ولا تصدقنا ولا صلينا فأنزلن سكينة علينا إن الألى وربما قال الملا قد بغوا علينا إذا أرادوا فتنة أبينا أبينا يرفع بها صوته.
التواضع في التعامل مع الزوجة وإعانتها.
عن الأسود قال : سألتُ عائشة ما كان النبي ﷺ يصنع في بيته ؟ قالت : كان يكون في مهنة أهله تعني : خدمة أهله، فإذا حضرت الصلاة خرج إلى الصلاة.
التواضع مع الصغار وممازحتهم
عن أنس بن مالك قال : كان النبي ﷺ أحسنَ الناس خلُقاً، وكان لي أخ يقال له " أبو عمير " قال : أحسبه فطيماً وكان إذا جاء قال : يا أبا عمير ما فعل النغير.
التواضع مع الخدم والعبيد.
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي ﷺ قال : " إذا أتى أحدَكم خادمُه بطعامه فإن لم يجلسه معه فليناوله لقمة أو لقمتين أو أكلة أو أكلتين فإنه وليَ حرَّه وعلاجَه.
مدح التواضع وذم الكبر من المسانيد الأخرى والجوامع تحميل مباشر :
مدح التواضع وذم الكبر من المسانيد الأخرى والجوامع
مدح التواضع وذم الكبر
المؤلف: علي بن الحسن بن هبة الله أبو القاسم ابن عساكر
المحقق: محمد عبد الرحمن النابلسي
الناشر: دار السنابل للطباعة والتوزيع والنشر
نبذة عن الكتاب :
قال الله تعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ ﴾ [المائدة: 54]. وقال الله لنبيه والخطاب عام له ولأمته: ﴿ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الشعراء: 215] وقال تعالى: ﴿ وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ ﴾ [لقمان: 18]. وقال جل وعلا: ﴿ كَذَلِكَ يَطْبَعُ ٱللَّهُ عَلَىٰ كُـلّ قَلْبِ مُتَكَبّرٍ جَبَّارٍ ﴾ [غافر:35].
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((ما زاد الله عبداً بعفو إلا عزاً، وما تواضع أحدٌ لله إلا رفعه اللهُ)).
الله أكبر: إن المتواضع يرفع الله سبحانه وتعالى منـزلته ومكانه وقدره فطوبى للمتواضعين.
إخواني يا من تحبون رسول الله صلى الله عليه وسلم، يا من تعتقدون أن لا سعادة ولا عزة ولا طريق إلى الجنة إلا باتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم والتأسي به؛ قال الله تعالى: ﴿ لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ في رَسُولِ الله أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لّمَن كَانَ يَرْجُو ٱللَّهَ وَٱلْيَوْمَ ٱلاْخِرَ وَذَكَرَ ٱللَّهَ كَثِيراً ﴾ [الأحزاب:21].
إنه سيد ولد آدم ليس فوقه أحد من البشر؛ إنه أحب الخلق إلى الله وأعظمهم جاهاً وقدراً عند رب العالمين. إنه صاحب الوسيلة وهي أعلى درجة في الجنة، منزلةٌ واحدةٌ ليست إلا له صلى الله عليه وسلم. إن الأرض ما وطئ عليها ولن يطأ عليها إلى يوم القيامة أكرم ولا أجل ولا أرفع منه صلى الله عليه وسلم.
ومع ذلك تأمل أخي المؤمن إلى تواضعه العجيب صلى الله عليه وسلم:
عن البراء بن عازب رضي الله عنهما قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم ينقل التراب يوم الخندق حتى أغبر بطنه.
ومن تواضعه صلى الله عليه وسلم رعيه الغنم وتحدثه بعد نبوته بذلك:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((ما بعث الله نبينا إلا وقد رعى الغنم وأنا كنت أرعاها لأهل مكة بالقراريط)) قال أهل العلم: رعى الغنم عمل ارتضاه الله لأنبيائه.
ومن أسرار ذلك الرعي تربية النفوس على التواضع و الخضوع لله تعالى.
ومن ذلك تواضعه صلى الله عليه وسلم مع الضعفاء والأرامل والمساكين والصبيان.
فعن سهل بن حنيف رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((كان يأتي ضعفاء المسلمين ويزورهم، ويعود مرضاهم، ويشهد جنائزهم)) يأتي ضعفاء المسلمين. فلم تشغله النبوة عن ذلك. ولم تمنعه مسؤوليتة تجاه أمته، ولا كثرة المهام التي يقوم بها من أن يجعل للضعفاء والمرضى نصيباً من الزيارة والعيادة واللقاء.
أيها المسلمون:
كان صلى الله عليه وسلم يمر بالصبيان فيسلم عليهم. وفي رواية: ((كان يزور الأنصار ويسلم على صبيانهم ويمسح رؤوسهم)).
إنك ترى - في عصرنا هذا - من يترفع عن الرجال الكبار فكيف يكون شأنه مع الصبيان والصغار؟
إنك لتجد بعض ضعفاء الإيمان يأنف أن يسلم على من يرى أنه أقل منه درجة أو منصباً، ولعل ما بينهما عند الله كما بين السماء والأرض!
ألا فليعلم أولئك أنهم على غير هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أخي المسلم تأمل يا رعاك الله في هذين الحديثين:
عن عروة بن الزبير رضي الله عنهما قال: سأل رجل عائشة رضي الله عنها: هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعمل في بيته؟ قالت: (نعم، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخصف نعله ويخيط ثوبه ويعمل في بيته كما يعمل أحدكم في بيته).
وعن عائشة رضي الله عنها وقد سئلت عما كان النبي صلى الله عليه وسلم يصنع في أهله؟ قالت: (كان في مهنة أهله فإذا حضرت الصلاة قام إلى الصلاة).
نور جعله الله سبحانه وتعالى في قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم فبان في سلوكه وفعاله وتواضعه وخدمة أهله. وبه كانت تسمو نفسه صلى الله عليه وسلم وتعلو.
ولم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل هذا من فراغ في وقته ولكنه كان يحقق العبودية لله سبحانه بجميع أنواعها وأشكالها وصورها فيتواضع ويعين ويعطف على القريب والبعيد.
عباد الله؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر)) فقال رجل: إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسناً ونعله حسنة؟ قال: ((إن الله جميل يحب الجمال، الكبر: بطر الحق وغمط الناس)).
وبطر الحق: دفعه ورده على قائله، غمط الناس: احتقارهم وازدراؤهم.
وعن عياض بن حمار رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((إن الله أوحى إليّ أن تواضعوا حتى لا يفخر أحد على أحد ولا يبغي أحد على أحد)).
وقال عليه الصلاة والسلام: (( ألا أخبركم بأهل النار، كل عتل جواظ مستكبر)).
قال الحسن رحمه الله: هل تدرون ما التواضع؟ التواضع: أن تخرج من منـزلك فلا تلقى مسلماً إلا رأيت له عليك فضلاً.
إن كل ما يتمتع به العبد من منصب أو مال أو علم أو غير ذلك منح وعطايا من الله عز وجل. ومثلما أعطاها إياه فهو سبحانه قادر على أن يسلبها منه في طرفة عين.لذلك لا يستقيم أبدًا أن تكون هذه العطايا من الله طريقًا للكبر.
وقال أبو علي الجوزجاني: النفس معجونة بالكبر والحرص على الحسد، فمن أراد الله هلاكه منع منه التواضع والنصيحة والقناعة، وإذا أراد الله تعالى به خيراً لطف به في ذلك. فإذا هاجت في نفسه نار الكبر أدركها التواضع من نصرة الله تعالى، قال سفيان بن عيينة: من كانت معصيته في شهوة فارج له التوبة فإن آدم عليه السلام عصي مشتهياً فاستغفر فغفر له، فإذا كانت معصيته من كبر فاخش عليه اللعنة. فإن إبليس عصى مستكبراً فلعن.
أخي المسلم:
من اتقى الله تعالى تواضع له فرفعه، والمتكبر وضيع وإن رأى نفسه مرتفعاً على الخلق.
تواضع تكن كالنجم لاح لناظر على صفحات الماء وهو رفيع.
ولا تك كالدخان يعلو بنفسـه إلى طبقات الجو وهو وضيـع.
قال الله تعالى: ﴿ تِلْكَ ٱلدَّارُ ٱلاْخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لاَ يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِى ٱلأرْضِ وَلاَ فَسَاداً وَٱلْعَـٰقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ ﴾ [القصص:83].
ح التواضع وذم الكبر
كتب عن التواضع pdf
بحث عن التواضع
قراءة و تحميل كتاب موسوعة فقه القلوب (ط. بيت الأفكار) PDF مجانا
قراءة و تحميل كتاب مَا يَنْفَعُ المُسلِمَ بَعْدَ مَوتِهِ PDF مجانا