كتاب خفايا الغربة

الغربة ليست مفارقة الأوطان ولكنها مفارقة من نحب، نظن أن الغربة شيء سهل يمكن أن نعتاده بعد فترة من الزمن، ثم تأتِ الأيام لتُثبت لنا أنها أكثر قسوة مما اعتقدنا، يُصبح اليوم الواحد في بعدنا عن أحبائنا ألف سنة، تبدأ الغربة بعزيمة قوية وقلب من حديد ومع الوقت يبلي ذلك القلب حتى يصبح كقطعة قماش بالية تأخذها الريح حيثما شاءت دون أن يقوي علي المقاومة، لم أشعر بضعفِ يومًا بقدر ما أشعر به الآن جراء غربتي، لم أعلم أن غيابي عن وطني سيترك فجوة كبيرة في الروح لا يكفي لسدها الكون بأكمله، أشتاق لوطني واحبائي حد الموت، إن أردت السفر فسافر ولكن يجب أن تعرف ما تخفيه لك الغربة قبل اتخاذ هذه الخطوة. أنا لا أقول إنك ستشتاق لأهلك وموطنك فقط، الموضوع أكبر من ذلك انه تحدي بينك وبين العالم أن تترك أسرتك وتسافر هذا يعتبر تحدي وأن تذهب لمكان لا تعرف فيه شخص وتبدأ من الصفر كالطفل الرضيع هذا يعتبر تحدي لا يوجد اصدقاء هناك أو أخوة لا يوجد سند أو حضن دافئ يحتويك من برد الدنيا ومآسي الغربة، لن تجد شخص تقص له ما بداخلك، كل شيء على الهاتف فقط، الأعياد والمناسبات تقضيها وحيداً دون الأحباب، ستفقد نفسك ككل شيء، الغربة تضحيه بحياة كاملة مبنيه المعالم لأجل حياة جديدة مجهولة. دائما هناك فكر منتشر لدي الجميع بأن هناك أماكن ودول أفضل من دولنا نستطيع أن نكون فيها أنفسنا بسرعة ونحقق أحلامنا فيها ولكن هذا اذا استطعت الاحتفاظ بنفسك فيها. وتذكر في الغربة يوجد شخص واحد فقط معك من بعد الله سبحانه وتعالى ذكرياتك السعيدة. للكاتب النذير اسماعيل
النذير إسماعيل أحمد -
من كتب الروايات والقصص - مكتبة القصص والروايات والمجلّات.