اهل البيت وخصائصهم
من هم اهل البيت ؟
ولا ريب أن الله قد أوجب فيها من حرمة خلفائه وأهل بيته والسابقين الأولين ، والتابعين لهم بإحسان ما أوجب . قال الله تعالى : (( يا أيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحاً جميلاً * وإن كنتن تردن الله ورسوله والدار الآخرة فإن الله أعد للمحسنات منكن أجراً عظيماً )) .
وقد روى الإمام أحمد والترمذي وغيرهما عن أم سلمة : أن هذه الآية لما نزلت أدار النبي صلى الله عليه وسلم كساءه على عليّ وفاطمة والحسن والحسين رضي الله عنهم فقال : ( اللهم هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً ) 3. وسنته تفسر كتاب الله وتبينه ، وتدل عليه ، وتعبر عنه . فلما قال : ( هؤلاء أهل بيتي ) مع أن سياق القرآن يدل على أن الخطاب مع أزواجه ، علمنا أن أزواجه وإن كن من أهل بيته كما دل عليه القرآن ، فهؤلاء أحق بأن يكونوا أهل بيته ، لأن صلة النسب أقوى من صلة الصهر ، والعرب تطلق هذا البيان للاختصاص بأصل الحكم ، كقول النبي صلى الله عليه وسلم ليس المسكين بالطواف الذي ترده اللقمة واللقمتان ، والتمرة والتمرتان ، وإنما المسكين الذي لا يجد غنى يغنيه ، ولا يتفطن له يتصدق عليه ، ولا يسأل الناس إلحافاً ) .
بين بذلك : أن هذا مختص بكمال المسكنة ، بخلاف الطواف فإنه لا تكمل فيه المسكنة ، لوجود من يعطيه أحياناً ، مع أنه مسكين أيضاً . ويقال : هذا هو العالم ، وهذا هو العدو ، وهذا هو المسلم، لمن كمل فيه ذلك وإن شاركه غيره في ذلك وكان دونه .
1 رواه الشيخان و الإمام أحمد .
2 أخرجه البخاري ومسلم ، عن أبي موسى .
3 اخرجه الترمذى واحمد ، صحيح الترمذى 3435
ونظير هذا في الحديث ما رواه مسلم في صحيحه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سئل عن المسجد الذي أسس على التقوى فقال : ( مسجدي هذا ) يعني مسجد المدينة . مع أن سياق القرآن في قوله عن مسجد الضرار : (( لا تقم فيه أبداً لمسجد أسس على التقوى من أول يوم أحق أن تقوم فيه فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين )) . يقتضى أنه مسجد قباء . فإنه قد تواتر أنه قال لأهل قباء: ( ماهذا الطهور الذي أثنى الله عليكم به ؟ فقالوا : لأننا نستنجي بالماء ) .1 لكن مسجده أحق بأن يكون مؤسساً على التقوى من مسجد قباء ، وإن كان كل منهما مؤسساً على التقوى ، وهو أحق أن يقوم فيه من مسجد الضرار ، فقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم : أنه كان يأتي قباء كل سبت راكباً وماشياً ، فكان يقوم في مسجده القيام الجامع يوم الجمعة ، ثم يقوم بقباء يوم السبت 2، وفي كل منهما قد قام في المسجد المؤسس على التقوى .
ولما بين سبحانه أنه يريد أن يذهب الرجس عن أهل بيته ويطهرهم تطهيرا ، دعا النبي صلى الله عليه وسلم لأقرب أهل بيته وأعظمهم اختصاصاً به ، وهم : علي ، وفاطمة ، رضي الله عنهما ، وسيدا شباب أهل الجنة ، جمع الله لهم بين أن قضى لهم بالتطهير ، وبين أن قضى لهم بكمال دعاء النبي صلى الله عليه وسلم ، فكان في ذلك ما دلنا على أن إذهاب الرجس عنهم وتطهيرهم نعمة من الله ليسبغها عليهم ، ورحمة من الله وفضل لم يبلغوهما بمجرد حولهم وقوتهم ، إذ لو كان كذلك لاستغنوا بهما عن دعاء النبي صلى الله عليه وسلم ، كما يظن من يظن أنه استغنى في هدايته وطاعته عن إعانة الله تعالى له ، وهدايته إياه .
وقد ثبت أيضاً بالنقل الصحيح : أن هذه الآيات لما نزلت قرأها النبي صلى الله عليه وسلم على أزواجه ، وخيرهن كما أمره الله ، فاخترن الله ورسوله والدار الآخرة ، ولذلك أقرهن ، ولم يطلقهن، حتى مات عنهن 3 ، ولو أردن الحياة الدنيا وزينتها لكان يمتعهن ويسرحهن كما أمره الله سبحانه وتعالى، فإنه صلى الله عليه وسلم أخشى الأمة لربه وأعلمهم بحدوده .
ولأجل ما دلت عليه هذه الآيات من مضاعفة للأجور والوزر بلغنا عن الإمام علي بن الحسين زين العابدين وقرة عين الإسلام أنه قال : ( إني لأرجو أن يعطي الله للمحسن منا أجرين ، وأخاف أن يجعل على المسيء منا وزرين ) .
1 اخرجه احمد وابن ماجه . صحيح ابن ماجه 1/62
2 رواه الشيخان
3 رواه الشيخان
وثبت في صحيح مسلم عن زيد بن أرقم أنه قال : خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بغدير يدعى ( خم ) بين مكة والمدينة فقال : ( وأهل بيتي ، أذكركم الله في أهل بيتي ، أذكركم الله في أهل بيتي ) . قيل لزيد بن أرقم : ومن أهل بيته ؟ قال : الذين حرموا الصدقة : آل علي ، وآل جعفر ، وآل عقيل ، وآل عباس . قيل لزيد : أكل هؤلاء أهل بيته ؟ قال : نعم ) 1 .
وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من وجوه صحاح أن الله لماأنزل عليه : (( إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليماً )) . سأل الصحابة : كيف يصلون عليه ؟ فقال : ( قولوا : اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد ، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد )2 . وفي حديث صحيح : ( اللهم صل على محمد وأزواجه وذريته ) .
قراءة و تحميل كتاب أخلاق النبي وآدابه صلى الله عليه وسلم (ت: الونيان) ج1 PDF مجانا
قراءة و تحميل كتاب الواقدي وكتابه المغازي منهجه ومصادره PDF مجانا
قراءة و تحميل كتاب منية السول في تفضيل الرسول صلى الله عليه وسلم (ت: المنجد) PDF مجانا
قراءة و تحميل كتاب القول القيم مما يرويه ابن تيمية وابن القيم PDF مجانا
قراءة و تحميل كتاب التعريف بالرسالة والرد على الشبهات المثارة في الغرب PDF مجانا
قراءة و تحميل كتاب الخصائص الكبرى أو كفاية الطالب اللبيب في خصائص الحبيب / ج1 PDF مجانا