لا شك أن العلم بتوحيد الله تعالى هو من أشرف العلوم، وأجلها وأفضلها يحتاجه الخلق كلهم، لأن به سعادتهم وفلاحهم وفوزهم ونجاتهم في هذه الدينا وفي الآخرة. وقد ألف العلماء الكتب الكثيرة في بيان هذا الأصل العظيم، ألا وهو توحيد الله، وصنفوا فيه المصنفات العديدة؛ ومن أفضل هذه المصنفات كتاب التوحيد للإمام محمد بن عبد الوهاب، حيث وضح فيه التوحيد الذي أوجبه الله على العباد، وخلقهم لأجله، وذكر فيه ما ينافي أصله من الشرك الأكبر، أو كماله الواجب من الشرك الأصغر والبدع، فصار بحق كتاباً فريداً بديعاً. هذا وقد تصدى لشرحه وتوضيحه ثلة من العلماء والأئمة، من بينهم حفيد المؤلف العلامة عبد الرحمن بن حسن بن محمد بن عبد الوهاب، في كتابه الذي نقلب صفحاته وهو "قرة عين الموحدين". فقام بشرح كتاب التوحيد شرحاً قيماً بأسلوب جميل، وعبارات سهلة، فيها من الفوائد والفرائد الشيء الكثير الكثير. ونظراً لأهمية هذا الشرح تم العمل على تحقيقه، حيث قام المحقق بضبط النص وتخريج أحاديثه، والتعليق عليه بما يتناسب والمقام. وتجدر الإشارة إلى أن صاحب هذا الشرح وكما ذكرنا سابقاً هو الشيخ عبد الرحمن بن حسن ابن شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب الذي ولد في مدينة الدرعية سنة 1193هـ. ونشأ بها، وتربى في حجر جده الإمام محمد بن عبد الوهاب حيث قتل والده شهيداً في معركة غرابة، فنشأ في جو علمي، وصار العلم هوايته، والدرس رغبته، وخلق الذكر مصدره ومورده، فحفظ القرآن الكريم، ولازم دروس جده وغيره من أهل العلم، وفقهه في العلوم الشرعية، وجدّ واجتهد وثابر حتى أدرك من أصول العلم وفروعه ما لم يدركه غيره. ألف العلامة عبد الرحمن العديد من المصنفات التي تدل على سعة علمه وكثرة أضلاعه. توفي سنة 1285 ودفن في مقبرة العود في الرياض.