كتاب خطورة الاستهزاء بالدينكتب إسلامية

كتاب خطورة الاستهزاء بالدين

هذه الفوائد المختارة من كتاب: "خطورة الاستهزاء بالدِّين"، لفضيلة الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن السعد –حفظه الله-. إن من الذنوب العظيمة التي تخرج فاعلها من دائرة الإسلام وتوجب له الخلود في نار جهنم الاستهزاء بالله أو رسوله أو كتابه أو المؤمنين، وحيث أن الموضوع واسع المجال لمن أراد أن يتكلم فيه، رأيت إيجاز القول في العناصر التالية: 1- تعريف الاستهزاء وذكر أمثله لذلك. 2- حكم الاستهزاء وبيان الأدلة على كفر المستهزئين وأقوال أهل العلم في ذلك. 3- حكم توبة المستهزئ وهل تقبل أم لا؟ 4- صور من الاستهزاء في وقتنا المعاصر. أما تعريفه: فإن الاستهزاء لغة: مصدر من قولهم: استهزأ يستهزئ، وهو مأخوذ من مادة (هـ-ز- أ) التي تدل على السخرية، أو على السخرية واللعب[1]. اهـ. قال بعض أهل العلم: ينقسم الاستهزاء إلى قسمين: 1- الاستهزاء الصريح: كالذي نزلت الآية فيه، وهو قولهم: ما رأينا مثل قرائنا هؤلاء، أرغب بطونًا، أو نحو ذلك من أقوال المستهزئين، وقول بعضهم: دينكم هذا دين خامس، وقول الآخر: دينكم أخرق، وقول الآخر إذا رأى الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر: جاءكم أهل الدِّيك، من باب السخرية بهم، وما أشبه ذلك مما لا يحصى، إلا بكلفة مما هو أعظم من قول الذين نزلت فيهم الآية[2]. قال الشيخ صالح الفوزان - رحمه الله -: ومثل هذا ما يقوله بعضهم: إن الإسلام لا يصلح للقرن العشرين، وإنما يصلح للقرون الوسطى، وإنه تأخر ورجعية، وأن فيه قسوة ووحشية في عقوبات الحدود والتعازير، وأنه ظلم المرأة حقوقها حيث أباح الطلاق وتعدد الزوجات؟ وقولهم: الحكم بالقوانين الوضعية أحسن للناس من الحكم بالإسلام، ويقولون في الذي يدعو إلى التوحيد وينكر عبادة القبور والأضرحة: هذا متطرف، أو يريد أن يفرق جماعة المسلمين، أو هذا وهابي أو مذهب خامس، وما أشبه هذه الأقوال التي كلها سب للدين وأهله واستهزاء بالعقيدة الصحيحة[3]. اهـ. 2- الاستهزاء غير الصريح: وهو البحر الذي لا ساحل له مثل الغمز بالعين، وإخراج اللسان، ومد الشفة، والغمز باليد عند تلاوة كتاب الله، أو سنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - أو عند الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. أما حكم الاستهزاء: فإنه كفر، وهو من نواقض الإسلام العشرة كما ذكر ذلك أهل العلم، وهو من أعظم صفات المنافقين والأدلة على ذلك كثيرة. قال تعالى: ﴿ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلَامِهِمْ وَهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا ﴾ [التوبة: 74]. وقال تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ * وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ * وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ * وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَؤُلَاءِ لَضَالُّونَ ﴾ [المطففين: 29 - 32]. وقال تعالى: ﴿ وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ ﴾ [التوبة: 65]. وسبب نزول هذه الآية: عن ابن عمر ومحمد بن كعب وزيد بن أسلم وقتادة: دخل حديث بعضهم في بعض، أن رجلًا كان مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في غزوة تبوك، فقال: "ما رأينا مثل قرائنا هؤلاء أرغب بطونًا، ولا أكذب ألسنًا، ولا أجبن عند اللقاء" وهو يعني بقوله هذا: النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه القراء - رضي الله عنهم - فذهب عوف إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فوجد القرآن قد سبقه، فجاء ذلك الرجل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد ارتحل وركب ناقته، فقال: يا رسول الله: إنما كنا نخوض ونلعب ونتحدث حديث الركب نقطع به الطريق، قال ابن عمر: فكأني انظر إليه متعلقًا بنسعة ناقة رسول الله - صلى الله عليه وسلم – وإن الحجارة لتنكب رجليه، وهو يقول: إنما كنا نخوض ونلعب، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ﴿ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ ﴾ [التوبة: 65]، ما يتلفت إليه وما يزيد عليه"[5]. قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: الاستهزاء بالله وآياته ورسوله كفر يكفر به صاحبه بعد إيمانه[6]. قال الإمام النووي - رحمه الله -: ولو قال وهو يتعاطى قدح الخمر، أو يقدم على الزنا: بسم الله استخفافًا بالله تعالى كفر[7]. وقال الشيخ محمد بن عبدالوهاب - رحمه الله – في كتابه "التوحيد": باب من هزل بشيء فيه ذكر الله أو القرآن أو الرسول، وفيه مسائل: الأولى وهي العظيمة: أن من هزل بهذا كافر[8]. وقال الشيخ سليمان بن عبدالله بن محمد بن عبدالوهاب: أجمع العلماء على كفر من فعل شيئًا من ذلك، فمن استهزأ بالله أو بكتابه أو برسوله أو بدينه كفر، لم يقصد حقيقة الاستهزاء إجماعًا[9]. اهـ. وسئل الشيخ محمد بن إبراهيم - رحمه الله تعالى -: الذي يبغض اللحية ويقول وساخة، هل هو مرتد؟ فأجاب: إن كان يعلم أنه ثابت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فهذا استهزاء بما جاء به الرسول - صلى الله عليه وسلم - فحري أن يحكم عليه بذلك[10]. وإن من الردة عن دين الله: ما يتلفظ به بعض أبناء المسلمين من كلمات كفرية، يخرجون بها من دين الإسلام وهم لا يشعرون؛ روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم – قال: "وإن الرجل ليتكلم بالكلمة ما يتبين ما فيها[11] يهوي بها في النار أبعد ما بين المشرق والمغرب"[12]. أما عن توبة المستهزئ: فقال الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله - في كتابه: "القول المفيد في شرح كتاب التوحيد": وقد اختلف العلماء فيمن سب الله أو رسوله أو كتابه : هل تقبل توبته أم لا؟ على قولين: الأول: أنها لا تقبل توبته، بل يقتل كافرًا، ولا يصلى عليه، ولا يدعى له بالرحمة، وهو المشهور عند الحنابلة. الثانية: أنها تقبل إذا علمنا صدقه، وأقر على نفسه بالخطأ، ووصف الله تعالى بما يستحق من صفات التعظيم[13]. ومن صور الاستهزاء التي نرى ونسمع وللأسف في هذه الأيام: هذا المقالات السيئة والرسوم الساخرة التي تكتب في الجرائد والمجلات والكتب، ويزعمون أنها للتسلية وفيها الكفر والردة عن الدين. أحدهم رسم ديكًا تتبعه أربع دجاجات يقصد السخرية من تعدد الزوجات، وآخر كتب مقالًا تهجم فيه على الحجاب، وزعم أنه تخلف ورجعية، وآخر سول له الشيطان سوء عمله فجعل القرآن شعرًا يتغنى به على أنغام الموسيقى، نسأل الله السلامة والعافية. وينبغي أن يعلم أنه يجب الإنكار على هؤلاء المستهزئين وتنبيههم على عظيم جرمهم وخطورته، فإن لم يستجيبوا فلا يجوز الجلوس معهم في مجلس واحد، قال تعالى: ﴿ وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا ﴾ [النساء: 140]. سئل الشيخ عبدالعزيز بن باز - رحمه الله - عن الصحف والمجلات والكتب التي تنشر المقالات الإلحادية والصور الخليعة وتشيد بالكفار والفجار وأهل الفن، وهل يجوز شرائها أو بيعها أو الترويج لها؟ فأجاب: الصحف التي هذا شأنها يجب أن تقاطع وأن لا تشترى ويجب على الدولة إذا كانت إسلامية أن تمنعها لأن هذه تضر المجتمع وتضر المسلمين فالواجب على المسلم أن لا يشتر
عبد الله بن عبد الرحمن السعد - ❰ له مجموعة من الإنجازات والمؤلفات أبرزها ❞ مختصر الدعوات والأذكار المأثورة عن النبي المختار في اليوم والليلة ❝ ❞ جزء في أحاديث ليلة النصف من شعبان ❝ ❞ البرهان في وجوب اللجوء إلى الواحد الديان ❝ ❞ التباين المنهجي بين المتقدمين والمتأخرين في علوم الحديث ❝ ❞ خطورة الاستهزاء بالدين ❝ ❞ الحج أحكامه وصفته ❝ ❞ أحكام عشر ذي الحجة ❝ ❞ الحوثيون وبيان خطرهم على الأمة ❝ ❞ جهالة الراوي ❝ الناشرين : ❞ دار القاسم للنشر والتوزيع ❝ ❱
من كتب إسلامية متنوعة - مكتبة كتب إسلامية.

وصف الكتاب : هذه الفوائد المختارة من كتاب: "خطورة الاستهزاء بالدِّين"، لفضيلة الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن السعد –حفظه الله-.

إن من الذنوب العظيمة التي تخرج فاعلها من دائرة الإسلام وتوجب له الخلود في نار جهنم الاستهزاء بالله أو رسوله أو كتابه أو المؤمنين، وحيث أن الموضوع واسع المجال لمن أراد أن يتكلم فيه، رأيت إيجاز القول في العناصر التالية:

1- تعريف الاستهزاء وذكر أمثله لذلك.

2- حكم الاستهزاء وبيان الأدلة على كفر المستهزئين وأقوال أهل العلم في ذلك.

3- حكم توبة المستهزئ وهل تقبل أم لا؟

4- صور من الاستهزاء في وقتنا المعاصر.

أما تعريفه:

فإن الاستهزاء لغة: مصدر من قولهم: استهزأ يستهزئ، وهو مأخوذ من مادة (هـ-ز- أ) التي تدل على السخرية، أو على السخرية واللعب[1]. اهـ.

قال بعض أهل العلم: ينقسم الاستهزاء إلى قسمين:

1- الاستهزاء الصريح:

كالذي نزلت الآية فيه، وهو قولهم: ما رأينا مثل قرائنا هؤلاء، أرغب بطونًا، أو نحو ذلك من أقوال المستهزئين، وقول بعضهم: دينكم هذا دين خامس، وقول الآخر: دينكم أخرق، وقول الآخر إذا رأى الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر: جاءكم أهل الدِّيك، من باب السخرية بهم، وما أشبه ذلك مما لا يحصى، إلا بكلفة مما هو أعظم من قول الذين نزلت فيهم الآية[2].

قال الشيخ صالح الفوزان - رحمه الله -: ومثل هذا ما يقوله بعضهم: إن الإسلام لا يصلح للقرن العشرين، وإنما يصلح للقرون الوسطى، وإنه تأخر ورجعية، وأن فيه قسوة ووحشية في عقوبات الحدود والتعازير، وأنه ظلم المرأة حقوقها حيث أباح الطلاق وتعدد الزوجات؟ وقولهم: الحكم بالقوانين الوضعية أحسن للناس من الحكم بالإسلام، ويقولون في الذي يدعو إلى التوحيد وينكر عبادة القبور والأضرحة: هذا متطرف، أو يريد أن يفرق جماعة المسلمين، أو هذا وهابي أو مذهب خامس، وما أشبه هذه الأقوال التي كلها سب للدين وأهله واستهزاء بالعقيدة الصحيحة[3]. اهـ.

2- الاستهزاء غير الصريح:

وهو البحر الذي لا ساحل له مثل الغمز بالعين، وإخراج اللسان، ومد الشفة، والغمز باليد عند تلاوة كتاب الله، أو سنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - أو عند الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

أما حكم الاستهزاء:

فإنه كفر، وهو من نواقض الإسلام العشرة كما ذكر ذلك أهل العلم، وهو من أعظم صفات المنافقين والأدلة على ذلك كثيرة.

قال تعالى: ﴿ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلَامِهِمْ وَهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا ﴾ [التوبة: 74].

وقال تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ * وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ * وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ * وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَؤُلَاءِ لَضَالُّونَ ﴾ [المطففين: 29 - 32].

وقال تعالى: ﴿ وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ ﴾ [التوبة: 65].

وسبب نزول هذه الآية: عن ابن عمر ومحمد بن كعب وزيد بن أسلم وقتادة: دخل حديث بعضهم في بعض، أن رجلًا كان مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في غزوة تبوك، فقال: "ما رأينا مثل قرائنا هؤلاء أرغب بطونًا، ولا أكذب ألسنًا، ولا أجبن عند اللقاء" وهو يعني بقوله هذا: النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه القراء - رضي الله عنهم - فذهب عوف إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فوجد القرآن قد سبقه، فجاء ذلك الرجل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد ارتحل وركب ناقته، فقال: يا رسول الله: إنما كنا نخوض ونلعب ونتحدث حديث الركب نقطع به الطريق، قال ابن عمر: فكأني انظر إليه متعلقًا بنسعة ناقة رسول الله - صلى الله عليه وسلم – وإن الحجارة لتنكب رجليه، وهو يقول: إنما كنا نخوض ونلعب، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ﴿ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ ﴾ [التوبة: 65]، ما يتلفت إليه وما يزيد عليه"[5].

قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: الاستهزاء بالله وآياته ورسوله كفر يكفر به صاحبه بعد إيمانه[6].

قال الإمام النووي - رحمه الله -: ولو قال وهو يتعاطى قدح الخمر، أو يقدم على الزنا: بسم الله استخفافًا بالله تعالى كفر[7].

وقال الشيخ محمد بن عبدالوهاب - رحمه الله – في كتابه "التوحيد": باب من هزل بشيء فيه ذكر الله أو القرآن أو الرسول، وفيه مسائل:

الأولى وهي العظيمة: أن من هزل بهذا كافر[8].

وقال الشيخ سليمان بن عبدالله بن محمد بن عبدالوهاب: أجمع العلماء على كفر من فعل شيئًا من ذلك، فمن استهزأ بالله أو بكتابه أو برسوله أو بدينه كفر، لم يقصد حقيقة الاستهزاء إجماعًا[9]. اهـ.

وسئل الشيخ محمد بن إبراهيم - رحمه الله تعالى -: الذي يبغض اللحية ويقول وساخة، هل هو مرتد؟

فأجاب: إن كان يعلم أنه ثابت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فهذا استهزاء بما جاء به الرسول - صلى الله عليه وسلم - فحري أن يحكم عليه بذلك[10].

وإن من الردة عن دين الله: ما يتلفظ به بعض أبناء المسلمين من كلمات كفرية، يخرجون بها من دين الإسلام وهم لا يشعرون؛ روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم – قال: "وإن الرجل ليتكلم بالكلمة ما يتبين ما فيها[11] يهوي بها في النار أبعد ما بين المشرق والمغرب"[12].

أما عن توبة المستهزئ:
فقال الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله - في كتابه: "القول المفيد في شرح كتاب التوحيد":

وقد اختلف العلماء فيمن سب الله أو رسوله أو كتابه : هل تقبل توبته أم لا؟ على قولين:

الأول: أنها لا تقبل توبته، بل يقتل كافرًا، ولا يصلى عليه، ولا يدعى له بالرحمة، وهو المشهور عند الحنابلة.

الثانية: أنها تقبل إذا علمنا صدقه، وأقر على نفسه بالخطأ، ووصف الله تعالى بما يستحق من صفات التعظيم[13].

ومن صور الاستهزاء التي نرى ونسمع وللأسف في هذه الأيام:

هذا المقالات السيئة والرسوم الساخرة التي تكتب في الجرائد والمجلات والكتب، ويزعمون أنها للتسلية وفيها الكفر والردة عن الدين.

أحدهم رسم ديكًا تتبعه أربع دجاجات يقصد السخرية من تعدد الزوجات، وآخر كتب مقالًا تهجم فيه على الحجاب، وزعم أنه تخلف ورجعية، وآخر سول له الشيطان سوء عمله فجعل القرآن شعرًا يتغنى به على أنغام الموسيقى، نسأل الله السلامة والعافية.


وينبغي أن يعلم أنه يجب الإنكار على هؤلاء المستهزئين وتنبيههم على عظيم جرمهم وخطورته، فإن لم يستجيبوا فلا يجوز الجلوس معهم في مجلس واحد، قال تعالى: ﴿ وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا ﴾ [النساء: 140].

سئل الشيخ عبدالعزيز بن باز - رحمه الله - عن الصحف والمجلات والكتب التي تنشر المقالات الإلحادية والصور الخليعة وتشيد بالكفار والفجار وأهل الفن، وهل يجوز شرائها أو بيعها أو الترويج لها؟

فأجاب: الصحف التي هذا شأنها يجب أن تقاطع وأن لا تشترى ويجب على الدولة إذا كانت إسلامية أن تمنعها لأن هذه تضر المجتمع وتضر المسلمين فالواجب على المسلم أن لا يشتر


للكاتب/المؤلف : عبد الله بن عبد الرحمن السعد .
دار النشر : .
عدد مرات التحميل : 5722 مرّة / مرات.
تم اضافته في : الأحد , 24 مارس 2019م.
حجم الكتاب عند التحميل : 229.6 كيلوبايت .

ولتسجيل ملاحظاتك ورأيك حول الكتاب يمكنك المشاركه في التعليقات من هنا:

عمليات بحث متعلقة بـ خطورة الاستهزاء بالدين
خطورة الاستهزاء بالدين موضوع

حكم الاستهزاء بالدِّين

آيات الاستهزاء بالدين

حكم الاستهزاء بالدِّين لإضحاك الناس

اوجه رسالة مناصحة حول خطورة الاستهزاء بالدين

أنواع الاستهزاء بالدين

كيف يكون الاستهزاء بالدِّين

أسباب الاستهزاء بالدين

 

-       قال أبو حامد الغزالي في «الإحياء» (3/ 131)

«ومعنى السخرية: الاستهانة والتحقير والتنبيه على العيوب والنقائص على وجه يُضحك منه وقد يكون ذلك بالمحاكاة في الفعل والقول، وقد يكون بالإشارة والإيماء» (٦)

-       وقال ابن تيمية (540، 541): «وإذا لم يكن للسب حدٌّ معروفٌ في اللغة ولا في الشرع فالمرجع فيه إلى عُرف الناس؛ فما كان في العُرف سبًّا للنبيِّ ﷺ فهو الذي يجب أن نُنزِل عليه كلام الصحابة والعلماء وما لا فلا»

-       وقال أيضًا (542-543): «وإنَّ جماع ذلك أنَّ ما يعرف الناس أنه سبٌ فهو سبّ، وقد يختلف ذلك باختلاف الأحوال والاصطلاحات والعادات وكيفية الكلام و نحو ذلك، وما اشتبه فيه الأمر أُلحِق بنظيره وشبهه».(٧)

-       أدلَّة أنَّ الاستهزاء باللهأو الرسول أو الدين من نواقض الإسلام

-       الدليل على أن ذلك من نواقض الإسلام من أربعة أوجه:

الأول- ما جاء في كتاب الله عز وجل: وهو قوله تعالى: (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآَيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ)[التوبة: 65، 66] فهذه الآية فيها النصُّ الواضح على أنَّ من استهزأ بآيات الله عزَّ وجل أو برسوله ﷺ أنه كافر بالله العظيم.

قال أبو العباس ابن تيمية في «الصارم المسلول»(32، 33): «فهؤلاء لما تنقَّصوا النبي ﷺ حيث عابوه والعلماء من أصحابه، واستهانوا بخبره، أخبر الله أنهم كفروا بذلك إن قالوه استهزاء، (فكيف بما هو أغلظ من ذلك) وإنما لم يُقِم الحدَّ عليهم لكون جهاد المنافقين لم يكن قد أُمِرَ به إذا ذاك، بل كان مأمورًا بأن يدع أذاهم، ولأنه كان له أن يعفو عمَّن تنقصه آذاه» (٨)

-       قال الشيخ عبد الله السعد: وقد بيَّن الله عزَّ وجل في آيات كثيرة من كتابه الكريم أنَّ من صفات الكفار والمنافقين الاستهزاء بالله جل وعلا وبآياته وبرسله وبالذين آمنوا، وأنَّ هذا الصفات من أبرز صفاتهم، وأن من أسباب عذابهم هو استهزاؤهم.(٩)

-       فمن الآيات الدالة على استهزائهم بالرسل: قوله تعالى: (وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَحَاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ)الأنعام: 10.

-       ومن الآيات الدالة على استهزائهم بآيات الله قوله تعالى: (وَلَا تَتَّخِذُوا آَيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا)(٩).

-       ومن الآيات الدالة على استهزائهم بالدين: قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ)(١٠)

-       ومن الآيات الدالة على استهزائهم بالمؤمنين: قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آَمَنُوا يَضْحَكُونَ * وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ * وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ * وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَؤُلَاءِ لَضَالُّونَ * وَمَا أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ * فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ)(١١)

-       الاستهزاء من صفات الجاهلين

-       وقد أخبر الله عز وجل عن موسى عليه السلام مع قومه، فقال: (وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً قَالُوا أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ)

قال الشيخ عبد الله السعد : فالاستهزاء بأوامر الله جلَّ وعلا من صفات الجاهلين وهم الكفار كما تقدم في الآيات السابقة البعيدين عن العلم بالله عز وجل وآياته ورسله

وبالتالي كل من استهزأ بدين الله وشرعه فإنه سوف يكون مثل هؤلاء الكافرين، وحُكمه كحكمهم، كما قال تعالى: (وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آَيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا)(١٣)

والثاني:

-       السنة: والدليل على ذلك ما أخرجه ابن جرير (14/333) وابن أبي حاتم (6/1829) كلاهما من حديث هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رجل في غزوة تبوك في مجلسك ما رأيت مثل قرائنا هؤلاء، أرغب بطونًا ولا أكذب ألسُنًا، ولا أجبن عند اللقاء! فقال رجل في المجلس: كذبت ولكنك منافق، لأخبرنَّ رسول الله ﷺ فبلغ ذلك رسول الله ﷺ ونزل القرآن، فقال عبد الله بن عمرو: أنا رأيته متعلِّقًا بحقب ناقة رسول الله ﷺ تنكبه الحجارة وهو يقول: يا رسول الله، إنما كنا نخوض و نلعب، ورسول الله ﷺ يقول: (أَبِاللَّهِ وَآَيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ)التوبة: 65.

-       قال الشيخ عبد الله السعد: وهذا الإسناد إسناد حسن لا بأس به، فهشام بن سعد لا بأس به، وبالذات في زيد بن أسلم، وزيد بن أسلم اختلف في سماعه من ابن عمر، والصواب: أنه سمع منه فقد صرح في بعض الأحاديث بالسماع منه.(١٤).

والثالث:

-       إجماع المسلمين قاطبة: على أنَّ الاستهزاء بشيءٍ من الدين كفر أكبر مخرج من الملَّة، وقد نقل هذا الإجماع بعض أهل العلم ومنهم أبو بكر بن العربي، والشيخ سليمان ابن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب رحمه الله على الجميع.

قال أبو بكر بن العربي في «أحكام القرآن»(2/543): «لا يخلوا أن يكون ما قالوه من ذلك جِدًّا أو هزلاً، وهو كيفما كان كُفر؛ فإن الهزل بالكفر كفر، لا خلاف فيه بين الأمَّة، فإنَّ التحقيق أخو الحق والعلم، والهزل أخو الباطل والجهل» اﻫ.

وقال الشيخ سليمان بن عبد الله في كتابه «تيسير العزيز الحميد» (553): «باب من هزل بشيء فيه ذكر الله أو القرآن أو الرسول ﷺ أي: أنه يكفر بذلك لاستخفافه بجناب الربوبية والرسالة، وذلك منافٍ للتوحيد، ولهذا أجمع العلماء على كُفر من فعل شيئًا من ذلك، فمن استهزأ بالله أو بكتابه أو برسوله أو بدينه كفر، ولو هازلاً لم يقصد حقيقة الاستهزاء إجماعًا»

-       وقال أبو العباس ابن تيمية في «الصارم المسلول» (546): «فصل فيمن سبَّ الله تعالى، فإن كان مسلمًا وجب قتله بالإجماع لأنه بذلك كافر مرتد وأسوأ من الكافر، فإنَّ الكافر يعظم الرب، ويعتقد أنَّ ما هو عليه من الدين الباطل ليس استهزاءً بالله ولا مسبةً له».(١٧)

-       والرابع: أنَّ من جلس مع الذين يستهزئون بآيات الله ولم ينكر عليهم ولم يفارقهم وهو قادر على ذلك فهو مثلهم كما تقدَّم في الآية السابقة، وسوف يأتي بإذن الله، مزيد بحث لذلك فكيف بالمستهزئ نفسه

-       ومن المعلوم أنَّ الذين استهزءوا في عهد الرسول rلم يستهزئوا كلهم، بل تكلّم اثنان وسكت الثالث، ولكنه لم يُنكر ولم يفارقهم

-       فأصبح حُكمه كحكمهم، ولذا نزلت الآية الكريمة بالحكم على جميعهم بالكفر كما قال تعالى (لاتَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ) ثم قال تعالى: (إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً) إشارة إلى هذا الثالث الذي تاب توبةً صادقةً؛ فتوبته الصادقة منعت العذاب عنه.

قال القرطبي في «جامعه» (5/418): «قوله تعالى: (فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ) أي: غير الكفر (إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ) فدلَّ بهذا على وجوب اجتناب أصحاب المعاصي إذا ظهر منهم منكر؛ لأنَّ من لم يجتنبهم فقد رضي فعلهم والرضا بالكفر كفر، قال الله عز وجل (إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ)

قال الشيخ عبد الله السعد: فكلُّ من جلس في مجلس معصية ولم يُنكر عليهم يكون معهم في الوزر سواء وينبغي أن ينكر عليهم إذا تكلَّموا بالمعصية وعملوا بها فإن لم يقدر على النكير عليهم فينبغي أن يقوم عنهم حتى لا يكون من أهل هذه الآية.

وقد رُوِي عن عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه أنه أخذ قومًا يشربون الخمر، فقيل له عن أحد الحاضرين إنه صائم: فحمل عليه الأدب وقرأ هذه الآية (إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ) أي أنَّ الرضا بالمعصية معصية، ولهذا يؤاخذ الفاعل والراضي بعقوبة المعاصي حتى يهلكوا بأجمعهم.

وهذه المماثلة ليست في جميع الصفات، ولكنه إلزام شبه بحكم الظاهر من المقارنة (١٨)

-       قال الشيخ السعد: وقد تقدَّم.. وإذا ثبت تجنُّب أصحاب المعاصي كما بيَّنا فتجنُّب أهل البدع والأهواء أولى.(١٩)

-       قال الشيخ السعد: فكلُّ من استهزاء بالله عز وجل أو بالرسول ﷺ أو بشيءٍ من الدين والعياذ بالله فإنه يكون كافرًا.

قال أبو العباس ابن تيمية في «الصارم المسلول»(551): «وأمَّا الساب فإنه مظهر للتنقُّص والاستخفاف والاستهانة بالله مُنهك لحرمته انتهاكًا يعلم هو من نفسه أنه منتهكٌ مستخِفٌّ مستهزئٌ، ويعلم من نفسه أنه قد قال عظيمًا، وأنَّ السموات والأرض تكاد تنفطر من مقالته، وتخرُّ الجبال، وأن ذلك أعظم من كلِّ كفر وهو يعلم، أن ذلك كذلك» (٢٠)

-       أحوال المستهزئ:

المستهزئ بالله أو الرسول ﷺ أو دين الإسلام له ثلاث حالات، وكلُّ حالة لهم حُكم.

الأولى: أن يكون معتقدًا للسخرية والاستهزاء ومصدقًا بذلك، والاعتقاد هو عقد القلب على شيءٍ ما.

والثانية: أن يكون عن قصد ولكن بغير اعتقاد

وقد سبق حديث ابن عمر في الرجل الذي كان في مجلس و قال: ما رأيت مثل قرائنا هؤلاء، أرغب بطونًا ولا أكذب ألسنًا ولا أجبن عند اللقاء! فقال رجل في المجلس، كذبت ولكنك منافق، لأخبرنَّ رسول الله ﷺ فبلغ ذلك رسول الله ﷺ ونزل القرآن فقال عبد الله بن عمر: أنا رأيته متعلقًا بحقب ناقة رسول الله ﷺ تنكبه الحجارة وهو يقول: يا رسول الله، إنما كنا نخوض ونلعب، ورسول الله ﷺ يقول : (أَبِاللَّهِ وَآَيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ)

-       قال الشيخ السعد : وحكم المستهزئ القاصد للاستهزاء، سواء كان معتقدًا أو غير معتقد واحد، وهو أنه يكون كافرًا بالله العظيم لأنه لا يمكن أن يجتمع الاستهزاء مع الإيمان بالله عزَّ وجل، فلا يمكن أن يكون الإنسان عنده إيمان ويستهزئ بالله أو برسوله أو بدينه، ولذلك قال الله عز وجل: (لاتَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ) ولكنَّ الاستهزاء مع الاعتقاد يكون أشد كفرًا من الاستهزاء بدون اعتقاد.

الثالثة: أن يكون الاستهزاء عن سبق لسان وخطأ، كأن يريد الإنسان أن يقول كلمة ليس فيها استهزاء فيسبق لسانه إلى كلمة أخرى فيها استهزاء، خطأً من غير قصد، فهذا لا يؤاخذ بذلك.

ومما يدلُّ على ذلك: ما رواه مسلم (2747) من حديث إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله ﷺ «لله أشد فرحًا بتوبة عبده حين يتوب إليه من أحدكم كان على راحلة بأرض فلاة، فانفلتت منه وعليها طعامه وشرابه، فأيس منها فأتى شجرة فاضطجع في ظلها قد أيس من راحلته، فبينا هو كذلك إذا هو بها قائمة عنده، فأخذ بخطامها، ثم قال من شدة الفرح، "اللهم أنت عبدي وأنا ربك"، أخطأ من شدة الفرح».

-       قال الشيخ السعد: فهذا لم يؤاخذ بذلك، لأنه لم يكن قاصدًا لهذه الكلمة، وإما سبق لسانه إليها خطأ.(٢٤)

-       الاستهزاء ينقسم إلى نوعين:

النوع الأول: الاستهزاء الصريح

وهو الذي يكون بالقول كما حصل من النفر الذين قصَّ الله خبرهم.

والنوع الثاني: الاستهزاء غير الصريح

وهو في الغالب يكون بالفعل؛ مثل أن يحرك لسانه بقصد السخرية والانتقاص، كأن يذكر الرسول ﷺ عنده، فيحرك لسانه يريد الانتقاص، أو يحرك حاجبه يريد التقليل من شأنه ﷺ فهذا من الاستهزاء غير الصريح.(٢٥)

-       حكم من حضر الاستهزاء

هذا له ثلاث حالات:

الأولى: أن ينكر على هذا المستهزئ، وهذا قد فعل الواجب عليه.

والثانية: أن يقوم ولا يجلس مع المستهزئ، وهذا يكون قد امتثل قوله تعالى: (وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آَيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ)

والثالثة: أن يجلس ويسكت ولا ينكر وهو عالم بالحكم، فهذا يكون كافرًا والعياذ بالله بنصِّ القرآن الكريم.

قال تعالى: (وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آَيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ) فقوله: (إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ) يدلُّ على أنه كافر والعياذ بالله.(٢٦)
 



نوع الكتاب : pdf.
اذا اعجبك الكتاب فضلاً اضغط على أعجبني
و يمكنك تحميله من هنا:

تحميل خطورة الاستهزاء بالدين
عبد الله بن عبد الرحمن السعد
عبد الله بن عبد الرحمن السعد
Abdullah bin Abdul Rahman Al Saad
❰ له مجموعة من الإنجازات والمؤلفات أبرزها ❞ مختصر الدعوات والأذكار المأثورة عن النبي المختار في اليوم والليلة ❝ ❞ جزء في أحاديث ليلة النصف من شعبان ❝ ❞ البرهان في وجوب اللجوء إلى الواحد الديان ❝ ❞ التباين المنهجي بين المتقدمين والمتأخرين في علوم الحديث ❝ ❞ خطورة الاستهزاء بالدين ❝ ❞ الحج أحكامه وصفته ❝ ❞ أحكام عشر ذي الحجة ❝ ❞ الحوثيون وبيان خطرهم على الأمة ❝ ❞ جهالة الراوي ❝ الناشرين : ❞ دار القاسم للنشر والتوزيع ❝ ❱.



كتب اخرى في كتب إسلامية متنوعة

الإمام الشيرازي بين العلم والعمل والمعتقد والسلوك PDF

قراءة و تحميل كتاب الإمام الشيرازي بين العلم والعمل والمعتقد والسلوك PDF مجانا

اختيار الأولى في شرح حديث اختصام الملأ الأعلى PDF

قراءة و تحميل كتاب اختيار الأولى في شرح حديث اختصام الملأ الأعلى PDF مجانا

سنابل الخير PDF

قراءة و تحميل كتاب سنابل الخير PDF مجانا

الإتجاهات الحديثة في تخطيط المناهج الدراسية في ضوء التوجيهات الإسلامية PDF

قراءة و تحميل كتاب الإتجاهات الحديثة في تخطيط المناهج الدراسية في ضوء التوجيهات الإسلامية PDF مجانا

المسائل العقدية التي حكى فيها ابن تيمية الإجماع PDF

قراءة و تحميل كتاب المسائل العقدية التي حكى فيها ابن تيمية الإجماع PDF مجانا

حقيقة الإسلام والإيمان ومنزلة العمل في الإسلام PDF

قراءة و تحميل كتاب حقيقة الإسلام والإيمان ومنزلة العمل في الإسلام PDF مجانا

دراسة فى التجربة الصوفية PDF

قراءة و تحميل كتاب دراسة فى التجربة الصوفية PDF مجانا

كمال الشريعة وشمولها لكل ما يحتاجه البشر PDF

قراءة و تحميل كتاب كمال الشريعة وشمولها لكل ما يحتاجه البشر PDF مجانا

المزيد من كتب علوم القرآن في مكتبة كتب علوم القرآن , المزيد من كتب إسلامية متنوعة في مكتبة كتب إسلامية متنوعة , المزيد من إسلامية متنوعة في مكتبة إسلامية متنوعة , المزيد من كتب الفقه العام في مكتبة كتب الفقه العام , المزيد من كتب التوحيد والعقيدة في مكتبة كتب التوحيد والعقيدة , المزيد من مؤلفات حول الحديث النبوي الشريف في مكتبة مؤلفات حول الحديث النبوي الشريف , المزيد من كتب أصول الفقه وقواعده في مكتبة كتب أصول الفقه وقواعده , المزيد من التراجم والأعلام في مكتبة التراجم والأعلام , المزيد من السنة النبوية الشريفة في مكتبة السنة النبوية الشريفة
عرض كل كتب إسلامية ..
اقرأ المزيد في مكتبة كتب إسلامية , اقرأ المزيد في مكتبة كتب تقنية المعلومات , اقرأ المزيد في مكتبة المناهج التعليمية والكتب الدراسية , اقرأ المزيد في مكتبة القصص والروايات والمجلّات , اقرأ المزيد في مكتبة كتب الهندسة والتكنولوجيا , اقرأ المزيد في مكتبة الكتب والموسوعات العامة , اقرأ المزيد في مكتبة كتب تعلم اللغات , اقرأ المزيد في مكتبة كتب التنمية البشرية , اقرأ المزيد في مكتبة الكتب التعليمية , اقرأ المزيد في مكتبة كتب التاريخ , اقرأ المزيد في مكتبة كتب الأطفال قصص ومجلات , اقرأ المزيد في مكتبة كتب الطب , اقرأ المزيد في مكتبة الكتب العلمية , اقرأ المزيد في مكتبة كتب علوم سياسية وقانونية , اقرأ المزيد في مكتبة كتب الأدب , اقرأ المزيد في مكتبة كتب الروايات الأجنبية والعالمية , اقرأ المزيد في مكتبة كتب اللياقة البدنية والصحة العامة , اقرأ المزيد في مكتبة كتب الأسرة والتربية الطبخ والديكور , اقرأ المزيد في مكتبة الكتب الغير مصنّفة , اقرأ المزيد في مكتبة كتب المعاجم واللغات , اقرأ المزيد في مكتبة كتب علوم عسكرية و قانون دولي
جميع مكتبات الكتب ..