«المرأة» ... هذا المخلوق الذي دارت حوله الدوائر؛ فأصبح كالكوكب يجذِب الأقمار إليه ولا يلحقوا به. و«العقاد» هنا يرى المرأة وقد استحوذت على مدارات الحياة، وشغلت العقول، وبلغت سيرتها الأفق؛ فيحاول أن يُعيدها لطبيعتها الأنثوية بعد أن جرَفتها الحضارة المادية عن كل ذي صلة بأصلها.
ترسخ أساس الدولة وتتوطد دعائمها، فينصرف أهلها آمنين إلى طلب الثراء، ويتفنَّنون في جلب المال من وجوه المكاسب، وإنفاقه في أسباب الرفاهة والملاذِّ؛ وهنا يأتي دور المرأة ويكثر الالتفات إليها، فتعلم مكانتها ويعرف لها القوم دالتها ...
فكانوا يدعونها حينًا مَلَكًا كريمًا، وحينًا كوكبًا منيرًا، وإذا أرادوا عشقها واشتهاء قُربها قالوا عبادتها والفناء في حبها، وقد تلطَّف بعضهم فبسط صفحة خَدِّهِ وِطاءً لنعلها. وإنه لأغلظ شسعًا وأخشن مسًّا من حذاء تلبسه غادات اليوم، يكاد يحسب لابسه حافيًا!
ولا أنكر أن المدنية العصرية أرفق بالمرأة مع هذا من المدنيات الغابرة، ولكنه رفق جاء به تحدُّد الواجبات والحقوق الذي اقتضته طبيعة اجتماعنا، وروح التعميم التي لا بد منها في شرائعنا.
فقد أرَّق العقاد وضعُ المرأة بعد أن عايش خروجها عن دائرتها التي خُلقت من أجلها؛ فأصبحت لا تريد أن تكون زوجة، ولا أُمًّا، بل شعرت بأن عاطفتها وحُنُوَّهَا على من حولها أصبح دورًا لا يليق إلا بالعبيد والإماء. حتى إن وصف عصره بـ«عصر المرأة».
قراءة و تحميل كتاب مجموع مؤلفات الشيخ العلامة عبد الرحمن بن ناصر السعدي PDF مجانا
قراءة و تحميل كتاب الساميون ولغاتهم تعريف بالقرابات اللغوية والحضارية عند العرب PDF مجانا