كتاب إتحاف أهل الإسلام بخصوصيات الصيامكتب إسلامية

كتاب إتحاف أهل الإسلام بخصوصيات الصيام

الصَّوْمُ في الإسلام نوع من العبادات الهامة، وأصل الصَّوْمُ (ص و مـ)، يقال: صام صَوْمًا وصِيامًا أيضًا، في اللغة: مطلق الإمساك، أو الكف عن الشيء، ومنه قول الله تعالى حكاية عن مريم: ﴿فَقُولِيٓ إِنِّي نَذَرۡتُ لِلرَّحۡمَٰنِ صَوۡمٗا..﴾ أي: إمساكاً عن الكلام. والصوم في الشرع الإسلامي عبادة بمعنى: «الإمساك عن المفطرات على وجه مخصوص، وشروط مخصوصة من طلوع الفجر الثاني، إلى غروب الشمس، بنية». ولا يقتصر على صوم شهر رمضان، بل يشمل جميع أنواع الصوم، وهو إما فرض عين وهو صوم شهر رمضان من كل عام، وما عداه إما واجب مثل: صوم القضاء أو النذر أو الكفارة. وإما تطوع ويشمل: المسنون المؤكد، والمندوب (المستحب) والنفل المطلق، ومن الصوم أيضا ما يشرع تركه وهو الصوم المنهي عنه كصيام يوم الشك، ويحرم صوم يوم عيدي الفطر والأضحى. والصوم في الإسلام هو عبادة يتفق المسلمون على اتباع نهج النبي في تحديد ماهيتها وأساسياتها، فهو بمعنى: «الإمساك عن المفطرات من طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس بنية»، كما أن صوم شهر رمضان من كل عام: فرض بإجماع المسلمين، وهو أحد أركان الإسلام الخمسة، وفضائله متعددة، ويشرع قيام لياليه، وخصوصاً العشر الأواخر منه، وفيه ليلة القدر، وتتعلق به زكاة الفطر، وهو عند المسلمين موعد للفرحة، والبر والصلة، وعوائد الخير. وفرض الصوم على المسلمين في السنة الثانية للهجرة، بأدلة منها قول الله تعالى: ﴿ْكُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامَُ﴾، وقوله تعالى: ﴿فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ..﴾ وحديث: «بني الإسلام على خمس..» وذكر منها: صوم رمضان، وحديث الأعرابي السائل عن شرائع الدين، قال: هل علي غيره؟ أي: صوم رمضان، قال في الحديث: «لا، إلا أن تطوع شيئا». وصوم شهر رمضان من كل عام: فرض على كل مسلم مكلف مطيق للصوم غير مترخص بسبب المرض أو السفر، ولا يصح الصوم إلا من مسلم عاقل مع خلو المرأة من الحيض والنفاس. وللصوم أحكام مفصلة في علم فروع الفقه، ومنها وجوب الصوم، وأركانه، وشروطه، ومبطلاته، ومستحباته، ومكروهاته، وأحكام الفطر، والأعذار الشرعية المبيحة للفطر، ومواقيت الصوم، لدخول الشهر وخروجه، ووقت الإمساك، والتسحر، والإفطار، والقضاء والأداء وغير ذلك. وللصوم فوائد حسية ومعنوية إذ أن فية تهذيب السلوك النفسي وتقويم اعوجاج النفس، وتغيير النمط الذي اعتاد الشخص عليه في حياته اليومية، وفي هذا تعليم لمعنى الطاعة والامتثال في عبادة الله، وتخليص النفس من قيود الهوى وتزكيتها وتهذيبها، وتعليم النفس معنى الصبر بالامتناع عن المفطرات، حتى يشعر الإنسان بحال الجائع والبائس الفقير، لتحصيل العطف والمودة والتراحم بين المجتمع. وفي الحديث: «وَالصِّيَامُ جُنَّةٌ». بمعنى: أنه وقاية من النار، كما أن من فوائد الصوم في الإسلام أنه يعين على تهذيب النفس وكسر الشهوة لمن خاف على نفسه العزوبة، ويدل على هذا حديث: "عن إبراهيم عن علقمة قال بينا أنا أمشي مع عبد الله رضى الله تعالى عنه، فقال: كنا مع النبي ﷺ فقال: «من استطاع الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء»". فالزواج مستحب لمن يقدر عليه، ومن لم يقدر عليه فعليه بالصوم فإنه يكون له كالوجاء في كسر الشهوة، ولا وسيلة لذلك غير الصوم. قال أبو جعفر الطبري: وأما تأويل قوله: ﴿لعلكم تتقون﴾ فإنه يعني به: لتتقوا أكل الطعام وشرب الشراب وجماع النساء فيه، يقول: فرضت عليكم الصوم والكف عما تكونون بترك الكف عنه مفطرين، لتتقوا ما يفطركم في وقت صومكم. وبمثل الذي قلنا في ذلك قال جماعة من أهل التأويل. قال فخر الدين الرازي: في تفسير قوله تعالى: ﴿لعلكم تتقون﴾: أنه سبحانه بين بهذا الكلام أن الصوم يورث التقوى لما فيه من انكسار الشهوة وانقماع الهوى، فإنه يردع عن الأشر والبطر والفواحش، ويهون لذات الدنيا ورياستها، وذلك؛ لأن الصوم يكسر شهوة البطن والفرج، وإنما يسعى الناس لهذين، كما قيل في المثل السائر: المرء يسعى لغاريه بطنه وفرجه، فمن أكثر الصوم هان عليه أمر هذين وخفت عليه مؤنتهما، فكان ذلك رادعا له عن ارتكاب المحارم والفواحش، ومهونا عليه أمر الرياسة في الدنيا، وذلك جامع لأسباب التقوى فيكون معنى الآية فرضت عليكم الصيام لتكونوا به من المتقين الذين أثنيت عليهم في كتابي، وأعلمت أن هذا الكتاب هدى لهم، ولما اختص الصوم بهذه الخاصية حسن منه تعالى أن يقول عند إيجابها: ﴿لعلكم تتقون﴾ منها بذلك على وجه وجوبه؛ لأن ما يمنع النفس عن المعاصي لا بد وأن يكون واجبا. وذكر في معنى «لعل»: المعنى ينبغي لكم بالصوم أن يقوى وجاؤكم في التقوى وهذا معنى «لعل» في سياق الآية، والمعنى: ﴿لعلكم تتقون﴾ الله بصومكم وترككم للشهوات، فإن الشيء كلما كانت الرغبة فيه أكثر كان الاتقاء عنه أشق، والرغبة في المطعوم والمنكوح أشد من الرغبة في سائر الأشياء، فإذا سهل عليكم اتقاء الله بترك المطعوم والمنكوح؛ كان اتقاء الله بترك سائر الأشياء أسهل وأخف. ورابعها: المراد ﴿كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون﴾ إهمالها وترك المحافظة عليها بسبب عظم درجاتها وأصالتها. وخامسها: لعلكم تنتظمون بسبب هذه العبادة في زمرة المتقين؛ لأن الصوم شعارهم. قال ابن كثير في تفسيره: «لما فيه من زكاة النفس وطهارتها وتنقيتها من الأخلاط الرديئة والأخلاق الرذيلة. وفيه تزكية للبدن وتضييق لمسالك الشيطان؛ ولهذا ثبت في الصحيحين: «يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء»». في هذا الكتاب تتعرف أكثر عن الفوائد الفقهية والإنسانية المكنونة داخل التشريع الإسلامي للصوم.. إتحاف أهل الإسلام بخصوصيات الصيام للإمام ابن حجر الهيتمي الشافعي، كتاب يتناول موضوع الصيام في الإسلام، يعد من أشمل وأحسن ما صُنف في موضوعه، فهو يعرض المسائل بطريقة علمية، ويورد الأحاديث مع ذكر مخرجيها ودرجة الحديث من حيث الصحة والضعف في أغلب الأحيان، ثم يقوم بشرح غريب الحديث، ثم يتوغل في الشرح الفقهي لما أورد بإسهاب لا يمل منه القارئ، وإيجاز لا يخل بالمعنى المطلوب. أقسام الكتاب الباب الأول: في فضائل الصوم الباب الثاني: في أحكام الصيام ومتعلقاته الباب الثالث: في القضاء والفدية الباب الرابع: في حكم صوم غير رمضان خاتمة في ذكرى نصف شعبان خاتمة في أحاديث تتعلق بزكاة الفطر وبالعيدين
أحمد بن علي بن حجر الهيتمي - ❰ له مجموعة من الإنجازات والمؤلفات أبرزها ❞ إتحاف أهل الإسلام بخصوصيات الصيام ❝ الناشرين : ❞ مؤسسة الكتب الثقافية ❝ ❱
من المكتبة الرمضانية وكتب الصيام الفقه الإسلامي - مكتبة كتب إسلامية.

وصف الكتاب : الصَّوْمُ في الإسلام نوع من العبادات الهامة، وأصل الصَّوْمُ (ص و مـ)، يقال: صام صَوْمًا وصِيامًا أيضًا، في اللغة: مطلق الإمساك، أو الكف عن الشيء، ومنه قول الله تعالى حكاية عن مريم: ﴿فَقُولِيٓ إِنِّي نَذَرۡتُ لِلرَّحۡمَٰنِ صَوۡمٗا..﴾ أي: إمساكاً عن الكلام. والصوم في الشرع الإسلامي عبادة بمعنى: «الإمساك عن المفطرات على وجه مخصوص، وشروط مخصوصة من طلوع الفجر الثاني، إلى غروب الشمس، بنية».

ولا يقتصر على صوم شهر رمضان، بل يشمل جميع أنواع الصوم، وهو إما فرض عين وهو صوم شهر رمضان من كل عام، وما عداه إما واجب مثل: صوم القضاء أو النذر أو الكفارة. وإما تطوع ويشمل: المسنون المؤكد، والمندوب (المستحب) والنفل المطلق، ومن الصوم أيضا ما يشرع تركه وهو الصوم المنهي عنه كصيام يوم الشك، ويحرم صوم يوم عيدي الفطر والأضحى.

والصوم في الإسلام هو عبادة يتفق المسلمون على اتباع نهج النبي في تحديد ماهيتها وأساسياتها، فهو بمعنى: «الإمساك عن المفطرات من طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس بنية»، كما أن صوم شهر رمضان من كل عام: فرض بإجماع المسلمين، وهو أحد أركان الإسلام الخمسة، وفضائله متعددة، ويشرع قيام لياليه، وخصوصاً العشر الأواخر منه، وفيه ليلة القدر، وتتعلق به زكاة الفطر، وهو عند المسلمين موعد للفرحة، والبر والصلة، وعوائد الخير. وفرض الصوم على المسلمين في السنة الثانية للهجرة، بأدلة منها قول الله تعالى: ﴿ْكُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامَُ﴾، وقوله تعالى: ﴿فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ..﴾

وحديث: «بني الإسلام على خمس..» وذكر منها: صوم رمضان، وحديث الأعرابي السائل عن شرائع الدين، قال: هل علي غيره؟ أي: صوم رمضان، قال في الحديث: «لا، إلا أن تطوع شيئا». وصوم شهر رمضان من كل عام: فرض على كل مسلم مكلف مطيق للصوم غير مترخص بسبب المرض أو السفر، ولا يصح الصوم إلا من مسلم عاقل مع خلو المرأة من الحيض والنفاس.

وللصوم أحكام مفصلة في علم فروع الفقه، ومنها وجوب الصوم، وأركانه، وشروطه، ومبطلاته، ومستحباته، ومكروهاته، وأحكام الفطر، والأعذار الشرعية المبيحة للفطر، ومواقيت الصوم، لدخول الشهر وخروجه، ووقت الإمساك، والتسحر، والإفطار، والقضاء والأداء وغير ذلك.

وللصوم فوائد حسية ومعنوية إذ أن فية تهذيب السلوك النفسي وتقويم اعوجاج النفس، وتغيير النمط الذي اعتاد الشخص عليه في حياته اليومية، وفي هذا تعليم لمعنى الطاعة والامتثال في عبادة الله، وتخليص النفس من قيود الهوى وتزكيتها وتهذيبها، وتعليم النفس معنى الصبر بالامتناع عن المفطرات، حتى يشعر الإنسان بحال الجائع والبائس الفقير، لتحصيل العطف والمودة والتراحم بين المجتمع. وفي الحديث: «وَالصِّيَامُ جُنَّةٌ». بمعنى: أنه وقاية من النار، كما أن من فوائد الصوم في الإسلام أنه يعين على تهذيب النفس وكسر الشهوة لمن خاف على نفسه العزوبة، ويدل على هذا حديث: "عن إبراهيم عن علقمة قال بينا أنا أمشي مع عبد الله رضى الله تعالى عنه، فقال: كنا مع النبي ﷺ فقال: «من استطاع الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء»". فالزواج مستحب لمن يقدر عليه، ومن لم يقدر عليه فعليه بالصوم فإنه يكون له كالوجاء في كسر الشهوة، ولا وسيلة لذلك غير الصوم.

قال أبو جعفر الطبري: وأما تأويل قوله: ﴿لعلكم تتقون﴾ فإنه يعني به: لتتقوا أكل الطعام وشرب الشراب وجماع النساء فيه، يقول: فرضت عليكم الصوم والكف عما تكونون بترك الكف عنه مفطرين، لتتقوا ما يفطركم في وقت صومكم. وبمثل الذي قلنا في ذلك قال جماعة من أهل التأويل.

قال فخر الدين الرازي: في تفسير قوله تعالى: ﴿لعلكم تتقون﴾: أنه سبحانه بين بهذا الكلام أن الصوم يورث التقوى لما فيه من انكسار الشهوة وانقماع الهوى، فإنه يردع عن الأشر والبطر والفواحش، ويهون لذات الدنيا ورياستها، وذلك؛ لأن الصوم يكسر شهوة البطن والفرج، وإنما يسعى الناس لهذين، كما قيل في المثل السائر: المرء يسعى لغاريه بطنه وفرجه، فمن أكثر الصوم هان عليه أمر هذين وخفت عليه مؤنتهما، فكان ذلك رادعا له عن ارتكاب المحارم والفواحش، ومهونا عليه أمر الرياسة في الدنيا، وذلك جامع لأسباب التقوى فيكون معنى الآية فرضت عليكم الصيام لتكونوا به من المتقين الذين أثنيت عليهم في كتابي، وأعلمت أن هذا الكتاب هدى لهم، ولما اختص الصوم بهذه الخاصية حسن منه تعالى أن يقول عند إيجابها: ﴿لعلكم تتقون﴾ منها بذلك على وجه وجوبه؛ لأن ما يمنع النفس عن المعاصي لا بد وأن يكون واجبا.

وذكر في معنى «لعل»: المعنى ينبغي لكم بالصوم أن يقوى وجاؤكم في التقوى وهذا معنى «لعل» في سياق الآية، والمعنى: ﴿لعلكم تتقون﴾ الله بصومكم وترككم للشهوات، فإن الشيء كلما كانت الرغبة فيه أكثر كان الاتقاء عنه أشق، والرغبة في المطعوم والمنكوح أشد من الرغبة في سائر الأشياء، فإذا سهل عليكم اتقاء الله بترك المطعوم والمنكوح؛ كان اتقاء الله بترك سائر الأشياء أسهل وأخف. ورابعها: المراد ﴿كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون﴾ إهمالها وترك المحافظة عليها بسبب عظم درجاتها وأصالتها. وخامسها: لعلكم تنتظمون بسبب هذه العبادة في زمرة المتقين؛ لأن الصوم شعارهم.

قال ابن كثير في تفسيره: «لما فيه من زكاة النفس وطهارتها وتنقيتها من الأخلاط الرديئة والأخلاق الرذيلة. وفيه تزكية للبدن وتضييق لمسالك الشيطان؛ ولهذا ثبت في الصحيحين: «يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء»».

في هذا الكتاب تتعرف أكثر عن الفوائد الفقهية والإنسانية المكنونة داخل التشريع الإسلامي للصوم..

إتحاف أهل الإسلام بخصوصيات الصيام للإمام ابن حجر الهيتمي الشافعي، كتاب يتناول موضوع الصيام في الإسلام، يعد من أشمل وأحسن ما صُنف في موضوعه، فهو يعرض المسائل بطريقة علمية، ويورد الأحاديث مع ذكر مخرجيها ودرجة الحديث من حيث الصحة والضعف في أغلب الأحيان، ثم يقوم بشرح غريب الحديث، ثم يتوغل في الشرح الفقهي لما أورد بإسهاب لا يمل منه القارئ، وإيجاز لا يخل بالمعنى المطلوب.

أقسام الكتاب
الباب الأول: في فضائل الصوم
الباب الثاني: في أحكام الصيام ومتعلقاته
الباب الثالث: في القضاء والفدية
الباب الرابع: في حكم صوم غير رمضان
خاتمة في ذكرى نصف شعبان
خاتمة في أحاديث تتعلق بزكاة الفطر وبالعيدين

للكاتب/المؤلف : أحمد بن علي بن حجر الهيتمي .
دار النشر : مؤسسة الكتب الثقافية .
سنة النشر : 1990م / 1410هـ .
عدد مرات التحميل : 7562 مرّة / مرات.
تم اضافته في : الثلاثاء , 19 مارس 2019م.
حجم الكتاب عند التحميل : 6.7 ميجا بايت .

ولتسجيل ملاحظاتك ورأيك حول الكتاب يمكنك المشاركه في التعليقات من هنا:

الصَّوْمُ في الإسلام نوع من العبادات الهامة، وأصل الصَّوْمُ (ص و مـ)، يقال: صام صَوْمًا وصِيامًا أيضًا، في اللغة: مطلق الإمساك، أو الكف عن الشيء، ومنه قول الله تعالى حكاية عن مريم: ﴿فَقُولِيٓ إِنِّي نَذَرۡتُ لِلرَّحۡمَٰنِ صَوۡمٗا..﴾ أي: إمساكاً عن الكلام. والصوم في الشرع الإسلامي عبادة بمعنى: «الإمساك عن المفطرات على وجه مخصوص، وشروط مخصوصة من طلوع الفجر الثاني، إلى غروب الشمس، بنية». 

ولا يقتصر على صوم شهر رمضان، بل يشمل جميع أنواع الصوم، وهو إما فرض عين وهو صوم شهر رمضان من كل عام، وما عداه إما واجب مثل: صوم القضاء أو النذر أو الكفارة. وإما تطوع ويشمل: المسنون المؤكد، والمندوب (المستحب) والنفل المطلق، ومن الصوم أيضا ما يشرع تركه وهو الصوم المنهي عنه كصيام يوم الشك، ويحرم صوم يوم عيدي الفطر والأضحى.

والصوم في الإسلام هو عبادة يتفق المسلمون على اتباع نهج النبي في تحديد ماهيتها وأساسياتها، فهو بمعنى: «الإمساك عن المفطرات من طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس بنية»، كما أن صوم شهر رمضان من كل عام: فرض بإجماع المسلمين، وهو أحد أركان الإسلام الخمسة، وفضائله متعددة، ويشرع قيام لياليه، وخصوصاً العشر الأواخر منه، وفيه ليلة القدر، وتتعلق به زكاة الفطر، وهو عند المسلمين موعد للفرحة، والبر والصلة، وعوائد الخير. وفرض الصوم على المسلمين في السنة الثانية للهجرة، بأدلة منها قول الله تعالى: ﴿ْكُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامَُ﴾، وقوله تعالى: ﴿فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ..﴾

 وحديث: «بني الإسلام على خمس..» وذكر منها: صوم رمضان، وحديث الأعرابي السائل عن شرائع الدين، قال: هل علي غيره؟ أي: صوم رمضان، قال في الحديث: «لا، إلا أن تطوع شيئا». وصوم شهر رمضان من كل عام: فرض على كل مسلم مكلف مطيق للصوم غير مترخص بسبب المرض أو السفر، ولا يصح الصوم إلا من مسلم عاقل مع خلو المرأة من الحيض والنفاس.

 وللصوم أحكام مفصلة في علم فروع الفقه، ومنها وجوب الصوم، وأركانه، وشروطه، ومبطلاته، ومستحباته، ومكروهاته، وأحكام الفطر، والأعذار الشرعية المبيحة للفطر، ومواقيت الصوم، لدخول الشهر وخروجه، ووقت الإمساك، والتسحر، والإفطار، والقضاء والأداء وغير ذلك.

وللصوم فوائد حسية ومعنوية إذ أن فية تهذيب السلوك النفسي وتقويم اعوجاج النفس، وتغيير النمط الذي اعتاد الشخص عليه في حياته اليومية، وفي هذا تعليم لمعنى الطاعة والامتثال في عبادة الله، وتخليص النفس من قيود الهوى وتزكيتها وتهذيبها، وتعليم النفس معنى الصبر بالامتناع عن المفطرات، حتى يشعر الإنسان بحال الجائع والبائس الفقير، لتحصيل العطف والمودة والتراحم بين المجتمع. وفي الحديث: «وَالصِّيَامُ جُنَّةٌ». بمعنى: أنه وقاية من النار، كما أن من فوائد الصوم في الإسلام أنه يعين على تهذيب النفس وكسر الشهوة لمن خاف على نفسه العزوبة، ويدل على هذا حديث: "عن إبراهيم عن علقمة قال بينا أنا أمشي مع عبد الله رضى الله تعالى عنه، فقال: كنا مع النبي ﷺ فقال: «من استطاع الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء»". فالزواج مستحب لمن يقدر عليه، ومن لم يقدر عليه فعليه بالصوم فإنه يكون له كالوجاء في كسر الشهوة، ولا وسيلة لذلك غير الصوم.

قال أبو جعفر الطبري: وأما تأويل قوله: ﴿لعلكم تتقون﴾ فإنه يعني به: لتتقوا أكل الطعام وشرب الشراب وجماع النساء فيه، يقول: فرضت عليكم الصوم والكف عما تكونون بترك الكف عنه مفطرين، لتتقوا ما يفطركم في وقت صومكم. وبمثل الذي قلنا في ذلك قال جماعة من أهل التأويل.

قال فخر الدين الرازي: في تفسير قوله تعالى: ﴿لعلكم تتقون﴾: أنه سبحانه بين بهذا الكلام أن الصوم يورث التقوى لما فيه من انكسار الشهوة وانقماع الهوى، فإنه يردع عن الأشر والبطر والفواحش، ويهون لذات الدنيا ورياستها، وذلك؛ لأن الصوم يكسر شهوة البطن والفرج، وإنما يسعى الناس لهذين، كما قيل في المثل السائر: المرء يسعى لغاريه بطنه وفرجه، فمن أكثر الصوم هان عليه أمر هذين وخفت عليه مؤنتهما، فكان ذلك رادعا له عن ارتكاب المحارم والفواحش، ومهونا عليه أمر الرياسة في الدنيا، وذلك جامع لأسباب التقوى فيكون معنى الآية فرضت عليكم الصيام لتكونوا به من المتقين الذين أثنيت عليهم في كتابي، وأعلمت أن هذا الكتاب هدى لهم، ولما اختص الصوم بهذه الخاصية حسن منه تعالى أن يقول عند إيجابها: ﴿لعلكم تتقون﴾ منها بذلك على وجه وجوبه؛ لأن ما يمنع النفس عن المعاصي لا بد وأن يكون واجبا.

وذكر في معنى «لعل»: المعنى ينبغي لكم بالصوم أن يقوى وجاؤكم في التقوى وهذا معنى «لعل» في سياق الآية، والمعنى: ﴿لعلكم تتقون﴾ الله بصومكم وترككم للشهوات، فإن الشيء كلما كانت الرغبة فيه أكثر كان الاتقاء عنه أشق، والرغبة في المطعوم والمنكوح أشد من الرغبة في سائر الأشياء، فإذا سهل عليكم اتقاء الله بترك المطعوم والمنكوح؛ كان اتقاء الله بترك سائر الأشياء أسهل وأخف. ورابعها: المراد ﴿كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون﴾ إهمالها وترك المحافظة عليها بسبب عظم درجاتها وأصالتها. وخامسها: لعلكم تنتظمون بسبب هذه العبادة في زمرة المتقين؛ لأن الصوم شعارهم.

قال ابن كثير في تفسيره: «لما فيه من زكاة النفس وطهارتها وتنقيتها من الأخلاط الرديئة والأخلاق الرذيلة. وفيه تزكية للبدن وتضييق لمسالك الشيطان؛ ولهذا ثبت في الصحيحين: «يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء»».

في هذا الكتاب تتعرف أكثر عن الفوائد الفقهية والإنسانية المكنونة داخل التشريع الإسلامي للصوم..

هذ الكتاب يقوم بشرح غريب الحديث وأهم ما يستنبط منه من أحكام بإسهاب وتفصيل غير مملٍّ.
وبذلك فقد استوعب كلَّ ما يتصل بموضوع الصيام.
وجاء الكتاب في أربعة أبواب:
الباب الأول: في فضائل الصوم.
الباب الثاني: في أحكام الصيام ومتعلقاته.
الباب الثالث: في القضاء والفدية.
الباب الرابع: في حكم صوم غير رمضان.
خاتمة في أحاديث تتعلَّق بزكاة الفطر والعيدين.



نوع الكتاب : pdf.
اذا اعجبك الكتاب فضلاً اضغط على أعجبني
و يمكنك تحميله من هنا:

تحميل إتحاف أهل الإسلام بخصوصيات الصيام
أحمد بن علي بن حجر الهيتمي
أحمد بن علي بن حجر الهيتمي
Ahmed bin Ali bin Hajar Al Haitami
❰ له مجموعة من الإنجازات والمؤلفات أبرزها ❞ إتحاف أهل الإسلام بخصوصيات الصيام ❝ الناشرين : ❞ مؤسسة الكتب الثقافية ❝ ❱.



كتب اخرى في المكتبة الرمضانية وكتب الصيام

المغزى الرمضاني .. PDF

قراءة و تحميل كتاب المغزى الرمضاني .. PDF مجانا

أحكام ما بعد الصيام PDF

قراءة و تحميل كتاب أحكام ما بعد الصيام PDF مجانا

فضائل الصيام وقيام صلاة التراويح PDF

قراءة و تحميل كتاب فضائل الصيام وقيام صلاة التراويح PDF مجانا

تذكير عباد الرحمن بما ورد في صيام شهر رمضان PDF

قراءة و تحميل كتاب تذكير عباد الرحمن بما ورد في صيام شهر رمضان PDF مجانا

اصحى يا نايم PDF

قراءة و تحميل كتاب اصحى يا نايم PDF مجانا

الصيام أحكامه وخصوصياته وأحكام متفرقات أخرى PDF

قراءة و تحميل كتاب الصيام أحكامه وخصوصياته وأحكام متفرقات أخرى PDF مجانا

الاعتكاف تربية الأيام العشرة PDF

قراءة و تحميل كتاب الاعتكاف تربية الأيام العشرة PDF مجانا

بيوت رمضانية مجالس الأسرة في رمضان PDF

قراءة و تحميل كتاب بيوت رمضانية مجالس الأسرة في رمضان PDF مجانا

المزيد من كتب علوم القرآن في مكتبة كتب علوم القرآن , المزيد من كتب إسلامية متنوعة في مكتبة كتب إسلامية متنوعة , المزيد من إسلامية متنوعة في مكتبة إسلامية متنوعة , المزيد من كتب الفقه العام في مكتبة كتب الفقه العام , المزيد من كتب التوحيد والعقيدة في مكتبة كتب التوحيد والعقيدة , المزيد من مؤلفات حول الحديث النبوي الشريف في مكتبة مؤلفات حول الحديث النبوي الشريف , المزيد من كتب أصول الفقه وقواعده في مكتبة كتب أصول الفقه وقواعده , المزيد من التراجم والأعلام في مكتبة التراجم والأعلام , المزيد من السنة النبوية الشريفة في مكتبة السنة النبوية الشريفة
عرض كل كتب إسلامية ..
اقرأ المزيد في مكتبة كتب إسلامية , اقرأ المزيد في مكتبة كتب تقنية المعلومات , اقرأ المزيد في مكتبة المناهج التعليمية والكتب الدراسية , اقرأ المزيد في مكتبة القصص والروايات والمجلّات , اقرأ المزيد في مكتبة كتب الهندسة والتكنولوجيا , اقرأ المزيد في مكتبة الكتب والموسوعات العامة , اقرأ المزيد في مكتبة كتب تعلم اللغات , اقرأ المزيد في مكتبة كتب التنمية البشرية , اقرأ المزيد في مكتبة الكتب التعليمية , اقرأ المزيد في مكتبة كتب التاريخ , اقرأ المزيد في مكتبة كتب الأطفال قصص ومجلات , اقرأ المزيد في مكتبة كتب الطب , اقرأ المزيد في مكتبة الكتب العلمية , اقرأ المزيد في مكتبة كتب علوم سياسية وقانونية , اقرأ المزيد في مكتبة كتب الأدب , اقرأ المزيد في مكتبة كتب الروايات الأجنبية والعالمية , اقرأ المزيد في مكتبة كتب اللياقة البدنية والصحة العامة , اقرأ المزيد في مكتبة كتب الأسرة والتربية الطبخ والديكور , اقرأ المزيد في مكتبة الكتب الغير مصنّفة , اقرأ المزيد في مكتبة كتب المعاجم واللغات , اقرأ المزيد في مكتبة كتب علوم عسكرية و قانون دولي
جميع مكتبات الكتب ..