سئل ابن تيمية: عمن ولي أمرا من أمور المسلمين، ومذهبه لا يُجوِّز "شركة الأبدان" فهل يجوز له منع الناس؟
فأجاب: ليس له منع الناس من مثل ذلك، ولا من نظائره مما يسوغ فيه الاجتهاد، وليس معه بالمنع نص من كتاب ولا سنة، ولا إجماع، ولا ما هو في معنى ذلك؛ لا سيما وأكثر العلماء على جواز مثل ذلك، وهو مما يعمل به عامة المسلمين، في عامة الأمصار. وهذا كما أن الحاكم ليس له أن ينقض حكم غيره في مثل هذه المسائل، ولا للعالم والمفتي أن يلزم الناس باتباعه في مثل هذه المسائل؛ ولهذا لما استشار الرشيد مالكا أن يحمل الناس على "موطئه" في مثل هذه المسائل منعه من ذلك. وقال: إن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم تفرقوا في الأمصار، وقد أخذ كل قوم من العلم ما بلغهم. وصنف رجل كتابا في الاختلاف فقال أحمد: لا تسمه "كتاب الاختلاف" ولكن سمه "كتاب السنة" ولهذا كان بعض العلماء يقول: إجماعهم حجة قاطعة، واختلافهم رحمة واسعة. وكان عمر بن عبد العزيز يقول: ما يسرني أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يختلفوا؛ لأنهم إذا اجتمعوا على قول فخالفهم رجل، كان ضالا، وإذا اختلفوا فأخذ رجل بقول هذا، ورجل بقول هذا، كان في الأمر سعة. وكذلك قال غير مالك من الأئمة: ليس للفقيه أن يحمل الناس على مذهبه. ولهذا قال العلماء المصنفون في الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر من أصحاب الشافعي وغيره: إن مثل هذه المسائل الاجتهادية لا تنكر باليد، وليس لأحد أن يلزم الناس باتباعه فيها؛ ولكن يتكلم فيها بالحجج العلمية، فمن تبين له صحة أحد القولين تبعه، ومن قلد أهل القول الآخر، فلا إنكار عليه.
قراءة و تحميل كتاب حاشية البجيرمي على الخطيب المسماة تحفة الحبيب على شرح الخطيب المعروف بالإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع PDF مجانا
قراءة و تحميل كتاب المحقق من علم الأصول فيما يتعلق بأفعال الرسول صلى الله عليه وسلم لأبي شامة المقدسي PDF مجانا
قراءة و تحميل كتاب التصويب والتخطئة وأثرهما في مسائل أصول الفقه ومنهج المدرسة العقلية الحديثة PDF مجانا
قراءة و تحميل كتاب الآراء الشاذة في أصول الفقه (دراسة استقرائية نقدية دكتوراة) PDF مجانا