قال الله سبحانه وتعالى: {إِنَّا خَلَقْنَا الإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا} [الإنسان:2].
وقال الله سبحانه وتعالى: {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (1) الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ (2)} [الملك:1-2].
وقال الله سبحانه وتعالى: {إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا} [الكهف:7].
لقد جرت سنة الله في الحياة الدنيا أن تبنى على الابتلاء، فالإنسان يبتلى في دينه، ويبتلى في ماله، ويبتلى في أهله، وكل هذه الابتلاءات ما هي إلا امتحانات يمتحن الله بها عباده ليميز الخبيث من الطيب، وليمحص الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين .
والله عز وجل قد اقتضت حكمته أن يبتلي الرسل بأممهم، والأمم برسلهم، والحكام بالمحكومين، والمحكومين بالحكام، والقوي بالضعيف، والضعيف بالقوي، والغني بالفقير، والفقير بالغني، والصحيح بصحته، والمريض بمرضه، والزارع بمزرعته، والتاجر بتجارته، والصانع بصناعته... الخ.
وطريق الدعوة هو طريق الابتلاء؛ فالنبي صلى الله عليه وسلم قبل الدعوة، وهو في العبادة في غار حراء يتعبد، قالوا عنه الصادق الأمين، لكن لما جهر بالدعوة قالوا: ساحر، مجنون، كذاب، كاهن.
من فقه الابتلاء:
1- الإعداد الحقيقي لتحمل الأمانة:
لا بد من تربية النفوس بالبلاء، ومن امتحان التصميم على معركة الحق بالمخاوف والشدائد، وبالجوع ونقص الأموال والأنفس والثمرات، لا بد من هذا البلاء ليؤدي المؤمنون تكاليف العقيدة، كي تعز على نفوسهم بمقدار ما أدوا في سبيلها من تكاليف.
والعقائد الرخيصة، التي لا يؤدي أصحابها تكاليفها، لا يعز عليهم التخلي عنها عند الصدمة الأولى.
فالتكاليف هنا هي الثمن النفسي الذي تعز به العقيدة في نفوس أهلها قبل أن تعز في نفوس الآخرين، وكلما تألموا في سبيلها، وكلما بذلوا من أجلها، كانت أعز عليهم وكانوا أضن بها، كذلك لن يدرك الآخرون قيمتها إلا حين يرون ابتلاء أهلها بها، وصبرهم على بلائها، إنهم عندئذ سيقولون في أنفسهم: لو لم يكن ما عند هؤلاء من العقيدة خيرًا مما يبتلون به وأكبر ما قبلوا هذا البلاء، ولا صبروا عليه، وعندئذ ينقلب المعارضون للعقيدة باحثين عنها، مقدرين لها، مندفعين إليها، وعندئذ يجيء نصر الله والفتح، ويدخل الناس في دين الله أفواجًا.
ولا بد من البلاء كذلك ليصلب عود أصحاب العقيدة ويقوى، فالشدائد تستجيش مكنون القوى ومذخور الطاقة، وتفتح في القلب منافذ ومسارب ما كان ليعلمها المؤمن في نفسه إلا تحت مطارق الشدائد، والقيم والموازين والتصورات ما كانت لتصح وتدق وتستقيم إلا في جو المحنة، التي تزيل الغبش عن العيون، والران عن القلوب.
وأهم من هذا كله، أو القاعدة لهذا كله الالتجاء إلى الله وحده حين تهتز الأسناد كلها، وتتوارى الأوهام وهي شتى، ويخلو القلب إلى الله وحده، لا يجد سندًا إلا سنده، وفي هذه اللحظة فقط تنجلي الغشاوات، وتتفتح البصيرة، وينجلي الأفق على مد البصر، لا شيء إلا الله، لا قوة إلا قوته، لا حول إلا حوله، لا إرادة إلا إرادته، لا ملجأ إلا إليه، وعندئذ تلتقي الروح بالحقيقة الواحدة التي يقوم عليها تصور صحيح
إن من سنن الله تعالى أن يبتلى الأنبياء بأممهم، فطريق الأنبياء لم يفرش بالورود لأن الناس يريدون المشي على أهوائهم فيعاندون الأنبياء.
الابتلاء طريق الدعاة إلى الله عزوجل
قراءة و تحميل كتاب أم سليم بنت ملحان داعية وهبت حياتها للدعوة PDF مجانا
قراءة و تحميل كتاب التوحيد والوساطة في التربية الدعوية / ج1 PDF مجانا
قراءة و تحميل كتاب إرشاد الرحمن لأسباب النزول والناسخ والمنسوخ والمتشابه وتجويد القرآن PDF مجانا
قراءة و تحميل كتاب التسهيل لتأويل التنزيل تفسير جزء الأحقاف في سؤال وجواب PDF مجانا