كتاب الوقف والابتداءكتب إسلامية

كتاب الوقف والابتداء

أحكام الوقف والابتداء، وهي شطر علم الترتيل؛ قال تعالى: ﴿ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا ﴾ [المزمل: 4]. والترتيل - كما عرفه أهل العلم - هو: تجويد الحروف، ومعرفة الوقوف. وقال عبدالله بن عمر: لقد عشنا برهة من دهرنا وإن أحدنا ليؤتى الإيمان قبل القرآن، وتنزل السورة على محمد فنتعلم حلالها وحرامها، وما ينبغي أن يوقف عنده منها، كما تتعلمون أنتم القرآن اليوم، ولقد رأينا اليوم رجالًا يؤتى أحدهم القرآن قبل الإيمان، فيقرأ ما بين فاتحته إلى خاتمته ما يدري ما آمره ولا زاجره، ولا ما ينبغي أن يوقف عنده منه،قال النحاس: فهذا الحديث يدل على أنهم كانوا يتعلمون الأوقاف كما يتعلمون القرآن. قال ابن الأنباري: من تمام معرفة القرآن: معرفة الوقف والابتداء فيه. وقال غيره: باب الوقف عظيم القدر، جليل الخطر؛ لأنه لا يتأتى لأحد معرفة معاني القرآن ولا استنباط الأدلة الشرعية منه إلا بمعرفة الفواصل. وقال ابن الجزري: لما لم يمكن القارئ أن يقرأ السورة أو القصة في نفس واحد، ولم يجز التنفس بين كلمتين حالة الوصل، بل ذلك كالتنفس في أثناء الكلمة - وجب حينئذ اختيار وقف للتنفس والاستراحة، وتعين ارتضاء ابتداء بعده، وتحتم ألا يكون ذلك مما يحيل المعنى، ولا يخل بالفهم؛ إذ بذلك يظهر الإعجاز، ويحصل القصد؛ ولذلك حض الأئمةُ على تعلمه ومعرفته. واشترط كثير من الخلف على المجيز ألا يحيز أحدًا إلا بعد معرفته الوقف والابتداء. وصح عن الشعبي أنه قال: إذا قرأت: ﴿ كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ ﴾ [الرحمن: 26]، فلا تسكت حتى تقرأ: ﴿ وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ ﴾ [الرحمن: 27]. أنواع الوقف اصطلح الأئمة على أن لأنواع الوقف والابتداء أسماءً، واختلفوا في ذلك على آراء، منها: الأول: الوقف على ثلاثة أوجه: تام، وحسن، وقبيح. أ‌- التام: الذي يحسن الوقف عليه، والابتداء بما بعده، ولا يكون بعده ما يتعلق به؛ كقوله: ﴿ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [البقرة: 5]، وقوله: ﴿ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ ﴾ [البقرة: 6]. ب‌- الحسن: هو الذي يحسن الوقف عليه، ولا يحسن الابتداء بما بعده؛ كقوله: ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ ﴾ [الفاتحة: 2]؛ لأن الابتداء بـ: ﴿ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الفاتحة: 2] لا يحسُنُ؛ لكونه صفة لِما قبله. ج- القبيح: هو الذي ليس بتام ولا حسن؛ كالوقف على "بسم" من قوله: ﴿ بسم الله ﴾. قال: ولا يتم الوقف على المضاف دون المضاف إليه، ولا المنعوت دون نعته، ولا الرافع دون مرفوعه، وعكسه، ولا الناصب دون منصوبه، وعكسه، ولا المؤكد دون توكيده، ولا المعطوف دون المعطوف عليه، ولا البدل دون مبدله، ولا إن أو كان أو ظن وأخواتها دون اسمها، ولا اسمها دون خبرها، ولا المستثنى منه دون الاستثناء، ولا الموصول دون صلته، اسميًّا أو حرفيًّا، ولا الفعل دون مصدره، ولا حرف دون متعلقه، ولا شرط دون جزائه. القول الثاني: الوقف ينقسم إلى أربعة أقسام: تام مختار، وكافٍ جائز، وحسن مفهوم، وقبيح متروك. أ‌- التام: هو الذي لا يتعلق بشيء مما بعده، فيحسن الوقف عليه والابتداء بما بعده، وأكثر ما يوجد عند رؤوس الآي غالبًا؛ كقوله: ﴿ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [البقرة: 5]، وقد يوجد في أثنائها؛ كقوله: ﴿ وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً ﴾ [النمل: 34]، هنا التمام؛ لأنه انقضى كلام بلقيس، ثم قال تعالى: ﴿ وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ ﴾ [النمل: 34]. وكذلك: ﴿ لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي ﴾ [الفرقان: 29] هنا التمام؛ لأنه انقضى كلام الظالم أُبيِّ بن خلف، ثم قال تعالى: ﴿ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا ﴾ [الفرقان: 29]. وقد يوجد بعدها؛ كقوله: ﴿ مُصْبِحِينَ * وَبِاللَّيْلِ ﴾ [الصافات: 137، 138]، هنا التمام؛ لأنه معطوف على المعنى؛ أي: بالصبح وبالليل. ومثله: ﴿ يَتَّكِئُونَ * وَزُخْرُفًا ﴾ [الزخرف: 34، 35]، رأس الآية "يتكئون" و"زخرفًا" هو التمام؛ لأنه معطوف على ما قبله. وآخر كل قصة وما قبل أولها، وآخر كل سورة، وقبل ياء النداء، وفعل الأمر، والقسم ولامه دون القول، والشرط، ما لم يتقدم جوابه: "وكان الله"، "وما كان" و"ذلك" و"لولا" غالبهن تام، ما لم يتقدمهن قسَمٌ، أو قول، أو ما في معناه. ب‌- الكافي: منقطع في اللفظ، متعلق في المعنى: فيحسن الوقف عليه والابتداء بما بعده أيضًا، نحو: ﴿ حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ ﴾ [النساء: 23]، هنا الوقف، ويتبدأ بما بعد ذلك، وهكذا كل رأس آية بعدها "لام كي"، و"إلا" بمعنى "لكن"، و"إن" الشديدة المكسورة، والاستفهام، و"بل"، و"ألَا" المخففة، و"السين"، و"سوف" للتهديد، و"نِعم" و"بئس" و"كيلا"، ما لم يتقدمهن قول أو قسم. جـ- الحسن: هو الذي يحسن الوقف عليه، ولا يحسن الابتداء بما بعده، نحو: ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الفاتحة: 2]. د- القبيح: هو الذي لا يفهم منه المراد؛ كـ: ﴿ الحمد ﴾، وأقبح منه الوقف على: ﴿ لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا ﴾ [المائدة: 17]، ويبتدئ: ﴿ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ﴾ [المائدة: 17]؛ لأن المعنى مستحيل بهذا الابتداء، ومن تعمده وقصد معناه فقد كفر،ومثله في الوقف: ﴿ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ ﴾ [البقرة: 258]، ﴿ فَلَهَا النِّصْفُ وَلِأَبَوَيْهِ ﴾ [النساء: 11].
محمد بن طيفور السجاوندي الغزنوي - ❰ له مجموعة من الإنجازات والمؤلفات أبرزها ❞ الوقف والابتداء ❝ ❱
من كتب علوم القرآن كتب التفاسير وعلوم القرآن الكريم - مكتبة كتب إسلامية.

وصف الكتاب :

أحكام الوقف والابتداء، وهي شطر علم الترتيل؛ قال تعالى: ﴿ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا ﴾ [المزمل: 4].

والترتيل - كما عرفه أهل العلم - هو: تجويد الحروف، ومعرفة الوقوف.

وقال عبدالله بن عمر: لقد عشنا برهة من دهرنا وإن أحدنا ليؤتى الإيمان قبل القرآن، وتنزل السورة على محمد فنتعلم حلالها وحرامها، وما ينبغي أن يوقف عنده منها، كما تتعلمون أنتم القرآن اليوم، ولقد رأينا اليوم رجالًا يؤتى أحدهم القرآن قبل الإيمان، فيقرأ ما بين فاتحته إلى خاتمته ما يدري ما آمره ولا زاجره، ولا ما ينبغي أن يوقف عنده منه،قال النحاس: فهذا الحديث يدل على أنهم كانوا يتعلمون الأوقاف كما يتعلمون القرآن.

قال ابن الأنباري: من تمام معرفة القرآن: معرفة الوقف والابتداء فيه.

وقال غيره: باب الوقف عظيم القدر، جليل الخطر؛ لأنه لا يتأتى لأحد معرفة معاني القرآن ولا استنباط الأدلة الشرعية منه إلا بمعرفة الفواصل.

وقال ابن الجزري: لما لم يمكن القارئ أن يقرأ السورة أو القصة في نفس واحد، ولم يجز التنفس بين كلمتين حالة الوصل، بل ذلك كالتنفس في أثناء الكلمة - وجب حينئذ اختيار وقف للتنفس والاستراحة، وتعين ارتضاء ابتداء بعده، وتحتم ألا يكون ذلك مما يحيل المعنى، ولا يخل بالفهم؛ إذ بذلك يظهر الإعجاز، ويحصل القصد؛ ولذلك حض الأئمةُ على تعلمه ومعرفته.


واشترط كثير من الخلف على المجيز ألا يحيز أحدًا إلا بعد معرفته الوقف والابتداء.

وصح عن الشعبي أنه قال:

إذا قرأت: ﴿ كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ ﴾ [الرحمن: 26]، فلا تسكت حتى تقرأ: ﴿ وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ ﴾ [الرحمن: 27].

أنواع الوقف
اصطلح الأئمة على أن لأنواع الوقف والابتداء أسماءً، واختلفوا في ذلك على آراء، منها:

الأول:

الوقف على ثلاثة أوجه: تام، وحسن، وقبيح.

أ‌- التام: الذي يحسن الوقف عليه، والابتداء بما بعده، ولا يكون بعده ما يتعلق به؛ كقوله: ﴿ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [البقرة: 5]، وقوله: ﴿ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ ﴾ [البقرة: 6].

ب‌- الحسن: هو الذي يحسن الوقف عليه، ولا يحسن الابتداء بما بعده؛ كقوله: ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ ﴾ [الفاتحة: 2]؛ لأن الابتداء بـ: ﴿ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الفاتحة: 2] لا يحسُنُ؛ لكونه صفة لِما قبله.

ج- القبيح: هو الذي ليس بتام ولا حسن؛ كالوقف على "بسم" من قوله: ﴿ بسم الله ﴾.

قال: ولا يتم الوقف على المضاف دون المضاف إليه، ولا المنعوت دون نعته، ولا الرافع دون مرفوعه، وعكسه، ولا الناصب دون منصوبه، وعكسه، ولا المؤكد دون توكيده، ولا المعطوف دون المعطوف عليه، ولا البدل دون مبدله، ولا إن أو كان أو ظن وأخواتها دون اسمها، ولا اسمها دون خبرها، ولا المستثنى منه دون الاستثناء، ولا الموصول دون صلته، اسميًّا أو حرفيًّا، ولا الفعل دون مصدره، ولا حرف دون متعلقه، ولا شرط دون جزائه.

القول الثاني:

الوقف ينقسم إلى أربعة أقسام: تام مختار، وكافٍ جائز، وحسن مفهوم، وقبيح متروك.

أ‌- التام: هو الذي لا يتعلق بشيء مما بعده، فيحسن الوقف عليه والابتداء بما بعده، وأكثر ما يوجد عند رؤوس الآي غالبًا؛ كقوله: ﴿ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [البقرة: 5]، وقد يوجد في أثنائها؛ كقوله: ﴿ وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً ﴾ [النمل: 34]، هنا التمام؛ لأنه انقضى كلام بلقيس، ثم قال تعالى: ﴿ وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ ﴾ [النمل: 34].

وكذلك: ﴿ لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي ﴾ [الفرقان: 29] هنا التمام؛ لأنه انقضى كلام الظالم أُبيِّ بن خلف، ثم قال تعالى: ﴿ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا ﴾ [الفرقان: 29].

وقد يوجد بعدها؛ كقوله: ﴿ مُصْبِحِينَ * وَبِاللَّيْلِ ﴾ [الصافات: 137، 138]، هنا التمام؛ لأنه معطوف على المعنى؛ أي: بالصبح وبالليل.

ومثله: ﴿ يَتَّكِئُونَ * وَزُخْرُفًا ﴾ [الزخرف: 34، 35]، رأس الآية "يتكئون" و"زخرفًا" هو التمام؛ لأنه معطوف على ما قبله.

وآخر كل قصة وما قبل أولها، وآخر كل سورة، وقبل ياء النداء، وفعل الأمر، والقسم ولامه دون القول، والشرط، ما لم يتقدم جوابه: "وكان الله"، "وما كان" و"ذلك" و"لولا" غالبهن تام، ما لم يتقدمهن قسَمٌ، أو قول، أو ما في معناه.

ب‌- الكافي: منقطع في اللفظ، متعلق في المعنى: فيحسن الوقف عليه والابتداء بما بعده أيضًا، نحو: ﴿ حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ ﴾ [النساء: 23]، هنا الوقف، ويتبدأ بما بعد ذلك، وهكذا كل رأس آية بعدها "لام كي"، و"إلا" بمعنى "لكن"، و"إن" الشديدة المكسورة، والاستفهام، و"بل"، و"ألَا" المخففة، و"السين"، و"سوف" للتهديد، و"نِعم" و"بئس" و"كيلا"، ما لم يتقدمهن قول أو قسم.

جـ- الحسن: هو الذي يحسن الوقف عليه، ولا يحسن الابتداء بما بعده، نحو: ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الفاتحة: 2].

د- القبيح: هو الذي لا يفهم منه المراد؛ كـ: ﴿ الحمد ﴾، وأقبح منه الوقف على: ﴿ لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا ﴾ [المائدة: 17]، ويبتدئ: ﴿ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ﴾ [المائدة: 17]؛ لأن المعنى مستحيل بهذا الابتداء، ومن تعمده وقصد معناه فقد كفر،ومثله في الوقف: ﴿ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ ﴾ [البقرة: 258]، ﴿ فَلَهَا النِّصْفُ وَلِأَبَوَيْهِ ﴾ [النساء: 11].


للكاتب/المؤلف : محمد بن طيفور السجاوندي الغزنوي .
دار النشر : .
عدد مرات التحميل : 10737 مرّة / مرات.
تم اضافته في : الخميس , 14 مارس 2019م.
حجم الكتاب عند التحميل : 9.9 ميجا بايت .

ولتسجيل ملاحظاتك ورأيك حول الكتاب يمكنك المشاركه في التعليقات من هنا:

أحكام الوقف والابتداء، وهي شطر علم الترتيل؛ قال تعالى: ﴿ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا ﴾ [المزمل: 4].
 
والترتيل - كما عرفه أهل العلم - هو: تجويد الحروف، ومعرفة الوقوف.

وقال عبدالله بن عمر: لقد عشنا برهة من دهرنا وإن أحدنا ليؤتى الإيمان قبل القرآن، وتنزل السورة على محمد فنتعلم حلالها وحرامها، وما ينبغي أن يوقف عنده منها، كما تتعلمون أنتم القرآن اليوم، ولقد رأينا اليوم رجالًا يؤتى أحدهم القرآن قبل الإيمان، فيقرأ ما بين فاتحته إلى خاتمته ما يدري ما آمره ولا زاجره، ولا ما ينبغي أن يوقف عنده منه،قال النحاس: فهذا الحديث يدل على أنهم كانوا يتعلمون الأوقاف كما يتعلمون القرآن.

قال ابن الأنباري: من تمام معرفة القرآن: معرفة الوقف والابتداء فيه.

وقال غيره: باب الوقف عظيم القدر، جليل الخطر؛ لأنه لا يتأتى لأحد معرفة معاني القرآن ولا استنباط الأدلة الشرعية منه إلا بمعرفة الفواصل.

وقال ابن الجزري: لما لم يمكن القارئ أن يقرأ السورة أو القصة في نفس واحد، ولم يجز التنفس بين كلمتين حالة الوصل، بل ذلك كالتنفس في أثناء الكلمة - وجب حينئذ اختيار وقف للتنفس والاستراحة، وتعين ارتضاء ابتداء بعده، وتحتم ألا يكون ذلك مما يحيل المعنى، ولا يخل بالفهم؛ إذ بذلك يظهر الإعجاز، ويحصل القصد؛ ولذلك حض الأئمةُ على تعلمه ومعرفته.


واشترط كثير من الخلف على المجيز ألا يحيز أحدًا إلا بعد معرفته الوقف والابتداء.

وصح عن الشعبي أنه قال:

إذا قرأت: ﴿ كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ ﴾ [الرحمن: 26]، فلا تسكت حتى تقرأ: ﴿ وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ ﴾ [الرحمن: 27].

أنواع الوقف
اصطلح الأئمة على أن لأنواع الوقف والابتداء أسماءً، واختلفوا في ذلك على آراء، منها:

الأول:

الوقف على ثلاثة أوجه: تام، وحسن، وقبيح.

أ‌- التام: الذي يحسن الوقف عليه، والابتداء بما بعده، ولا يكون بعده ما يتعلق به؛ كقوله: ﴿ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [البقرة: 5]، وقوله: ﴿ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ ﴾ [البقرة: 6].

ب‌- الحسن: هو الذي يحسن الوقف عليه، ولا يحسن الابتداء بما بعده؛ كقوله: ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ ﴾ [الفاتحة: 2]؛ لأن الابتداء بـ: ﴿ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الفاتحة: 2] لا يحسُنُ؛ لكونه صفة لِما قبله.

ج- القبيح: هو الذي ليس بتام ولا حسن؛ كالوقف على "بسم" من قوله: ﴿ بسم الله ﴾.

قال: ولا يتم الوقف على المضاف دون المضاف إليه، ولا المنعوت دون نعته، ولا الرافع دون مرفوعه، وعكسه، ولا الناصب دون منصوبه، وعكسه، ولا المؤكد دون توكيده، ولا المعطوف دون المعطوف عليه، ولا البدل دون مبدله، ولا إن أو كان أو ظن وأخواتها دون اسمها، ولا اسمها دون خبرها، ولا المستثنى منه دون الاستثناء، ولا الموصول دون صلته، اسميًّا أو حرفيًّا، ولا الفعل دون مصدره، ولا حرف دون متعلقه، ولا شرط دون جزائه.

القول الثاني:

الوقف ينقسم إلى أربعة أقسام: تام مختار، وكافٍ جائز، وحسن مفهوم، وقبيح متروك.

أ‌- التام: هو الذي لا يتعلق بشيء مما بعده، فيحسن الوقف عليه والابتداء بما بعده، وأكثر ما يوجد عند رؤوس الآي غالبًا؛ كقوله: ﴿ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [البقرة: 5]، وقد يوجد في أثنائها؛ كقوله: ﴿ وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً ﴾ [النمل: 34]، هنا التمام؛ لأنه انقضى كلام بلقيس، ثم قال تعالى: ﴿ وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ ﴾ [النمل: 34].

وكذلك: ﴿ لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي ﴾ [الفرقان: 29] هنا التمام؛ لأنه انقضى كلام الظالم أُبيِّ بن خلف، ثم قال تعالى: ﴿ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا ﴾ [الفرقان: 29].

وقد يوجد بعدها؛ كقوله: ﴿ مُصْبِحِينَ * وَبِاللَّيْلِ ﴾ [الصافات: 137، 138]، هنا التمام؛ لأنه معطوف على المعنى؛ أي: بالصبح وبالليل.

ومثله: ﴿ يَتَّكِئُونَ * وَزُخْرُفًا ﴾ [الزخرف: 34، 35]، رأس الآية "يتكئون" و"زخرفًا" هو التمام؛ لأنه معطوف على ما قبله.

وآخر كل قصة وما قبل أولها، وآخر كل سورة، وقبل ياء النداء، وفعل الأمر، والقسم ولامه دون القول، والشرط، ما لم يتقدم جوابه: "وكان الله"، "وما كان" و"ذلك" و"لولا" غالبهن تام، ما لم يتقدمهن قسَمٌ، أو قول، أو ما في معناه.

ب‌- الكافي: منقطع في اللفظ، متعلق في المعنى: فيحسن الوقف عليه والابتداء بما بعده أيضًا، نحو: ﴿ حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ ﴾ [النساء: 23]، هنا الوقف، ويتبدأ بما بعد ذلك، وهكذا كل رأس آية بعدها "لام كي"، و"إلا" بمعنى "لكن"، و"إن" الشديدة المكسورة، والاستفهام، و"بل"، و"ألَا" المخففة، و"السين"، و"سوف" للتهديد، و"نِعم" و"بئس" و"كيلا"، ما لم يتقدمهن قول أو قسم.

جـ- الحسن: هو الذي يحسن الوقف عليه، ولا يحسن الابتداء بما بعده، نحو: ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الفاتحة: 2].

د- القبيح: هو الذي لا يفهم منه المراد؛ كـ: ﴿ الحمد ﴾، وأقبح منه الوقف على: ﴿ لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا ﴾ [المائدة: 17]، ويبتدئ: ﴿ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ﴾ [المائدة: 17]؛ لأن المعنى مستحيل بهذا الابتداء، ومن تعمده وقصد معناه فقد كفر،ومثله في الوقف: ﴿ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ ﴾ [البقرة: 258]، ﴿ فَلَهَا النِّصْفُ وَلِأَبَوَيْهِ ﴾ [النساء: 11].



نوع الكتاب : pdf.
اذا اعجبك الكتاب فضلاً اضغط على أعجبني
و يمكنك تحميله من هنا:

تحميل الوقف والابتداء
محمد بن طيفور السجاوندي الغزنوي
محمد بن طيفور السجاوندي الغزنوي
Muhammad ibn Tayfur al Sajawandi al Ghaznawi
❰ له مجموعة من الإنجازات والمؤلفات أبرزها ❞ الوقف والابتداء ❝ ❱.



كتب اخرى في كتب علوم القرآن

قضية المحكم والمتشابه PDF

قراءة و تحميل كتاب قضية المحكم والمتشابه PDF مجانا

قواعد التدبر الأمثل ل الله عزوجل تأملات PDF

قراءة و تحميل كتاب قواعد التدبر الأمثل ل الله عزوجل تأملات PDF مجانا

منظومة الزمزمي PDF

قراءة و تحميل كتاب منظومة الزمزمي PDF مجانا

إسعاف طلاب القرآن من بدع قراء آخر الزمان PDF

قراءة و تحميل كتاب إسعاف طلاب القرآن من بدع قراء آخر الزمان PDF مجانا

إحكام القنطرة في أحكام البسملة PDF

قراءة و تحميل كتاب إحكام القنطرة في أحكام البسملة PDF مجانا

منهج الاستنباط من القرآن الكريم (ماجستير) PDF

قراءة و تحميل كتاب منهج الاستنباط من القرآن الكريم (ماجستير) PDF مجانا

البيان القرآني للسيرة النبوية PDF

قراءة و تحميل كتاب البيان القرآني للسيرة النبوية PDF مجانا

الناسخ والمنسوخ للزهري PDF

قراءة و تحميل كتاب الناسخ والمنسوخ للزهري PDF مجانا

المزيد من كتب علوم القرآن في مكتبة كتب علوم القرآن , المزيد من كتب إسلامية متنوعة في مكتبة كتب إسلامية متنوعة , المزيد من إسلامية متنوعة في مكتبة إسلامية متنوعة , المزيد من كتب الفقه العام في مكتبة كتب الفقه العام , المزيد من كتب التوحيد والعقيدة في مكتبة كتب التوحيد والعقيدة , المزيد من مؤلفات حول الحديث النبوي الشريف في مكتبة مؤلفات حول الحديث النبوي الشريف , المزيد من كتب أصول الفقه وقواعده في مكتبة كتب أصول الفقه وقواعده , المزيد من التراجم والأعلام في مكتبة التراجم والأعلام , المزيد من السنة النبوية الشريفة في مكتبة السنة النبوية الشريفة
عرض كل كتب إسلامية ..
اقرأ المزيد في مكتبة كتب إسلامية , اقرأ المزيد في مكتبة كتب تقنية المعلومات , اقرأ المزيد في مكتبة المناهج التعليمية والكتب الدراسية , اقرأ المزيد في مكتبة القصص والروايات والمجلّات , اقرأ المزيد في مكتبة كتب الهندسة والتكنولوجيا , اقرأ المزيد في مكتبة الكتب والموسوعات العامة , اقرأ المزيد في مكتبة كتب تعلم اللغات , اقرأ المزيد في مكتبة كتب التنمية البشرية , اقرأ المزيد في مكتبة الكتب التعليمية , اقرأ المزيد في مكتبة كتب التاريخ , اقرأ المزيد في مكتبة كتب الأطفال قصص ومجلات , اقرأ المزيد في مكتبة كتب الطب , اقرأ المزيد في مكتبة الكتب العلمية , اقرأ المزيد في مكتبة كتب علوم سياسية وقانونية , اقرأ المزيد في مكتبة كتب الأدب , اقرأ المزيد في مكتبة كتب الروايات الأجنبية والعالمية , اقرأ المزيد في مكتبة كتب اللياقة البدنية والصحة العامة , اقرأ المزيد في مكتبة كتب الأسرة والتربية الطبخ والديكور , اقرأ المزيد في مكتبة الكتب الغير مصنّفة , اقرأ المزيد في مكتبة كتب المعاجم واللغات , اقرأ المزيد في مكتبة كتب علوم عسكرية و قانون دولي
جميع مكتبات الكتب ..