الخشوع يأتي بِمَعْنَى لِينِ القلبِ، ورقَّتِه، وسُكونِه، فإذا خَشَعَ القَلبُ تَبِعَه خشوعُ الجوارح؛ لأنَّها تابعةٌ له؛ عنِ النُّعمان بن بشير رضِيَ الله عنه؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ألا وإنَّ في الجسَد مُضْغةً، إذا صَلَحَتْ صَلَح الجسَدُ كلُّه، وإذا فسَدَتْ فسَدَ الجسَدُ كله، ألا وهي القلب)).
ولذلك كان النبي صلَّى الله عليه وسلم في صلاته يقول: ((خَشَعَ لكَ سمعي، وبصري، ومُخِّي، وعَظمي، وعصبي)).
عن عوف بن مالك رضي الله عنه قال: "بينما نحن جلوس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ذاتَ يوم، فَنَظَر في السماء، ثم قال: ((هذا أوانُ العِلْم أن يُرْفَع))، فقال له رجلٌ مِن الأنصار، يُقال له: زياد بن لبيد: "أيُرْفَع العِلْمُ يا رسول الله، وفينا كتابُ اللهِ، وقد عَلَّمْناه أبناءَنا ونساءَنا؟!"، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إنْ كنتُ لأظنُّك مِن أفقهِ أهلِ المدينة))، ثم ذَكر ضلالةَ أهلِ الكتابيْن وعندهما ما عندهما مِن كتاب الله عز وجل، فلقِيَ جُبيرُ بنُ نُفيرٍ شدَّادَ بْنَ أَوْسٍ بِالمُصَلَّى، فَحَدَّثَهُ هذا الحديثَ عن عوف بن مالك، قال: صَدَقَ عوفٌ، ثم قال: "فهل تدري ما رَفْعُ العِلْم؟"، قال: قلتُ: لا أدري، قال: ذَهاب أَوْعِيَتِهِ، قال: وهل تدري أيُّ العِلْم أوَّلُ أن يُرْفَع؟ قال : فقلتُ: لا أدري، قال: "الخشوع، حتى لا تكاد ترى خاشعًا".
فإذا دخل المصلِّي المسجدَ بَدَأَتِ الوساوسُ، والأفكارُ، والانشغالُ بأمور الدنيا في ذِهْنِه، فما يَشعُر إلا وقد انتهى الإمامُ مِن صلاته، وحينئذٍ يَتحسَّر على صلاتِه التي لم يَخشَع فيها، ولم يَذُقْ حلاوتَها، وإنما كانت مجرَّدَ حركاتٍ وتمتمات؛ كالجسد بلا روح.
قال ابن القيم رحمه الله: "صلاةٌ بلا خشوعٍ ولا حضورٍ؛ كبَدَنٍ ميِّتٍ لا رُوحَ فيهِ، أفلا يَسْتَحْيِي العَبْدُ أنْ يُهديَ إلى مخلوقٍ مثلِه عبدًا ميِّتًا، أو جاريةً ميتة؟ فما ظنُّ هذا العبد أن تَقَعَ تلك الهَديَّةُ مِمَّن قَصَدَهُ بها مِن مَلِكٍ، أو أميرٍ، أو غيرِه؟! فهكذا سواءً الصلاةُ الخالية عن الخشوع والحضور، وجمْعِ الهِمَّة على الله تعالى فيها بمنزلة هذا العبد - أو الأَمَة - الميت، الذي يُريد إهداءَه إلى بعضِ الملوك؛ ولهذا لا يَقبَلها الله تعالى منه، وإنْ أَسْقَطَتِ الفرضَ في أحكام الدنيا، ولا يُثِيبُه عليها؛ فإنه ليس للعبد مِن صلاته إلا ما عقَلَ منها" .
قال بعضُهم: إنَّ الرجُلَيْنِ لَيكونانِ في الصَّلاةِ، وإنَّ ما بَيْنَهُما كما بين السماء والأرض.
وعن عمَّار بن ياسر رَضِيَ الله عنه؛ أنَّ النبي صَلَّى الله عليه وسلم قال: ((وإنَّ الرجُل لَينصَرف وما كُتِبَ له إلا عُشْرُ صلاتِه، تُسعُها، ثُمنُها، سُبعُها، سُدسُها، خُمسُها، رُبعُها، ثُلثُها، نِصفُها))
والخشوعُ في الصلاة إنما يحصُل لِمَن فَرَّغَ قلبَه لها، واشتَغَل بها عمَّا عَدَاها، وآثرَها على غيرها، وحينئذٍ تكون له قُرَّةَ عيْن؛ عن أنس رضي الله عنه؛ أنَّ النَّبي صلى الله عليه وسلم قال: ((حُبِّبَ إليَّ مِن الدُّنيا النساءُ والطِّيب، وجُعِلَتْ قُرَّةُ عيني في الصلاة)
الكتاب عبارة عن رسالة مُفصَّلة في هذا الباب؛ ذكر فيها المؤلف واحدًا وعشرين مبحثًا، وذكر في المبحث الحادي والعشرين ثلاثة وخمسين سببًا من الأسباب التي تزيل الغفلة، وتجلب الخشوع في الصلاة.
المبحث الأول:
مفهوم الخشوع: لغة وشرعًا.
المبحث الثاني:
الفرق بين خشوع الإيمان وخشوع النفاق.
المبحث الثالث:
الخشوع في الصلاة: علم نافع وعمل صالح.
المبحث الرابع:
فضائل الخشوع لله تعالى في الصلاة.
المبحث الخامس:
الفرق بين الخشوع،والوجل،والقنوت،والسكينة،والإخبات، والطمأنينة.
المبحث السادس:
حكم الخشوع في الصلاة.
المبحث السابع:
منزلة الخشوع في الصلاة.
المبحث الثامن:
حكم الوسوسة في الصلاة.
المبحث التاسع:
الخشوع في الصلاة من إقامتها.
المبحث العاشر:
التحذير من ترك الخشوع في الصلاة.
المبحث الحادي عشر:
الصلاة بخشوع قرةٌ للعين وراحةٌ للقلب.
المبحث الثاني عشر:
مشاهد الصلاة التي تقرُّ بها العين.
المبحث الثالث عشر:
أقسام الناس في الخشوع في الصلاة.
المبحث الرابع عشر:
خشوع النبي - صلى الله عليه وسلم - في صلاته.
المبحث الخامس عشر:
خشوع الصحابة - رضي الله عنهم - في صلاتهم.
المبحث السادس عشر:
خشوع التابعين وأتباعهم في صلاتهم.
المبحث السابع عشر:
الخشوع في قراءة القرآن في الصلاة وغيرها.
المبحث الثامن عشر:
درجات الخشوع في الصلاة.
المبحث التاسع عشر:
فوائد الخشوع في الصلاة.
المبحث العشرون:
الخشوع يثمر التلذذ بطعم الصلاة.
المبحث الحادي والعشرون:
ما يزيل الغفلة، ويجلب الخشوع في الصلاة.
وتحته ثلاثة وخمسون سببًا من أسباب الخشوع في الصلاة، وهي على النحو الآتي:
السبب الأول:
معرفة الله تعالى.
السبب الثاني:
علاج قسوة القلب.
السبب الثالث:
الابتعاد عن الوسوسة.
السبب الرابع:
متابعة المؤذن من الأمور التي تجلب الخشوع في الصلاة.
السبب الخامس:
العمل بآداب المشي إلى الصلاة من أعظم ما يجلب الخشوع.
السبب السادس:
عدم الالتفات لغير حاجة.
السبب السابع:
عدم رفع البصر إلى السماء.
السبب الثامن:
عدم افتراش الذراعين في السجود.
السبب التاسع:
عدم التَّخصُّر.
السبب العاشر:
عدم النظر إلى ما يُلهي ويشغل.
السبب الحادي عشر:
عدم الصلاة إلى ما يشغل ويُلهي.
السبب الثاني عشر:
عدم الإقعاء المذموم.
السبب الثالث عشر:
عدم عبث المصلي بجوارحه.
السبب الرابع عشر:
عدم تشبيك الأصابع، وفرقعتها في الصلاة.
السبب الخامس عشر:
عدم الصلاة بحضرة الطعام.
السبب السادس عشر:
عدم مدافعة الأخبثين [البول والغائط].
السبب السابع عشر:
عدم بصاق المصلي أمامه، أو عن يمينه في الصلاة.
السبب الثامن عشر:
عدم كف الشعر أو الثوب في الصلاة.
السبب التاسع عشر:
عدم عقص الرأس في الصلاة.
السبب العشرون:
عدم تغطية الفم في الصلاة.
السبب الحادي والعشرون:
عدم السدل في الصلاة.
السبب الثاني والعشرون:
عدم تخصيص مكان من المسجد للصلاة.
السبب الثالث والعشرون:
عدم الاعتماد على اليد في الجلوس في الصلاة.
السبب الرابع والعشرون:
عدم التثاؤب في الصلاة.
السبب الخامس والعشرون:
عدم الركوع قبل أن يصل إلى الصف.
السبب السادس والعشرون:
عدم الصلاة في المسجد لمن أكل البصل والثوم.
السبب السابع والعشرون:
عدم صلاة النفل عند مغالبة النوم.
السبب الثامن والعشرون:
الصلاة إلى سترة، والدنوِّ منها.
السبب التاسع والعشرون:
وضع اليد اليمنى على اليسرى على الصدر.
السبب الثلاثون:
الإشارة بالسبابة، وتحريكها في الدعاء في التشهد.
السبب الحادي والثلاثون:
النظر إلى موضع السجود، وإلى السبابة.
السبب الثاني والثلاثون:
العلم بأنَّ المصلِّي يدعو الله ويخاطبه، وأن الله يرَدّ عليه.
السبب الثالث والثلاثون:
الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم.
السبب الرابع والثلاثون:
تدبّر القرآن في الصلاة يجلب الخشوع، ويطرد الغفلة.
السبب الخامس والثلاثون:
تحسين القراءة بالقرآن وترتيله.
السبب السادس والثلاثون:
سجود التلاوة في الصلاة.
السبب السابع والثلاثون:
المحافظة على سنن الصلاة:القولية والفعلية.
السبب الثامن والثلاثون:
ذكر الموت في الصلاة.
السبب التاسع والثلاثون:
الحذر من الغفلة.
السبب الأربعون:
الاستجابة لله ولرسوله، مع العلم أن الله يحول بين العبد وقلبه.
السبب الحادي والأربعون:
سؤال الله تعالى الخشوع في الصلاة.
السبب الثاني والأربعون:
العلم بأن العبد ليس له من صلاته إلا ما عقل منها.
السبب الثالث والأربعون:
معرفة خشوع النبي - صلى الله عليه وسلم - في صلاته.
السبب الرابع والأربعون:
معرفة خشوع الصحابة والتابعين وأتباعهم رحمهم الله.
السبب الخامس والأربعون:
العلم بما ثبت في التحذير من ترك الخشوع، وما ثبت من الترغيب في الخشوع.
السبب السادس والأربعون:
فهمُ وتدبُّر معاني أفعال الصلاة يجلب الخشوع فيها.
السبب السابع والأربعون:
فهم وتدبُّر معاني أقوال الصلاة.
السبب الثامن والأربعون:
التنويع في الاستفتاح، والقراءة، والأذكار في الصلاة.
السبب التاسع والأربعون:
الاجتهاد في الدعاء في مواضعه في الصلاة.
السبب الخمسون:
إحسان الطهور، وإكماله.
السبب الحادي والخمسون:
المحافظة على صفة الصلاة الكاملة من كل وجه.
السبب الثاني والخمسون:
المحافظة على الأذكار أدبار الصلوات المفروضة.
السبب الثالث والخمسون:
المحافظة على السنن الرواتب قبل الفريضة وبعدها.
قراءة و تحميل كتاب أصول الفقه المسمى: الفصول في الأصول PDF مجانا
قراءة و تحميل كتاب 35 وسيلة لتدعو لك الملائكة وتستغفر لك PDF مجانا
قراءة و تحميل كتاب هذا هو الإسلام الذي قالوا عنه (يحتوي الكتاب على سبعين درسا ) PDF مجانا
قراءة و تحميل كتاب الجامع لأحكام الصلاة 12 الطبعة الأخيرة PDF مجانا
قراءة و تحميل كتاب الله أكبر كيف يصل الحاج إلى حقيقتها PDF مجانا