كتاب القرآن الكريم رؤية تربويةكتب إسلامية

كتاب القرآن الكريم رؤية تربوية

القرآن الكريم هو دستور الحياة وكتاب نور وعلم وهداية، ومنهج شامل وبيان لكل جوانب الحياة وما يحتاجه الانسان من معرفة تحدد له أطر العلاقة بربه ونفسه ومجتمعه، وهو كتاب تربية واعداد سماوي انطلاقا من الإيمان بالله الواحد الأحد رب العالمين، فالله تعالى هو رب العالمين, وكلمة الرب مشتقة من التربية وهي تحمل معاني العناية والرعاية والإصلاح والتأديب،وعليه فان الله الخالق تعالى ذكره هو المربي والمؤدب الإنسان من خلال الإنبياء والرسالات السماوية التي تضمنت أسمى وأرفع القيم الأخلاقية التي ترتقي بالإنسان وتجعله مؤهلا لمسؤولية خلافة الله في الأرض، والى هذا يشير رسول الله (ص) بقوله: "أدبني ربي فأحسن تأديبي". ورسول الله (ص) هو المربي الأول لهذه الأمة بالقرآن، فقد أشرف على تربية جيل من الناس فكان ذلك الجيل ظاهرة فريدة عجيبة لم يشهد التاريخ لها مثيلا حتى الآن، بحيث استطاع هذا الرجل العظيم أن يعيد بناء الإنسان العربي الجاهلي ويخرجه من ظلمات التصحر الفكري والعقائدي والأخلاقي والإجتماعي الى نور الايمان والمعرفة وسمو الخلق وسماحة الذات (هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ ) الجمعة-2. {يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأمُورِ} لقمان 17 وفي القرآن الكريم نجد أهداف التربية ومواضيعها السبعة وهي: التربية العقيدية، والتربية الخُلقية، والتربية الجسمية، والتربية العقلية، والتربية النفسية، والتربية الاجتماعية، والتربية الجنسية. وسوف نفرد بحثا مفصلا لكل موضوع من مواضيع التربية القرآنية وأهدافها ان شاء الله لاحقا والشواهد القرآنية على أهداف التربية ومواضيعها كثيرة ولكن قبل استعراضها لا بد من الإشارة الى أمرين أساسيين: الأمر الأول: العبادات وآثارها التربوية الأمر الثاني: الأسلوب التربوي في القرآن الكريم أولا : العبادات وآثارها التربوية: مما لاشك فيه أن العبادات التي افترض الله على عباده تأديتها والتزامها لا تخلو من أهداف انطلاقا من حكمة الله المتعالية في التدبير والتشريع، وقد ننظر الى حكمة التشريع وغاياته والمصالح المرجوة منه من زوايا متعددة الا اننا قد نغفل أحيانا النظر الى الجانب التربوي الذي أراد الله تعالى تعزيزه من خلال العبادة أو التشريع، فلو أخذنا الصلاة على سبيل المثال وهي رأس العبادات وعامود الدين وقربان المؤمن ومعراج كل تقي، فقد ننظر اليها من زاوية معينة على انها عبادة يراد من خلالها التواصل مع الله واظهار الخضوع والعبودية له، ولكن لو تأملنا في حكمة هذا التشريع وأبعاده أكثر لوجدنا أن الصلاة هي عبادة تربوية بامتياز، فهي: أولا، شكر لله تعالى على نعمه الجليلة، والشكر هو سلوك تربوي ايجابي تتبناه الفطرة السليمة ويفرضه العقل ويستحسنه العرف {وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ وَمَن يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ} لقمان12. وثانيا، تهذيب للنفس وتطويع لها على طاعة الله والابتعاد عن المعاصي والموبقات الأخلاقية {اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ} العنكبوت45 وهي ثالثا: سمة الصلحاء والأتقياء الموصوفين بالخلق العالي والسمعة الطيبة والأفعال الحميدة {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَاماً وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِيَاماً} (الفرقان 63 -64). وهكذا بالنسبة لعبادة ثانية وهي الصوم الذي بين الله تعالى الغاية والهدف منه بقوله {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} البقرة183 فالصوم عبادة روحية تربوية تهذيبية ليس المراد منها صيام البطون عن الطعام -وان كان للجسد نصيبه من فوائد الصوم (صوموا تصحوا)– وإنما المطلوب صيام الجوارح عن الحرام والى هذا الهدف تشير الأحاديث الشريفة الواردة عن النبي الأكرم (ص) والأئمة الهداة (ع) فعن الامام الصادق (ع): "ان الصيام ليس من الطعام والشراب وحدهما فإذا صمتم فاحفظوا ألسنتكم عن الكذب،وغضوا أبصاركم عما حرم الله عليكم، ولا تنازعوا، ولا تحاسدوا،ولا تغتابوا،ولا تماروا، ولا تخالفوا، ولا تسابوا، ولا تشاتموا، ولا تظلموا، ولا تسافهوا،ولا تضاجروا، ولا تغفلوا عن ذكر الله ". وقد أشار النبي الكريم في خطبة استقبال شهر رمضان وفضله الى العديد من المضامين التربوية التي لا بد أن تصاحب الصوم والتي تستهدف الفرد والمجتمع على حد سواء فقد اعتبر (ص) أن عبادة الصوم لا بد أن تكون منطلقا لحسن الخلق " من حسن منكم في هذا الشهر خلقه كان له جواز على الصراط يوم تزل فيه الأقدام "، ومنطلقا للإلتفات الى الناس بالمحبة والخير " وتصدقوا على فقرائكم ومساكينكم ووقروا كباركم وارحموا صغاركم وصلوا أرحامكم ". الى غير ذلك من الأبعاد التربوية التي تحفل بها عبادة الصوم. واذا أخذنا عبادة الحج أيضا وحاولنا أن ندرس أبعادها التربوية فإننا نجد أنها تستهدف الشخصية الإنسانية وتتعاهدها بالتربية انطلاقا من كون الحج محطة للرجوع الى الله ومراجعة الذات، فالمناسك الواجبة في الحج بدءا بالإحرام فالطواف ثم السعي والرجم وغيرها تريد للإنسان المسلم أن يخرج من كل ولاء أو تبعية لغير الله تعالى وأن يطوف داعيا ملبيا نداء الفطرة نداء التوحيد، ثم تريد له أن يخرج من كبريائه وعلوه وأن يتواضع لله ثم للناس الذين تجمعه بهم وحدة الخلق ان لم نقل وحدة الدين، وتريد له هذه العبادة العظيمة أن يرجم شيطان نفسه ويتبرأ من كل الشياطين اينما وجدوا وحلوا!..{الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللّهُ وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ} البقرة197. ثانيا: الأسلوب التربوي في القرآن الكريم: نجد في القرآن الكريم الأساليب التربوية الكثيرة والمتعددة الأنماط والأشكال والتي تراعي أحوال الفئات المستهدفة وامكانياتهم وقدراتهم العلمية والإستيعابية نذكر منها: 1. التربية بالترغيب: {وَبَشِّرِ الَّذِين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُواْ مِنْهَا مِن ثَمَرَةٍ رِّزْقاً قَالُواْ هَـذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِن قَبْلُ وَأُتُواْ بِهِ مُتَشَابِهاً وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} البقرة25 2. التربية بالترهيب: {قَالَ أَمَّا مَن ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَاباً نُّكْراً} الكهف87 3. التربية بالترغيب والترهيب معا: {فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَيَزيدُهُم مِّن فَضْلِهِ وَأَمَّا الَّذِينَ اسْتَنكَفُواْ وَاسْتَكْبَرُواْ فَيُعَذِّبُهُمْ عَذَاباً أَلُيماً وَلاَ يَجِدُونَ لَهُم مِّن دُونِ اللّهِ وَلِيّاً وَلاَ نَصِيراً} النساء17 4. التربية بالعقوبة الدنيوية: {إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} المائدة33 5. التربية بالعقوبة الأخروية: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَاراً كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُوداً غَيْرَهَا لِيَذُوقُواْ الْعَذَابَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَزِيزاً حَكِيماً} النساء56 6. التربية بالقصة: {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَـذَا الْقُرْآنَ وَإِن كُنتَ مِن قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ} يوسف3 7. التربية بالمثل: {مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّئَةُ حَبَّةٍ وَاللّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} البقرة261 8. التربية بالجدل (الحوار): {وَقَالَ اللّهُ لاَ تَتَّخِذُواْ إِلـهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلهٌ وَاحِدٌ فَإيَّايَ فَارْهَبُونِ} النحل51 9. التربية بالموعظة: {إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} النحل90 10. التربية بالقدوة: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً} الأحزاب21 11. التربية بالعبادة: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} البقرة183 12. التربية بالأحداث: {فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِّثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ} فصلت13 13. التربية بتدرج الأحكام: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ كَذَلِكَ يُبيِّنُ اللّهُ لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ} البقرة219 14. التربية بالملاحظة والنظر: {أَفَلَا يَنظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ} الغاشية17 15. التربية بالصحبة: {قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً} الكهف66 16. التربية من خلال تغيير البيئة: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلآئِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُواْ فِيمَ كُنتُمْ قَالُواْ كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالْوَاْ أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُواْ فِيهَا فَأُوْلَـئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءتْ مَصِيراً} النساء97 ..وغير ذلك من الوسائل التربوية.
د.سعيد إسماعيل علي - ❰ له مجموعة من الإنجازات والمؤلفات أبرزها ❞ القرآن الكريم رؤية تربوية ❝ ❞ الفكر التربوي العربي الحديث ❝ ❞ السنة النبوية رؤية تربوية ❝ ❞ التربية في الحضارة المصرية القديمة ❝ الناشرين : ❞ دار الفكر العربي بمصر ❝ ❞ عالم الكتب ❝ ❱
من كتب علوم القرآن كتب التفاسير وعلوم القرآن الكريم - مكتبة كتب إسلامية.

وصف الكتاب : القرآن الكريم هو دستور الحياة وكتاب نور وعلم وهداية، ومنهج شامل وبيان لكل جوانب الحياة وما يحتاجه الانسان من معرفة تحدد له أطر العلاقة بربه ونفسه ومجتمعه، وهو كتاب تربية واعداد سماوي انطلاقا من الإيمان بالله الواحد الأحد رب العالمين، فالله تعالى هو رب العالمين, وكلمة الرب مشتقة من التربية وهي تحمل معاني العناية والرعاية والإصلاح والتأديب،وعليه فان الله الخالق تعالى ذكره هو المربي والمؤدب الإنسان من خلال الإنبياء والرسالات السماوية التي تضمنت أسمى وأرفع القيم الأخلاقية التي ترتقي بالإنسان وتجعله مؤهلا لمسؤولية خلافة الله في الأرض، والى هذا يشير رسول الله (ص) بقوله: "أدبني ربي فأحسن تأديبي". ورسول الله (ص) هو المربي الأول لهذه الأمة بالقرآن، فقد أشرف على تربية جيل من الناس فكان ذلك الجيل ظاهرة فريدة عجيبة لم يشهد التاريخ لها مثيلا حتى الآن، بحيث استطاع هذا الرجل العظيم أن يعيد بناء الإنسان العربي الجاهلي ويخرجه من ظلمات التصحر الفكري والعقائدي والأخلاقي والإجتماعي الى نور الايمان والمعرفة وسمو الخلق وسماحة الذات (هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ ) الجمعة-2.

{يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأمُورِ} لقمان 17

وفي القرآن الكريم نجد أهداف التربية ومواضيعها السبعة وهي: التربية العقيدية، والتربية الخُلقية، والتربية الجسمية، والتربية العقلية، والتربية النفسية، والتربية الاجتماعية، والتربية الجنسية. وسوف نفرد بحثا مفصلا لكل موضوع من مواضيع التربية القرآنية وأهدافها ان شاء الله لاحقا

والشواهد القرآنية على أهداف التربية ومواضيعها كثيرة ولكن قبل استعراضها لا بد من الإشارة الى أمرين أساسيين:

الأمر الأول: العبادات وآثارها التربوية

الأمر الثاني: الأسلوب التربوي في القرآن الكريم

أولا : العبادات وآثارها التربوية:

مما لاشك فيه أن العبادات التي افترض الله على عباده تأديتها والتزامها لا تخلو من أهداف انطلاقا من حكمة الله المتعالية في التدبير والتشريع، وقد ننظر الى حكمة التشريع وغاياته والمصالح المرجوة منه من زوايا متعددة الا اننا قد نغفل أحيانا النظر الى الجانب التربوي الذي أراد الله تعالى تعزيزه من خلال العبادة أو التشريع، فلو أخذنا الصلاة على سبيل المثال وهي رأس العبادات وعامود الدين وقربان المؤمن ومعراج كل تقي، فقد ننظر اليها من زاوية معينة على انها عبادة يراد من خلالها التواصل مع الله واظهار الخضوع والعبودية له، ولكن لو تأملنا في حكمة هذا التشريع وأبعاده أكثر لوجدنا أن الصلاة هي عبادة تربوية بامتياز، فهي:

أولا، شكر لله تعالى على نعمه الجليلة، والشكر هو سلوك تربوي ايجابي تتبناه الفطرة السليمة ويفرضه العقل ويستحسنه العرف {وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ وَمَن يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ} لقمان12.

وثانيا، تهذيب للنفس وتطويع لها على طاعة الله والابتعاد عن المعاصي والموبقات الأخلاقية {اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ} العنكبوت45

وهي ثالثا: سمة الصلحاء والأتقياء الموصوفين بالخلق العالي والسمعة الطيبة والأفعال الحميدة {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَاماً وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِيَاماً} (الفرقان 63 -64).

وهكذا بالنسبة لعبادة ثانية وهي الصوم الذي بين الله تعالى الغاية والهدف منه بقوله {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} البقرة183

فالصوم عبادة روحية تربوية تهذيبية ليس المراد منها صيام البطون عن الطعام -وان كان للجسد نصيبه من فوائد الصوم (صوموا تصحوا)– وإنما المطلوب صيام الجوارح عن الحرام والى هذا الهدف تشير الأحاديث الشريفة الواردة عن النبي الأكرم (ص) والأئمة الهداة (ع) فعن الامام الصادق (ع): "ان الصيام ليس من الطعام والشراب وحدهما فإذا صمتم فاحفظوا ألسنتكم عن الكذب،وغضوا أبصاركم عما حرم الله عليكم، ولا تنازعوا، ولا تحاسدوا،ولا تغتابوا،ولا تماروا، ولا تخالفوا، ولا تسابوا، ولا تشاتموا، ولا تظلموا، ولا تسافهوا،ولا تضاجروا، ولا تغفلوا عن ذكر الله ".

وقد أشار النبي الكريم في خطبة استقبال شهر رمضان وفضله الى العديد من المضامين التربوية التي لا بد أن تصاحب الصوم والتي تستهدف الفرد والمجتمع على حد سواء فقد اعتبر (ص) أن عبادة الصوم لا بد أن تكون منطلقا لحسن الخلق " من حسن منكم في هذا الشهر خلقه كان له جواز على الصراط يوم تزل فيه الأقدام "، ومنطلقا للإلتفات الى الناس بالمحبة والخير " وتصدقوا على فقرائكم ومساكينكم ووقروا كباركم وارحموا صغاركم وصلوا أرحامكم ". الى غير ذلك من الأبعاد التربوية التي تحفل بها عبادة الصوم.

واذا أخذنا عبادة الحج أيضا وحاولنا أن ندرس أبعادها التربوية فإننا نجد أنها تستهدف الشخصية الإنسانية وتتعاهدها بالتربية انطلاقا من كون الحج محطة للرجوع الى الله ومراجعة الذات، فالمناسك الواجبة في الحج بدءا بالإحرام فالطواف ثم السعي والرجم وغيرها تريد للإنسان المسلم أن يخرج من كل ولاء أو تبعية لغير الله تعالى وأن يطوف داعيا ملبيا نداء الفطرة نداء التوحيد، ثم تريد له أن يخرج من كبريائه وعلوه وأن يتواضع لله ثم للناس الذين تجمعه بهم وحدة الخلق ان لم نقل وحدة الدين، وتريد له هذه العبادة العظيمة أن يرجم شيطان نفسه ويتبرأ من كل الشياطين اينما وجدوا وحلوا!..{الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللّهُ وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ} البقرة197.

ثانيا: الأسلوب التربوي في القرآن الكريم:

نجد في القرآن الكريم الأساليب التربوية الكثيرة والمتعددة الأنماط والأشكال والتي تراعي أحوال الفئات المستهدفة وامكانياتهم وقدراتهم العلمية والإستيعابية نذكر منها:

1. التربية بالترغيب: {وَبَشِّرِ الَّذِين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُواْ مِنْهَا مِن ثَمَرَةٍ رِّزْقاً قَالُواْ هَـذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِن قَبْلُ وَأُتُواْ بِهِ مُتَشَابِهاً وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} البقرة25

2. التربية بالترهيب: {قَالَ أَمَّا مَن ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَاباً نُّكْراً} الكهف87

3. التربية بالترغيب والترهيب معا: {فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَيَزيدُهُم مِّن فَضْلِهِ وَأَمَّا الَّذِينَ اسْتَنكَفُواْ وَاسْتَكْبَرُواْ فَيُعَذِّبُهُمْ عَذَاباً أَلُيماً وَلاَ يَجِدُونَ لَهُم مِّن دُونِ اللّهِ وَلِيّاً وَلاَ نَصِيراً} النساء17

4. التربية بالعقوبة الدنيوية: {إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} المائدة33

5. التربية بالعقوبة الأخروية: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَاراً كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُوداً غَيْرَهَا لِيَذُوقُواْ الْعَذَابَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَزِيزاً حَكِيماً} النساء56

6. التربية بالقصة: {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَـذَا الْقُرْآنَ وَإِن كُنتَ مِن قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ} يوسف3

7. التربية بالمثل: {مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّئَةُ حَبَّةٍ وَاللّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} البقرة261

8. التربية بالجدل (الحوار): {وَقَالَ اللّهُ لاَ تَتَّخِذُواْ إِلـهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلهٌ وَاحِدٌ فَإيَّايَ فَارْهَبُونِ} النحل51

9. التربية بالموعظة: {إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} النحل90

10. التربية بالقدوة: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً} الأحزاب21

11. التربية بالعبادة: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} البقرة183

12. التربية بالأحداث: {فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِّثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ} فصلت13

13. التربية بتدرج الأحكام: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ كَذَلِكَ يُبيِّنُ اللّهُ لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ} البقرة219

14. التربية بالملاحظة والنظر: {أَفَلَا يَنظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ} الغاشية17

15. التربية بالصحبة: {قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً} الكهف66

16. التربية من خلال تغيير البيئة: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلآئِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُواْ فِيمَ كُنتُمْ قَالُواْ كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالْوَاْ أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُواْ فِيهَا فَأُوْلَـئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءتْ مَصِيراً} النساء97

..وغير ذلك من الوسائل التربوية.

للكاتب/المؤلف : د.سعيد إسماعيل علي .
دار النشر : دار الفكر العربي بمصر .
سنة النشر : 2000م / 1421هـ .
عدد مرات التحميل : 6824 مرّة / مرات.
تم اضافته في : الثلاثاء , 12 مارس 2019م.
حجم الكتاب عند التحميل : 12 ميجا بايت .

ولتسجيل ملاحظاتك ورأيك حول الكتاب يمكنك المشاركه في التعليقات من هنا:

 

القرآن الكريم هو دستور الحياة وكتاب نور وعلم وهداية، ومنهج شامل وبيان لكل جوانب الحياة وما يحتاجه الانسان من معرفة تحدد له أطر العلاقة بربه ونفسه ومجتمعه، وهو كتاب تربية واعداد سماوي انطلاقا من الإيمان بالله الواحد الأحد رب العالمين، فالله تعالى هو رب العالمين, وكلمة الرب مشتقة من التربية وهي تحمل معاني العناية والرعاية والإصلاح والتأديب،وعليه فان الله الخالق تعالى ذكره هو المربي والمؤدب الإنسان من خلال الإنبياء والرسالات السماوية التي تضمنت أسمى وأرفع القيم الأخلاقية التي ترتقي بالإنسان وتجعله مؤهلا لمسؤولية خلافة الله في الأرض، والى هذا يشير رسول الله (ص) بقوله: "أدبني ربي فأحسن تأديبي". ورسول الله (ص) هو المربي الأول لهذه الأمة بالقرآن، فقد أشرف على تربية جيل من الناس فكان ذلك الجيل ظاهرة فريدة عجيبة لم يشهد التاريخ لها مثيلا حتى الآن، بحيث استطاع هذا الرجل العظيم أن يعيد بناء الإنسان العربي الجاهلي ويخرجه من ظلمات التصحر الفكري والعقائدي والأخلاقي والإجتماعي الى نور الايمان والمعرفة وسمو الخلق وسماحة الذات (هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ ) الجمعة-2.

{يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأمُورِ} لقمان 17

وفي القرآن الكريم نجد أهداف التربية ومواضيعها السبعة وهي: التربية العقيدية، والتربية الخُلقية، والتربية الجسمية، والتربية العقلية، والتربية النفسية، والتربية الاجتماعية، والتربية الجنسية. وسوف نفرد بحثا مفصلا لكل موضوع من مواضيع التربية القرآنية وأهدافها ان شاء الله لاحقا

والشواهد القرآنية على أهداف التربية ومواضيعها كثيرة ولكن قبل استعراضها لا بد من الإشارة الى أمرين أساسيين:

الأمر الأول: العبادات وآثارها التربوية

الأمر الثاني: الأسلوب التربوي في القرآن الكريم

أولا : العبادات وآثارها التربوية:

مما لاشك فيه أن العبادات التي افترض الله على عباده تأديتها والتزامها لا تخلو من أهداف انطلاقا من حكمة الله المتعالية في التدبير والتشريع، وقد ننظر الى حكمة التشريع وغاياته والمصالح المرجوة منه من زوايا متعددة الا اننا قد نغفل أحيانا النظر الى الجانب التربوي الذي أراد الله تعالى تعزيزه من خلال العبادة أو التشريع، فلو أخذنا الصلاة على سبيل المثال وهي رأس العبادات وعامود الدين وقربان المؤمن ومعراج كل تقي، فقد ننظر اليها من زاوية معينة على انها عبادة يراد من خلالها التواصل مع الله واظهار الخضوع والعبودية له، ولكن لو تأملنا في حكمة هذا التشريع وأبعاده أكثر لوجدنا أن الصلاة هي عبادة تربوية بامتياز، فهي:

أولا، شكر لله تعالى على نعمه الجليلة، والشكر هو سلوك تربوي ايجابي تتبناه الفطرة السليمة ويفرضه العقل ويستحسنه العرف {وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ وَمَن يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ} لقمان12.

وثانيا، تهذيب للنفس وتطويع لها على طاعة الله والابتعاد عن المعاصي والموبقات الأخلاقية {اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ} العنكبوت45

وهي ثالثا: سمة الصلحاء والأتقياء الموصوفين بالخلق العالي والسمعة الطيبة والأفعال الحميدة {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَاماً وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِيَاماً} (الفرقان 63 -64).

وهكذا بالنسبة لعبادة ثانية وهي الصوم الذي بين الله تعالى الغاية والهدف منه بقوله {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} البقرة183

فالصوم عبادة روحية تربوية تهذيبية ليس المراد منها صيام البطون عن الطعام -وان كان للجسد نصيبه من فوائد الصوم (صوموا تصحوا)– وإنما المطلوب صيام الجوارح عن الحرام والى هذا الهدف تشير الأحاديث الشريفة الواردة عن النبي الأكرم (ص) والأئمة الهداة (ع) فعن الامام الصادق (ع): "ان الصيام ليس من الطعام والشراب وحدهما فإذا صمتم فاحفظوا ألسنتكم عن الكذب،وغضوا أبصاركم عما حرم الله عليكم، ولا تنازعوا، ولا تحاسدوا،ولا تغتابوا،ولا تماروا، ولا تخالفوا، ولا تسابوا، ولا تشاتموا، ولا تظلموا، ولا تسافهوا،ولا تضاجروا، ولا تغفلوا عن ذكر الله ".

وقد أشار النبي الكريم في خطبة استقبال شهر رمضان وفضله الى العديد من المضامين التربوية التي لا بد أن تصاحب الصوم والتي تستهدف الفرد والمجتمع على حد سواء فقد اعتبر (ص) أن عبادة الصوم لا بد أن تكون منطلقا لحسن الخلق " من حسن منكم في هذا الشهر خلقه كان له جواز على الصراط يوم تزل فيه الأقدام "، ومنطلقا للإلتفات الى الناس بالمحبة والخير " وتصدقوا على فقرائكم ومساكينكم ووقروا كباركم وارحموا صغاركم وصلوا أرحامكم ". الى غير ذلك من الأبعاد التربوية التي تحفل بها عبادة الصوم.

واذا أخذنا عبادة الحج أيضا وحاولنا أن ندرس أبعادها التربوية فإننا نجد أنها تستهدف الشخصية الإنسانية وتتعاهدها بالتربية انطلاقا من كون الحج محطة للرجوع الى الله ومراجعة الذات، فالمناسك الواجبة في الحج بدءا بالإحرام فالطواف ثم السعي والرجم وغيرها تريد للإنسان المسلم أن يخرج من كل ولاء أو تبعية لغير الله تعالى وأن يطوف داعيا ملبيا نداء الفطرة نداء التوحيد، ثم تريد له أن يخرج من كبريائه وعلوه وأن يتواضع لله ثم للناس الذين تجمعه بهم وحدة الخلق ان لم نقل وحدة الدين، وتريد له هذه العبادة العظيمة أن يرجم شيطان نفسه ويتبرأ من كل الشياطين اينما وجدوا وحلوا!..{الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللّهُ وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ} البقرة197.

ثانيا: الأسلوب التربوي في القرآن الكريم:

نجد في القرآن الكريم الأساليب التربوية الكثيرة والمتعددة الأنماط والأشكال والتي تراعي أحوال الفئات المستهدفة وامكانياتهم وقدراتهم العلمية والإستيعابية نذكر منها:

1. التربية بالترغيب: {وَبَشِّرِ الَّذِين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُواْ مِنْهَا مِن ثَمَرَةٍ رِّزْقاً قَالُواْ هَـذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِن قَبْلُ وَأُتُواْ بِهِ مُتَشَابِهاً وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} البقرة25

2. التربية بالترهيب: {قَالَ أَمَّا مَن ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَاباً نُّكْراً} الكهف87

3. التربية بالترغيب والترهيب معا: {فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَيَزيدُهُم مِّن فَضْلِهِ وَأَمَّا الَّذِينَ اسْتَنكَفُواْ وَاسْتَكْبَرُواْ فَيُعَذِّبُهُمْ عَذَاباً أَلُيماً وَلاَ يَجِدُونَ لَهُم مِّن دُونِ اللّهِ وَلِيّاً وَلاَ نَصِيراً} النساء17

4. التربية بالعقوبة الدنيوية: {إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} المائدة33

5. التربية بالعقوبة الأخروية: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَاراً كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُوداً غَيْرَهَا لِيَذُوقُواْ الْعَذَابَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَزِيزاً حَكِيماً} النساء56

6. التربية بالقصة: {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَـذَا الْقُرْآنَ وَإِن كُنتَ مِن قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ} يوسف3

7. التربية بالمثل: {مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّئَةُ حَبَّةٍ وَاللّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} البقرة261

8. التربية بالجدل (الحوار): {وَقَالَ اللّهُ لاَ تَتَّخِذُواْ إِلـهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلهٌ وَاحِدٌ فَإيَّايَ فَارْهَبُونِ} النحل51

9. التربية بالموعظة: {إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} النحل90

10. التربية بالقدوة: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً} الأحزاب21

11. التربية بالعبادة: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} البقرة183

12. التربية بالأحداث: {فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِّثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ} فصلت13

13. التربية بتدرج الأحكام: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ كَذَلِكَ يُبيِّنُ اللّهُ لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ} البقرة219

14. التربية بالملاحظة والنظر: {أَفَلَا يَنظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ} الغاشية17

15. التربية بالصحبة: {قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً} الكهف66

16. التربية من خلال تغيير البيئة: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلآئِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُواْ فِيمَ كُنتُمْ قَالُواْ كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالْوَاْ أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُواْ فِيهَا فَأُوْلَـئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءتْ مَصِيراً} النساء97

..وغير ذلك من الوسائل التربوية.

   تمهيد    7 
الفصل الأول : البنية الأساسية للعقيدة    13 
الحاجة إلى العقيدة الدينية    13 
أولا : الله    19 
وجوده    19 
التوحيد    30 
صفات الذات الإلهية    43 
ثانيا : عالم الغيب    48 
الغيب    48 
الملائكة    52 
اليوم الآخر    58 
ثالثا : الكون    67 
خلقه    70 
تدبيره    74 
تسخيره للإنسان    77 
رابعا : الإنسان    80 
لغة    80 
خلق الإنسان    84 
غاية خلق الإنسان    87 
الطبيعية الثنائية التكاملية    93 
النفس    95 
الفصل الثاني : القرآن الكريم جوانب أساسية    101 
مقدمة    101 
تعريفه    102 
خصائصه    115 
إعجازه    126 
نزوله    137 
محتوياته    138 
أساليبه    159 
الفصل الثالث : أساسيات تربوية    181 
مقدمة    181 
احترام عقل الإنسان    184 
تكريم الإنسان    198 
النظرة الواقعية للفطرة البشرية    213 
مراعاة الحاجات الاجتماعية    229 
البناء الخلقي    248 
نظرية واقعية    265 
الفصل الرابع : طرق وأساليب للتعليم    281 
العلم في التصور القرآنى    281 
الحث على طلب العلم والتعليم    282 
معنى العلم ومجالاته    293 
مبادئ وسبل التعلم والتعليم    299 
التوظيف التربوي للقصة    304 
الأهمية التربوية    304 
أنواعها    307 
دلالات تربوية    320 
التوجيه العملي    329 
العبادات    342 
البعد التربوي للعبادات    342 
الدور التربوي لعبادة الصلاة    346 
الدور التربوي لعبادة الصوم    349 
الدور التربوي لعبادة الزكاة    354 
الدور التربوي لعبادة الحج    357 
الجدل والحوار    359 
ضرب المثل والتساؤل    378 
الفصل الخامس : تعليم القرآن وتعلمه    399 
مقدمة    399 
التوجه القرآن لبناء الإنسان    400 
فضل تعلم القرآن وتعليمه    405 
فهم القرآن    423 
القرآن مصدر التعليم وتعلم العلوم الحديثة    442 
أساليب تعليم القرآن الكريم    454 
آداب حملة القرآن    467 

 



نوع الكتاب : pdf.
اذا اعجبك الكتاب فضلاً اضغط على أعجبني
و يمكنك تحميله من هنا:

تحميل القرآن الكريم رؤية تربوية
د.سعيد إسماعيل علي
د.سعيد إسماعيل علي
Dr Said Ismail Ali
❰ له مجموعة من الإنجازات والمؤلفات أبرزها ❞ القرآن الكريم رؤية تربوية ❝ ❞ الفكر التربوي العربي الحديث ❝ ❞ السنة النبوية رؤية تربوية ❝ ❞ التربية في الحضارة المصرية القديمة ❝ الناشرين : ❞ دار الفكر العربي بمصر ❝ ❞ عالم الكتب ❝ ❱.



كتب اخرى في كتب علوم القرآن

سبيل الإتقان في متشابه القرآن PDF

قراءة و تحميل كتاب سبيل الإتقان في متشابه القرآن PDF مجانا

مختصر التبيان في آداب حملة القرآن PDF

قراءة و تحميل كتاب مختصر التبيان في آداب حملة القرآن PDF مجانا

ملخص كتاب "التبيان في آداب حملة القرآن" PDF

قراءة و تحميل كتاب ملخص كتاب "التبيان في آداب حملة القرآن" PDF مجانا

القرآن نزوله تدوينه ترجمته وتأثيره PDF

قراءة و تحميل كتاب القرآن نزوله تدوينه ترجمته وتأثيره PDF مجانا

الحروف المقطعة في أوائل السور PDF

قراءة و تحميل كتاب الحروف المقطعة في أوائل السور PDF مجانا

البرهان في علوم القرآن PDF

قراءة و تحميل كتاب البرهان في علوم القرآن PDF مجانا

الإسرائيليات وأثرها في كتب التفسير PDF

قراءة و تحميل كتاب الإسرائيليات وأثرها في كتب التفسير PDF مجانا

كيف تقرأ القرآن في رمضان وغيره من شهور العام PDF

قراءة و تحميل كتاب كيف تقرأ القرآن في رمضان وغيره من شهور العام PDF مجانا

المزيد من كتب علوم القرآن في مكتبة كتب علوم القرآن , المزيد من كتب إسلامية متنوعة في مكتبة كتب إسلامية متنوعة , المزيد من إسلامية متنوعة في مكتبة إسلامية متنوعة , المزيد من كتب الفقه العام في مكتبة كتب الفقه العام , المزيد من كتب التوحيد والعقيدة في مكتبة كتب التوحيد والعقيدة , المزيد من مؤلفات حول الحديث النبوي الشريف في مكتبة مؤلفات حول الحديث النبوي الشريف , المزيد من كتب أصول الفقه وقواعده في مكتبة كتب أصول الفقه وقواعده , المزيد من التراجم والأعلام في مكتبة التراجم والأعلام , المزيد من السنة النبوية الشريفة في مكتبة السنة النبوية الشريفة
عرض كل كتب إسلامية ..
اقرأ المزيد في مكتبة كتب إسلامية , اقرأ المزيد في مكتبة كتب تقنية المعلومات , اقرأ المزيد في مكتبة المناهج التعليمية والكتب الدراسية , اقرأ المزيد في مكتبة القصص والروايات والمجلّات , اقرأ المزيد في مكتبة كتب الهندسة والتكنولوجيا , اقرأ المزيد في مكتبة الكتب والموسوعات العامة , اقرأ المزيد في مكتبة كتب تعلم اللغات , اقرأ المزيد في مكتبة كتب التنمية البشرية , اقرأ المزيد في مكتبة الكتب التعليمية , اقرأ المزيد في مكتبة كتب التاريخ , اقرأ المزيد في مكتبة كتب الأطفال قصص ومجلات , اقرأ المزيد في مكتبة كتب الطب , اقرأ المزيد في مكتبة الكتب العلمية , اقرأ المزيد في مكتبة كتب علوم سياسية وقانونية , اقرأ المزيد في مكتبة كتب الأدب , اقرأ المزيد في مكتبة كتب الروايات الأجنبية والعالمية , اقرأ المزيد في مكتبة كتب اللياقة البدنية والصحة العامة , اقرأ المزيد في مكتبة كتب الأسرة والتربية الطبخ والديكور , اقرأ المزيد في مكتبة الكتب الغير مصنّفة , اقرأ المزيد في مكتبة كتب المعاجم واللغات , اقرأ المزيد في مكتبة كتب علوم عسكرية و قانون دولي
جميع مكتبات الكتب ..