كتاب الكامل في التاريخ / ج1كتب التاريخ

كتاب الكامل في التاريخ / ج1

كتاب الكامل في التاريخ من تأليف عز الدين أبي الحسن علي بن أبي الكرم محمد بن محمد بن عبد الكريم بن عبد الواحد الشيباني، المعروف بابن الأثير الجزري. صحح أصوله عبد الوهاب النجار بالقاهرة، إدارة الطباعة المنيرية، عام 1357 هـ / 1938م. وصف الكتاب تاريخ جامع لأخبار ملوك الشرق والغرب، وما بينها، بدأه منذ أول الزمان إلى آخر سنة ثمان عشرين وستمائة، وضح منهجه بقوله: (ذكرت في كل سنة لكل حادثة كبيرة مشهورة ترجمة تخصها، فأما الحوادث الصغار التي لا يحتمل منها كل شيء ترجمة فإنني أفردت لجميعها ترجمة واحدة في آخر كل سنة فأقول: ذكر عدة حوادث، وإذا ذكرت بعض من نبغ وملك قطراً من البلاد، ولم تطل أيامه، فإني أذكر جميع حاله من أوله إلى آخره عند ابتداء أمره، لأنه إذا تفرق خبره لم يعرف للجهل به، وذكرت في آخر كل سنة من توفي فيها من مشهوري العلماء، والأعيان، والفضلاء. مقدمة الكتاب فإني لم أزل محبّاً لمطالعة كتب التواريخ ومعرفة ما فيها، مؤثراً للاطلاع على الجليّ من حوادثها وخافيها، مائلاً إلى المعارف والآداب والتجارب المودعة في مطاويها، فلمّا تأمّلتها رأيتها متباينةً في تحصيل الغرض، يكاد جوهر المعرفة بها يستحيل إلى العرض، فمن بين مطوّل قد استقصى الطرق والروايات، ومختصر قد أخلّ بكثير ممّا هو آت، ومع ذلك فقد ترك كلّهم العظيم من الحادثات، والمشهور من الكائنات، وسوّد كثيرٌ منهم الأوراق بصغائر الأمور التي الإعراض عنها أولى، وترك تسطيرها أحرى، كقولهم خلع فلان الذميّ صاحب العيار، وزاد رطلاً في الأسعار، وأكرم فلان، وأهين فلان، وقد أرّخ كلّ منهم إلى زمانه وجاء بعده من ذيل عليه، وأضاف المتجددات بعد تاريخه إليه، والشرقيّ منهم قد أخلّ بذكر أخبار الغرب، والغربيّ قد أهمل أحوال الشرق؛ فكان الطالب إذا أراد أن يطالع تاريخاً متصلاً إلى وقته يحتاج إلى مجلدات كثيرة وكتب متعددّة مع ما فيها من الإخلال والإملال. فلمّا رأيتُ الأمر كذلك شرعتُ في تأليف تاريخ جامع لأخبار ملوك الشرق والغرب وما بينهما، ليكون تذكرةً لي أراجعه خوف النسيان، وآتي فيه بالحوادث والكائنات من أوّل الزمان، متتابعةً يتلو بعضها بعضاً إلى وقتنا هذا. ولا أقولُ إني أتيتُ على جميع الحوادث المتعلّقة بالتاريخ، فإنّ من هو بالموصل لا بدّ أن يشذّ عنه ما هو بأقصي الشرق والغرب، ولكن أقول إنني قد جمعت في كتابي هذا ما لم يجتمع في كتاب واحد، ومن تأمّله علم صحّة ذلك. فابتدأت بالتاريخ الكبير الذي صنّفه الإمام أبو جعفر الطبري إذ هو الكتاب المعوّل عند الكافة عليه، والمرجوعُ عند الاختلاف إليه، فأخذت ما فيه من جميع تراجمه، لم زخلّ بترجمة واحدة منها، وقد ذكر هو في أكثر الحوادث روايات ذوات عدد، كلّ رواية منها مثل التي قبلها أو أقل منها، وربّما زاد الشيء اليسير أو نقصه، فقصدتُ أتمّ الروايات فنقلتها وأضفت إليها من غيرها ما ليس فيها، وأودعت كل شيء مكانه، فجاء جميع ما في تلك الحادثة على اختلاف طرقها سياقاً واحداً على ما تراه. فلمّا فرغتُ منه وأخذتُ غيره من التواريخ المشهورة فطالعتها وأضفت منها إلى ما نقلته من تاريخ الطبري ما ليس فيه، ووضعتُ كلّ شيء منها موضعه، إلاّ ما يتعلّق بما جري بين أصحاب رسول الله، ﷺ ، فإني لم أضف إلى ما نقله أبو جعفر شيئاً، إلاّ ما فيه زيادةُ بيان، أو اسم إنسان، أو ما لا يطعن على أحد منهم في نقله، وإنّما اعتمدت علهي من بين المؤرخين إذ هو الإمام المتقنُ حقّاً، الجامع علماً وصحّة اعتقاده وصدقاً. على أني لم أنقل إلاّ من التواريخ المذكورة، والكتب المشهورة، ممّن يُعلم بصدقهم فيما نقلوه، وصحّة ما دوّنوه، ولم أكن كالخابط في ظلماء الليالي، ولا كمن يجمع الحصباءواللآلي. ورأيتهم أيضاً يذكرون الحادثة الواحدة في سنين، ويذكرون منها في كلّ شهر أشياء، فتأتي الحادثةُ مقطّعة لا يحصل منها على غرض، ولا تُفهم إلاّ بعد إمعان النظر، فجمعت أنا الحادثة في موضع واحد وذكرت كلّ شيء منها في أيّ شهر أو سنة كانت، فأتت متناسقة متتابعة، قد أخذ بعضها برقاب بعض. وذكرت في كلّ سنة لكلّ حادثة كبيرة مشهورة ترجمة تخصّها، فأمّا الحوادث الصغار التي لا يحتمل منها كلّ شيء ترجمة فإني أفردتُ لجميعها ترجمةً واحدةً في آخر كلّ سنة، فأقول: ذكر عدة حوادث، وإذا ذكرت بعض من نبغ وملك قطراً من البلاد ولم تطل أيّامه فإني أذكر جميع حاله من أوّله إلى آخره، عند ابتداء أمره، لأنّه إذا تفرق خبره لم يعرف للجهل به. وذكرت في آخر كلّ سنة من توفّي فيها من مشهوري العلماء والأعيان والفضلاء، وضبطت الأسماء المشتبهة المؤتلفة في الخط المختلفة في اللّفظ الواردة فيه بالحروف ضبطاً يزيل الإشكال، ويُغني عن الأنقاط والأشكال. فلما جمعتُ أكثره أعرضتُ عنه مدّةً طويلة لحوادث تجددت، وقواطع توالت وتعدّدت، ولأن معرفتي بهذا النوع كملت وتمت. ثمّ إن نفراً من إخواني، وذوي المعارف والفضائل من خُلاّني، ممن أرى محادثتهم نهاية أوطاري، وأعدّهم من أماثل مُجالسيّ وسمّاري، رغبوا إليّ في أن يسمعوه مني، ليرووه عني؛ فاعتذرتُ بالأعراض عنه وعدم الفراغ منه، فإنني لم أعاود مطالعة مسوَّدته ولم أصلح ما أصلح فيها من غلط وسهو، ولا اسقطت منها ما يحتاج إلى إسقاط ومحو، وطالت المراجعة مدّةً وهم للطلب ملازمون، وعن الإعراض مُعرضون، وشرعوا في سماعه قبل إتمامه وإصلاحه، وإثبات ما تمسّ الحاجة إليه وحذف ما لا بدّ من اطراحه، والعزمُ على إتمامه فاتر، والعجز ظاهر، للاشتغال بما لا بدّ منه، لعدم المعين والمظاهر؛ ولهموم توالت، ونوائب تتابعت، فأنا ملازم الإهما والتواني، فلا أقول: إني لأسير إليه سير الشواني... يعني بالمطبوع العقل الغريزي الذي خلقه الله تعالى للإنسان، وبالمسموع ما يزداد به العقل الغريزي من التجربة، وجعله عقلاً ثانياً توسّعاً وتعظيماً له، وإلاّ فهو زيادة في عقله الأوّل. ومنها ما يتجمّل به الإنسان في المجالس والمحافل من ذكر شيء من معارفها، ونقل طريفة من طرائفها، فترى الأسماع مصغيةً إليه، والوجوه مقبلةً عليه، والقلوب متأملةً ما يورده ويصدره، مستحسنةً ما يذكره. وأمّا الفوائد الأخرويّة: فمنها أن العاقل اللبيب إذا تفكّر فيها، ورأى تقلّب الدنيا بأهلها، وتتابع نكباتها إلى أعيان قاطنيها، وأنّها سلبت نفوسهم وذخائرهم، وأعدمت أصاغرهم وأكابرهم، فلم تُبقِ على جليل ولا حقير، ولم يسلم من نكدها غنيّ ولا فقير، زهد فيها وأعرض عنها، وأقبل على التزوّد للآخرة منها، ورغب في دار تنزّهت عن هذه الخصائص، وسلم أهلها من هذه النقائص، ولعلّ قائلاً يقول: ما نرى ناظراً فيها زهد في الدنيا، وأقبل على الآخرة ورغب في درجاتها العليا، فيا ليت شعري كم رأى هذا القائل قارئاً، للقرآن العزيز، وهو سيّد المواعظ وأفصح الكلام، يطلب به اليسير من هذا الحطام؟ فإنّ القلوب مولعة بحبّ العاجل. ومنها التخلّق بالصبر والتأسّي وهما من محاسن الأخلاق، فإن العاقل إذا رأى أن مصاب الدنيا لم يسلم منه نبي مكرَّم، ولا ملك معظّم، بل ولا أحد من البشر، علم أنه يصيبه ما أصابهم، وينوبه ما نابهم. ولهذه الحكمة وردت القصص في القرآن المجيد (إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد) ق:50 : 37، فإن ظنّ هذا القائل أن الله سبحانه أراد بذكرها الحكايات والأسمار فقد تمسّك من أقوال الزيغ بمحكم سببها حيث قالوا: هذه أساطير الأوّلين اكتتبها. نسأل الله تعالى أن يرزقنا قلباً عقولاً ولساناً وصادقاً، ويوفقنا للسداد في القول والعمل، هو حسبنا ونعم الوكيل. قصة الكتاب من أشهر كتب التاريخ الإسلامي، وأحسنها ترتيباً وتنسيقاً. طبع مرات كثيرة، أولها في ليدن سنة 1850—1874م بعناية تورنبرج، ثم في مصر 1303 هـ. ألفه عز الدين ابن الأثير في الموصل، ورتبه على السنين، وانتهى به إلى عام 628 هـ ثم أهمله في مسوداته مدة طويلة، حتى أمره الملك الرحيم بالاجتهاد في تبييضه. قال: فألقيتُ عني جلباب المهل، وأبطلت رداء الكسل وقلت: هذا أوان الشد فاشتدي زيم، وسميته اسماً يناسب معناه، وهو: «الكامل في التاريخ» ثم أعقب ذلك بكلمات في فوائد علم التاريخ، ثم افتتح كتابه بذكر بدء الخلق، وقصص الأنبياء حتى صعود السيد المسيح، وأعقبه بفصل في ذكر من ملك من ملوك الروم بعد رفع المسيح إلى عهد محمد ﷺ ثم أخبار الهجرات العربية، وأيام العرب قبل الإسلام، ثم السيرة النبوية حتى عام (11هـ). وافتتح المجلد الثاني بذكر مرض النبي (ص) ووفاته حتى حوادث سنة (65). ووصل بالمجلد الثالث إلى حوادث سنة (168) وبالرابع إلى آخر خلافة المقتدر سنة 295 هـ والخامس حتى سنة 412 هـ والسادس حتى سنة 527 هـ والسابع حتى سنة 628 هـ وهو أهم أجزاء الكتاب وفيه الكثير من مشاهداته وذكرياته. يؤخذ عليه انحرافه عن صلاح الدين، وإن كان في الظاهر يثني عليه. وذكر في سبب تأليفه أنه رأى كتب التاريخ متباينة في تحصيل الغرض، يكاد جوهر المعرفة بها يستحيل إلى العرَض، وسود كثير منهم الأوراق بصغائر الأمور، والشرقي أخل بذكر أخبار الغرب، والغربي أهمل أحوال الشرق، فكان الطالب إذا أراد أن يطالع تاريخاً مفصلاً إلى وقته يحتاج إلى مجلدات كثيرة. وذكر أنه أفرغ فيه كل تراجم الطبري، وما فيه من الروايات التامة، مضيفاً إليها ما عثر عليه في التواريخ المشهورة. قال: (إلا ما يتعلق بما جرى بين أصحاب رسول الله ﷺ فإني لم أضف إلى ما نقله أبو جعفر شيئاً) وإنما اعتمدتُ عليه من بين المؤرخين إذ هو الإمام المتقن حقاً، الجامع علماً وصحة اعتقاد وصدقاً. قال: «وذكرت في كل سنة لكل حادثة كبيرة ترجمة تخصها، وأما الحوادث الصغار فأفردت لجميعها ترجمة واحدة في آخر كل سنة، فأقول: ذكر عدة حوادث. وذكرت في آخر كل سنة من توفي فيها من مشهوري العلماء والأعيان.» أنظر التعريف بكتابي أخويه: «النهاية» و«المثل السائر»، وأنظر د. فيصل السامر (ابن الأثير ص87 و161) وفيه جداول مهمة لكتاب الكامل. وكان ابن الأثير من أصدقاء ياقوت الحموي، وهو الذي نفذ وصيته بعد موته.
علي بن محمد بن محمد ابن الأثير الجزري عز الدين أبو الحسن - ❰ له مجموعة من الإنجازات والمؤلفات أبرزها ❞ الكامل في التاريخ / ج1 ❝ ❞ الكامل في التاريخ (ط. العلمية) ج1 ❝ ❞ الكامل في التاريخ (ط. العلمية) المجلد التاسع: 479 - 561 هـ ❝ ❞ الكامل في التاريخ (ط. العلمية) المجلد الثامن: 389 - 488 هـ ❝ ❞ الكامل في التاريخ (ط. العلمية) المجلد الحادي عشر: الفهارس ❝ ❞ الكامل في التاريخ (ط. العلمية) المجلد السابع: 309 - 388 هـ ❝ ❞ الكامل في التاريخ (ط. العلمية) المجلد العاشر: 562 - 628 هـ ❝ ❞ الكامل في التاريخ (ط. العلمية) المجلد الثالث: 30 - 64 هـ ❝ ❞ الكامل في التاريخ (ط. العلمية) المجلد الخامس: 127 - 217 هـ ❝ الناشرين : ❞ دار الكتب العلمية بلبنان ❝ ❱
من كتب التاريخ الإسلامي - مكتبة كتب التاريخ.

وصف الكتاب : كتاب الكامل في التاريخ من تأليف عز الدين أبي الحسن علي بن أبي الكرم محمد بن محمد بن عبد الكريم بن عبد الواحد الشيباني، المعروف بابن الأثير الجزري. صحح أصوله عبد الوهاب النجار بالقاهرة، إدارة الطباعة المنيرية، عام 1357 هـ / 1938م.

وصف الكتاب
تاريخ جامع لأخبار ملوك الشرق والغرب، وما بينها، بدأه منذ أول الزمان إلى آخر سنة ثمان عشرين وستمائة، وضح منهجه بقوله: (ذكرت في كل سنة لكل حادثة كبيرة مشهورة ترجمة تخصها، فأما الحوادث الصغار التي لا يحتمل منها كل شيء ترجمة فإنني أفردت لجميعها ترجمة واحدة في آخر كل سنة فأقول: ذكر عدة حوادث، وإذا ذكرت بعض من نبغ وملك قطراً من البلاد، ولم تطل أيامه، فإني أذكر جميع حاله من أوله إلى آخره عند ابتداء أمره، لأنه إذا تفرق خبره لم يعرف للجهل به، وذكرت في آخر كل سنة من توفي فيها من مشهوري العلماء، والأعيان، والفضلاء.

مقدمة الكتاب
فإني لم أزل محبّاً لمطالعة كتب التواريخ ومعرفة ما فيها، مؤثراً للاطلاع على الجليّ من حوادثها وخافيها، مائلاً إلى المعارف والآداب والتجارب المودعة في مطاويها، فلمّا تأمّلتها رأيتها متباينةً في تحصيل الغرض، يكاد جوهر المعرفة بها يستحيل إلى العرض، فمن بين مطوّل قد استقصى الطرق والروايات، ومختصر قد أخلّ بكثير ممّا هو آت، ومع ذلك فقد ترك كلّهم العظيم من الحادثات، والمشهور من الكائنات، وسوّد كثيرٌ منهم الأوراق بصغائر الأمور التي الإعراض عنها أولى، وترك تسطيرها أحرى، كقولهم خلع فلان الذميّ صاحب العيار، وزاد رطلاً في الأسعار، وأكرم فلان، وأهين فلان، وقد أرّخ كلّ منهم إلى زمانه وجاء بعده من ذيل عليه، وأضاف المتجددات بعد تاريخه إليه، والشرقيّ منهم قد أخلّ بذكر أخبار الغرب، والغربيّ قد أهمل أحوال الشرق؛ فكان الطالب إذا أراد أن يطالع تاريخاً متصلاً إلى وقته يحتاج إلى مجلدات كثيرة وكتب متعددّة مع ما فيها من الإخلال والإملال.

فلمّا رأيتُ الأمر كذلك شرعتُ في تأليف تاريخ جامع لأخبار ملوك الشرق والغرب وما بينهما، ليكون تذكرةً لي أراجعه خوف النسيان، وآتي فيه بالحوادث والكائنات من أوّل الزمان، متتابعةً يتلو بعضها بعضاً إلى وقتنا هذا. ولا أقولُ إني أتيتُ على جميع الحوادث المتعلّقة بالتاريخ، فإنّ من هو بالموصل لا بدّ أن يشذّ عنه ما هو بأقصي الشرق والغرب، ولكن أقول إنني قد جمعت في كتابي هذا ما لم يجتمع في كتاب واحد، ومن تأمّله علم صحّة ذلك. فابتدأت بالتاريخ الكبير الذي صنّفه الإمام أبو جعفر الطبري إذ هو الكتاب المعوّل عند الكافة عليه، والمرجوعُ عند الاختلاف إليه، فأخذت ما فيه من جميع تراجمه، لم زخلّ بترجمة واحدة منها، وقد ذكر هو في أكثر الحوادث روايات ذوات عدد، كلّ رواية منها مثل التي قبلها أو أقل منها، وربّما زاد الشيء اليسير أو نقصه، فقصدتُ أتمّ الروايات فنقلتها وأضفت إليها من غيرها ما ليس فيها، وأودعت كل شيء مكانه، فجاء جميع ما في تلك الحادثة على اختلاف طرقها سياقاً واحداً على ما تراه. فلمّا فرغتُ منه وأخذتُ غيره من التواريخ المشهورة فطالعتها وأضفت منها إلى ما نقلته من تاريخ الطبري ما ليس فيه، ووضعتُ كلّ شيء منها موضعه، إلاّ ما يتعلّق بما جري بين أصحاب رسول الله، ﷺ ، فإني لم أضف إلى ما نقله أبو جعفر شيئاً، إلاّ ما فيه زيادةُ بيان، أو اسم إنسان، أو ما لا يطعن على أحد منهم في نقله، وإنّما اعتمدت علهي من بين المؤرخين إذ هو الإمام المتقنُ حقّاً، الجامع علماً وصحّة اعتقاده وصدقاً.

على أني لم أنقل إلاّ من التواريخ المذكورة، والكتب المشهورة، ممّن يُعلم بصدقهم فيما نقلوه، وصحّة ما دوّنوه، ولم أكن كالخابط في ظلماء الليالي، ولا كمن يجمع الحصباءواللآلي. ورأيتهم أيضاً يذكرون الحادثة الواحدة في سنين، ويذكرون منها في كلّ شهر أشياء، فتأتي الحادثةُ مقطّعة لا يحصل منها على غرض، ولا تُفهم إلاّ بعد إمعان النظر، فجمعت أنا الحادثة في موضع واحد وذكرت كلّ شيء منها في أيّ شهر أو سنة كانت، فأتت متناسقة متتابعة، قد أخذ بعضها برقاب بعض.

وذكرت في كلّ سنة لكلّ حادثة كبيرة مشهورة ترجمة تخصّها، فأمّا الحوادث الصغار التي لا يحتمل منها كلّ شيء ترجمة فإني أفردتُ لجميعها ترجمةً واحدةً في آخر كلّ سنة، فأقول: ذكر عدة حوادث، وإذا ذكرت بعض من نبغ وملك قطراً من البلاد ولم تطل أيّامه فإني أذكر جميع حاله من أوّله إلى آخره، عند ابتداء أمره، لأنّه إذا تفرق خبره لم يعرف للجهل به. وذكرت في آخر كلّ سنة من توفّي فيها من مشهوري العلماء والأعيان والفضلاء، وضبطت الأسماء المشتبهة المؤتلفة في الخط المختلفة في اللّفظ الواردة فيه بالحروف ضبطاً يزيل الإشكال، ويُغني عن الأنقاط والأشكال.

فلما جمعتُ أكثره أعرضتُ عنه مدّةً طويلة لحوادث تجددت، وقواطع توالت وتعدّدت، ولأن معرفتي بهذا النوع كملت وتمت. ثمّ إن نفراً من إخواني، وذوي المعارف والفضائل من خُلاّني، ممن أرى محادثتهم نهاية أوطاري، وأعدّهم من أماثل مُجالسيّ وسمّاري، رغبوا إليّ في أن يسمعوه مني، ليرووه عني؛ فاعتذرتُ بالأعراض عنه وعدم الفراغ منه، فإنني لم أعاود مطالعة مسوَّدته ولم أصلح ما أصلح فيها من غلط وسهو، ولا اسقطت منها ما يحتاج إلى إسقاط ومحو، وطالت المراجعة مدّةً وهم للطلب ملازمون، وعن الإعراض مُعرضون، وشرعوا في سماعه قبل إتمامه وإصلاحه، وإثبات ما تمسّ الحاجة إليه وحذف ما لا بدّ من اطراحه، والعزمُ على إتمامه فاتر، والعجز ظاهر، للاشتغال بما لا بدّ منه، لعدم المعين والمظاهر؛ ولهموم توالت، ونوائب تتابعت، فأنا ملازم الإهما والتواني، فلا أقول: إني لأسير إليه سير الشواني...

يعني بالمطبوع العقل الغريزي الذي خلقه الله تعالى للإنسان، وبالمسموع ما يزداد به العقل الغريزي من التجربة، وجعله عقلاً ثانياً توسّعاً وتعظيماً له، وإلاّ فهو زيادة في عقله الأوّل. ومنها ما يتجمّل به الإنسان في المجالس والمحافل من ذكر شيء من معارفها، ونقل طريفة من طرائفها، فترى الأسماع مصغيةً إليه، والوجوه مقبلةً عليه، والقلوب متأملةً ما يورده ويصدره، مستحسنةً ما يذكره. وأمّا الفوائد الأخرويّة: فمنها أن العاقل اللبيب إذا تفكّر فيها، ورأى تقلّب الدنيا بأهلها، وتتابع نكباتها إلى أعيان قاطنيها، وأنّها سلبت نفوسهم وذخائرهم، وأعدمت أصاغرهم وأكابرهم، فلم تُبقِ على جليل ولا حقير، ولم يسلم من نكدها غنيّ ولا فقير، زهد فيها وأعرض عنها، وأقبل على التزوّد للآخرة منها، ورغب في دار تنزّهت عن هذه الخصائص، وسلم أهلها من هذه النقائص، ولعلّ قائلاً يقول: ما نرى ناظراً فيها زهد في الدنيا، وأقبل على الآخرة ورغب في درجاتها العليا، فيا ليت شعري كم رأى هذا القائل قارئاً، للقرآن العزيز، وهو سيّد المواعظ وأفصح الكلام، يطلب به اليسير من هذا الحطام؟ فإنّ القلوب مولعة بحبّ العاجل.

ومنها التخلّق بالصبر والتأسّي وهما من محاسن الأخلاق، فإن العاقل إذا رأى أن مصاب الدنيا لم يسلم منه نبي مكرَّم، ولا ملك معظّم، بل ولا أحد من البشر، علم أنه يصيبه ما أصابهم، وينوبه ما نابهم. ولهذه الحكمة وردت القصص في القرآن المجيد (إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد) ق:50 : 37، فإن ظنّ هذا القائل أن الله سبحانه أراد بذكرها الحكايات والأسمار فقد تمسّك من أقوال الزيغ بمحكم سببها حيث قالوا: هذه أساطير الأوّلين اكتتبها. نسأل الله تعالى أن يرزقنا قلباً عقولاً ولساناً وصادقاً، ويوفقنا للسداد في القول والعمل، هو حسبنا ونعم الوكيل.

قصة الكتاب
من أشهر كتب التاريخ الإسلامي، وأحسنها ترتيباً وتنسيقاً. طبع مرات كثيرة، أولها في ليدن سنة 1850—1874م بعناية تورنبرج، ثم في مصر 1303 هـ. ألفه عز الدين ابن الأثير في الموصل، ورتبه على السنين، وانتهى به إلى عام 628 هـ ثم أهمله في مسوداته مدة طويلة، حتى أمره الملك الرحيم بالاجتهاد في تبييضه. قال: فألقيتُ عني جلباب المهل، وأبطلت رداء الكسل وقلت: هذا أوان الشد فاشتدي زيم، وسميته اسماً يناسب معناه، وهو: «الكامل في التاريخ» ثم أعقب ذلك بكلمات في فوائد علم التاريخ، ثم افتتح كتابه بذكر بدء الخلق، وقصص الأنبياء حتى صعود السيد المسيح، وأعقبه بفصل في ذكر من ملك من ملوك الروم بعد رفع المسيح إلى عهد محمد ﷺ ثم أخبار الهجرات العربية، وأيام العرب قبل الإسلام، ثم السيرة النبوية حتى عام (11هـ).

وافتتح المجلد الثاني بذكر مرض النبي (ص) ووفاته حتى حوادث سنة (65). ووصل بالمجلد الثالث إلى حوادث سنة (168) وبالرابع إلى آخر خلافة المقتدر سنة 295 هـ والخامس حتى سنة 412 هـ والسادس حتى سنة 527 هـ والسابع حتى سنة 628 هـ وهو أهم أجزاء الكتاب وفيه الكثير من مشاهداته وذكرياته.

يؤخذ عليه انحرافه عن صلاح الدين، وإن كان في الظاهر يثني عليه. وذكر في سبب تأليفه أنه رأى كتب التاريخ متباينة في تحصيل الغرض، يكاد جوهر المعرفة بها يستحيل إلى العرَض، وسود كثير منهم الأوراق بصغائر الأمور، والشرقي أخل بذكر أخبار الغرب، والغربي أهمل أحوال الشرق، فكان الطالب إذا أراد أن يطالع تاريخاً مفصلاً إلى وقته يحتاج إلى مجلدات كثيرة. وذكر أنه أفرغ فيه كل تراجم الطبري، وما فيه من الروايات التامة، مضيفاً إليها ما عثر عليه في التواريخ المشهورة.

قال: (إلا ما يتعلق بما جرى بين أصحاب رسول الله ﷺ فإني لم أضف إلى ما نقله أبو جعفر شيئاً) وإنما اعتمدتُ عليه من بين المؤرخين إذ هو الإمام المتقن حقاً، الجامع علماً وصحة اعتقاد وصدقاً. قال: «وذكرت في كل سنة لكل حادثة كبيرة ترجمة تخصها، وأما الحوادث الصغار فأفردت لجميعها ترجمة واحدة في آخر كل سنة، فأقول: ذكر عدة حوادث. وذكرت في آخر كل سنة من توفي فيها من مشهوري العلماء والأعيان.»

أنظر التعريف بكتابي أخويه: «النهاية» و«المثل السائر»، وأنظر د. فيصل السامر (ابن الأثير ص87 و161) وفيه جداول مهمة لكتاب الكامل. وكان ابن الأثير من أصدقاء ياقوت الحموي، وهو الذي نفذ وصيته بعد موته.


للكاتب/المؤلف : علي بن محمد بن محمد ابن الأثير الجزري عز الدين أبو الحسن .
دار النشر : دار الكتب العلمية بلبنان .
سنة النشر : 1987م / 1407هـ .
عدد مرات التحميل : 17537 مرّة / مرات.
تم اضافته في : السبت , 9 مارس 2019م.
حجم الكتاب عند التحميل : 13.3 ميجا بايت .

ولتسجيل ملاحظاتك ورأيك حول الكتاب يمكنك المشاركه في التعليقات من هنا:

كتاب الكامل في التاريخ من تأليف عز الدين أبي الحسن علي بن أبي الكرم محمد بن محمد بن عبد الكريم بن عبد الواحد الشيباني، المعروف بابن الأثير الجزري. صحح أصوله عبد الوهاب النجار بالقاهرة، إدارة الطباعة المنيرية، عام 1357 هـ / 1938م.

وصف الكتاب
تاريخ جامع لأخبار ملوك الشرق والغرب، وما بينها، بدأه منذ أول الزمان إلى آخر سنة ثمان عشرين وستمائة، وضح منهجه بقوله: (ذكرت في كل سنة لكل حادثة كبيرة مشهورة ترجمة تخصها، فأما الحوادث الصغار التي لا يحتمل منها كل شيء ترجمة فإنني أفردت لجميعها ترجمة واحدة في آخر كل سنة فأقول: ذكر عدة حوادث، وإذا ذكرت بعض من نبغ وملك قطراً من البلاد، ولم تطل أيامه، فإني أذكر جميع حاله من أوله إلى آخره عند ابتداء أمره، لأنه إذا تفرق خبره لم يعرف للجهل به، وذكرت في آخر كل سنة من توفي فيها من مشهوري العلماء، والأعيان، والفضلاء.

مقدمة الكتاب
فإني لم أزل محبّاً لمطالعة كتب التواريخ ومعرفة ما فيها، مؤثراً للاطلاع على الجليّ من حوادثها وخافيها، مائلاً إلى المعارف والآداب والتجارب المودعة في مطاويها، فلمّا تأمّلتها رأيتها متباينةً في تحصيل الغرض، يكاد جوهر المعرفة بها يستحيل إلى العرض، فمن بين مطوّل قد استقصى الطرق والروايات، ومختصر قد أخلّ بكثير ممّا هو آت، ومع ذلك فقد ترك كلّهم العظيم من الحادثات، والمشهور من الكائنات، وسوّد كثيرٌ منهم الأوراق بصغائر الأمور التي الإعراض عنها أولى، وترك تسطيرها أحرى، كقولهم خلع فلان الذميّ صاحب العيار، وزاد رطلاً في الأسعار، وأكرم فلان، وأهين فلان، وقد أرّخ كلّ منهم إلى زمانه وجاء بعده من ذيل عليه، وأضاف المتجددات بعد تاريخه إليه، والشرقيّ منهم قد أخلّ بذكر أخبار الغرب، والغربيّ قد أهمل أحوال الشرق؛ فكان الطالب إذا أراد أن يطالع تاريخاً متصلاً إلى وقته يحتاج إلى مجلدات كثيرة وكتب متعددّة مع ما فيها من الإخلال والإملال. 

فلمّا رأيتُ الأمر كذلك شرعتُ في تأليف تاريخ جامع لأخبار ملوك الشرق والغرب وما بينهما، ليكون تذكرةً لي أراجعه خوف النسيان، وآتي فيه بالحوادث والكائنات من أوّل الزمان، متتابعةً يتلو بعضها بعضاً إلى وقتنا هذا. ولا أقولُ إني أتيتُ على جميع الحوادث المتعلّقة بالتاريخ، فإنّ من هو بالموصل لا بدّ أن يشذّ عنه ما هو بأقصي الشرق والغرب، ولكن أقول إنني قد جمعت في كتابي هذا ما لم يجتمع في كتاب واحد، ومن تأمّله علم صحّة ذلك. فابتدأت بالتاريخ الكبير الذي صنّفه الإمام أبو جعفر الطبري إذ هو الكتاب المعوّل عند الكافة عليه، والمرجوعُ عند الاختلاف إليه، فأخذت ما فيه من جميع تراجمه، لم زخلّ بترجمة واحدة منها، وقد ذكر هو في أكثر الحوادث روايات ذوات عدد، كلّ رواية منها مثل التي قبلها أو أقل منها، وربّما زاد الشيء اليسير أو نقصه، فقصدتُ أتمّ الروايات فنقلتها وأضفت إليها من غيرها ما ليس فيها، وأودعت كل شيء مكانه، فجاء جميع ما في تلك الحادثة على اختلاف طرقها سياقاً واحداً على ما تراه. فلمّا فرغتُ منه وأخذتُ غيره من التواريخ المشهورة فطالعتها وأضفت منها إلى ما نقلته من تاريخ الطبري ما ليس فيه، ووضعتُ كلّ شيء منها موضعه، إلاّ ما يتعلّق بما جري بين أصحاب رسول الله، ﷺ ، فإني لم أضف إلى ما نقله أبو جعفر شيئاً، إلاّ ما فيه زيادةُ بيان، أو اسم إنسان، أو ما لا يطعن على أحد منهم في نقله، وإنّما اعتمدت علهي من بين المؤرخين إذ هو الإمام المتقنُ حقّاً، الجامع علماً وصحّة اعتقاده وصدقاً. 

على أني لم أنقل إلاّ من التواريخ المذكورة، والكتب المشهورة، ممّن يُعلم بصدقهم فيما نقلوه، وصحّة ما دوّنوه، ولم أكن كالخابط في ظلماء الليالي، ولا كمن يجمع الحصباءواللآلي. ورأيتهم أيضاً يذكرون الحادثة الواحدة في سنين، ويذكرون منها في كلّ شهر أشياء، فتأتي الحادثةُ مقطّعة لا يحصل منها على غرض، ولا تُفهم إلاّ بعد إمعان النظر، فجمعت أنا الحادثة في موضع واحد وذكرت كلّ شيء منها في أيّ شهر أو سنة كانت، فأتت متناسقة متتابعة، قد أخذ بعضها برقاب بعض. 

وذكرت في كلّ سنة لكلّ حادثة كبيرة مشهورة ترجمة تخصّها، فأمّا الحوادث الصغار التي لا يحتمل منها كلّ شيء ترجمة فإني أفردتُ لجميعها ترجمةً واحدةً في آخر كلّ سنة، فأقول: ذكر عدة حوادث، وإذا ذكرت بعض من نبغ وملك قطراً من البلاد ولم تطل أيّامه فإني أذكر جميع حاله من أوّله إلى آخره، عند ابتداء أمره، لأنّه إذا تفرق خبره لم يعرف للجهل به. وذكرت في آخر كلّ سنة من توفّي فيها من مشهوري العلماء والأعيان والفضلاء، وضبطت الأسماء المشتبهة المؤتلفة في الخط المختلفة في اللّفظ الواردة فيه بالحروف ضبطاً يزيل الإشكال، ويُغني عن الأنقاط والأشكال. 

فلما جمعتُ أكثره أعرضتُ عنه مدّةً طويلة لحوادث تجددت، وقواطع توالت وتعدّدت، ولأن معرفتي بهذا النوع كملت وتمت. ثمّ إن نفراً من إخواني، وذوي المعارف والفضائل من خُلاّني، ممن أرى محادثتهم نهاية أوطاري، وأعدّهم من أماثل مُجالسيّ وسمّاري، رغبوا إليّ في أن يسمعوه مني، ليرووه عني؛ فاعتذرتُ بالأعراض عنه وعدم الفراغ منه، فإنني لم أعاود مطالعة مسوَّدته ولم أصلح ما أصلح فيها من غلط وسهو، ولا اسقطت منها ما يحتاج إلى إسقاط ومحو، وطالت المراجعة مدّةً وهم للطلب ملازمون، وعن الإعراض مُعرضون، وشرعوا في سماعه قبل إتمامه وإصلاحه، وإثبات ما تمسّ الحاجة إليه وحذف ما لا بدّ من اطراحه، والعزمُ على إتمامه فاتر، والعجز ظاهر، للاشتغال بما لا بدّ منه، لعدم المعين والمظاهر؛ ولهموم توالت، ونوائب تتابعت، فأنا ملازم الإهما والتواني، فلا أقول: إني لأسير إليه سير الشواني...

يعني بالمطبوع العقل الغريزي الذي خلقه الله تعالى للإنسان، وبالمسموع ما يزداد به العقل الغريزي من التجربة، وجعله عقلاً ثانياً توسّعاً وتعظيماً له، وإلاّ فهو زيادة في عقله الأوّل. ومنها ما يتجمّل به الإنسان في المجالس والمحافل من ذكر شيء من معارفها، ونقل طريفة من طرائفها، فترى الأسماع مصغيةً إليه، والوجوه مقبلةً عليه، والقلوب متأملةً ما يورده ويصدره، مستحسنةً ما يذكره. وأمّا الفوائد الأخرويّة: فمنها أن العاقل اللبيب إذا تفكّر فيها، ورأى تقلّب الدنيا بأهلها، وتتابع نكباتها إلى أعيان قاطنيها، وأنّها سلبت نفوسهم وذخائرهم، وأعدمت أصاغرهم وأكابرهم، فلم تُبقِ على جليل ولا حقير، ولم يسلم من نكدها غنيّ ولا فقير، زهد فيها وأعرض عنها، وأقبل على التزوّد للآخرة منها، ورغب في دار تنزّهت عن هذه الخصائص، وسلم أهلها من هذه النقائص، ولعلّ قائلاً يقول: ما نرى ناظراً فيها زهد في الدنيا، وأقبل على الآخرة ورغب في درجاتها العليا، فيا ليت شعري كم رأى هذا القائل قارئاً، للقرآن العزيز، وهو سيّد المواعظ وأفصح الكلام، يطلب به اليسير من هذا الحطام؟ فإنّ القلوب مولعة بحبّ العاجل.

 ومنها التخلّق بالصبر والتأسّي وهما من محاسن الأخلاق، فإن العاقل إذا رأى أن مصاب الدنيا لم يسلم منه نبي مكرَّم، ولا ملك معظّم، بل ولا أحد من البشر، علم أنه يصيبه ما أصابهم، وينوبه ما نابهم. ولهذه الحكمة وردت القصص في القرآن المجيد (إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد) ق:50 : 37، فإن ظنّ هذا القائل أن الله سبحانه أراد بذكرها الحكايات والأسمار فقد تمسّك من أقوال الزيغ بمحكم سببها حيث قالوا: هذه أساطير الأوّلين اكتتبها. نسأل الله تعالى أن يرزقنا قلباً عقولاً ولساناً وصادقاً، ويوفقنا للسداد في القول والعمل، هو حسبنا ونعم الوكيل.

قصة الكتاب
من أشهر كتب التاريخ الإسلامي، وأحسنها ترتيباً وتنسيقاً. طبع مرات كثيرة، أولها في ليدن سنة 1850—1874م بعناية تورنبرج، ثم في مصر 1303 هـ. ألفه عز الدين ابن الأثير في الموصل، ورتبه على السنين، وانتهى به إلى عام 628 هـ ثم أهمله في مسوداته مدة طويلة، حتى أمره الملك الرحيم بالاجتهاد في تبييضه. قال: فألقيتُ عني جلباب المهل، وأبطلت رداء الكسل وقلت: هذا أوان الشد فاشتدي زيم، وسميته اسماً يناسب معناه، وهو: «الكامل في التاريخ» ثم أعقب ذلك بكلمات في فوائد علم التاريخ، ثم افتتح كتابه بذكر بدء الخلق، وقصص الأنبياء حتى صعود السيد المسيح، وأعقبه بفصل في ذكر من ملك من ملوك الروم بعد رفع المسيح إلى عهد محمد ﷺ ثم أخبار الهجرات العربية، وأيام العرب قبل الإسلام، ثم السيرة النبوية حتى عام (11هـ). 

وافتتح المجلد الثاني بذكر مرض النبي (ص) ووفاته حتى حوادث سنة (65). ووصل بالمجلد الثالث إلى حوادث سنة (168) وبالرابع إلى آخر خلافة المقتدر سنة 295 هـ والخامس حتى سنة 412 هـ والسادس حتى سنة 527 هـ والسابع حتى سنة 628 هـ وهو أهم أجزاء الكتاب وفيه الكثير من مشاهداته وذكرياته.

يؤخذ عليه انحرافه عن صلاح الدين، وإن كان في الظاهر يثني عليه. وذكر في سبب تأليفه أنه رأى كتب التاريخ متباينة في تحصيل الغرض، يكاد جوهر المعرفة بها يستحيل إلى العرَض، وسود كثير منهم الأوراق بصغائر الأمور، والشرقي أخل بذكر أخبار الغرب، والغربي أهمل أحوال الشرق، فكان الطالب إذا أراد أن يطالع تاريخاً مفصلاً إلى وقته يحتاج إلى مجلدات كثيرة. وذكر أنه أفرغ فيه كل تراجم الطبري، وما فيه من الروايات التامة، مضيفاً إليها ما عثر عليه في التواريخ المشهورة.

 قال: (إلا ما يتعلق بما جرى بين أصحاب رسول الله ﷺ فإني لم أضف إلى ما نقله أبو جعفر شيئاً) وإنما اعتمدتُ عليه من بين المؤرخين إذ هو الإمام المتقن حقاً، الجامع علماً وصحة اعتقاد وصدقاً. قال: «وذكرت في كل سنة لكل حادثة كبيرة ترجمة تخصها، وأما الحوادث الصغار فأفردت لجميعها ترجمة واحدة في آخر كل سنة، فأقول: ذكر عدة حوادث. وذكرت في آخر كل سنة من توفي فيها من مشهوري العلماء والأعيان.»

أنظر التعريف بكتابي أخويه: «النهاية» و«المثل السائر»، وأنظر د. فيصل السامر (ابن الأثير ص87 و161) وفيه جداول مهمة لكتاب الكامل. وكان ابن الأثير من أصدقاء ياقوت الحموي، وهو الذي نفذ وصيته بعد موته.

الكامل في التاريخ ت: تدمري

الكامل في التاريخ 

عمليات بحث متعلقة بـ الكامل في التاريخ ت: تدمري

تحميل كتاب الكامل في التاريخ دار صادر pdf

الكامل في التاريخ المكتبة الوقفية

الكامل في التاريخ الجزء التاسع

ابن الأثير الكامل في التاريخ ج6

مختصر الكامل في التاريخ

نقد كتاب الكامل في التاريخ

الكامل في التاريخ دار الكتاب العربي PDF

الكامل في التاريخ ج8



نوع الكتاب : pdf.
اذا اعجبك الكتاب فضلاً اضغط على أعجبني
و يمكنك تحميله من هنا:

تحميل الكامل في التاريخ / ج1
علي بن محمد بن محمد ابن الأثير الجزري عز الدين أبو الحسن
علي بن محمد بن محمد ابن الأثير الجزري عز الدين أبو الحسن
Ali bin Muhammad bin Muhammad Ibn Al Atheer Al Jazari Ezz Al Din Abu Al Hassan
❰ له مجموعة من الإنجازات والمؤلفات أبرزها ❞ الكامل في التاريخ / ج1 ❝ ❞ الكامل في التاريخ (ط. العلمية) ج1 ❝ ❞ الكامل في التاريخ (ط. العلمية) المجلد التاسع: 479 - 561 هـ ❝ ❞ الكامل في التاريخ (ط. العلمية) المجلد الثامن: 389 - 488 هـ ❝ ❞ الكامل في التاريخ (ط. العلمية) المجلد الحادي عشر: الفهارس ❝ ❞ الكامل في التاريخ (ط. العلمية) المجلد السابع: 309 - 388 هـ ❝ ❞ الكامل في التاريخ (ط. العلمية) المجلد العاشر: 562 - 628 هـ ❝ ❞ الكامل في التاريخ (ط. العلمية) المجلد الثالث: 30 - 64 هـ ❝ ❞ الكامل في التاريخ (ط. العلمية) المجلد الخامس: 127 - 217 هـ ❝ الناشرين : ❞ دار الكتب العلمية بلبنان ❝ ❱.



كتب اخرى في كتب التاريخ الإسلامي

محاضرات تاريخ الأمم الإسلامية الدولة الأموية PDF

قراءة و تحميل كتاب محاضرات تاريخ الأمم الإسلامية الدولة الأموية PDF مجانا

ودخلت الخيل الأزهر PDF

قراءة و تحميل كتاب ودخلت الخيل الأزهر PDF مجانا

الإخوان المسلمين أحداث صنعت التاريخ PDF

قراءة و تحميل كتاب الإخوان المسلمين أحداث صنعت التاريخ PDF مجانا

التاريخ السري لجماعة الإخوان المسلمين PDF

قراءة و تحميل كتاب التاريخ السري لجماعة الإخوان المسلمين PDF مجانا

تاريخ شمال افريقيا من الفتح الإسلامي إلى نهاية الدولة الأغلبية PDF

قراءة و تحميل كتاب تاريخ شمال افريقيا من الفتح الإسلامي إلى نهاية الدولة الأغلبية PDF مجانا

البداية والنهاية الجزء الأول: من بدء الخلق إلى قصة ذي الكفل PDF

قراءة و تحميل كتاب البداية والنهاية الجزء الأول: من بدء الخلق إلى قصة ذي الكفل PDF مجانا

حقبة من التاريخ عثمان بن محمد الخميس PDF

قراءة و تحميل كتاب حقبة من التاريخ عثمان بن محمد الخميس PDF مجانا

تاريخ المغرب الإسلامي والأندلس في العصر المريني PDF

قراءة و تحميل كتاب تاريخ المغرب الإسلامي والأندلس في العصر المريني PDF مجانا

المزيد من كتب التاريخ الإسلامي في مكتبة كتب التاريخ الإسلامي , المزيد من كتب تاريخ العالم العربي في مكتبة كتب تاريخ العالم العربي , المزيد من التراجم والأعلام في مكتبة التراجم والأعلام , المزيد من كتب السير و المذكرات في مكتبة كتب السير و المذكرات , المزيد من كتب الأنساب في مكتبة كتب الأنساب , المزيد من كتب التراجم على الطبقات في مكتبة كتب التراجم على الطبقات , المزيد من كتب تاريخ العالم الغربي في مكتبة كتب تاريخ العالم الغربي , المزيد من كتب تاريخ أفريقيا في مكتبة كتب تاريخ أفريقيا , المزيد من كتب تاريخ مصر في مكتبة كتب تاريخ مصر
عرض كل كتب التاريخ ..
اقرأ المزيد في مكتبة كتب إسلامية , اقرأ المزيد في مكتبة كتب تقنية المعلومات , اقرأ المزيد في مكتبة المناهج التعليمية والكتب الدراسية , اقرأ المزيد في مكتبة القصص والروايات والمجلّات , اقرأ المزيد في مكتبة كتب الهندسة والتكنولوجيا , اقرأ المزيد في مكتبة الكتب والموسوعات العامة , اقرأ المزيد في مكتبة كتب تعلم اللغات , اقرأ المزيد في مكتبة كتب التنمية البشرية , اقرأ المزيد في مكتبة الكتب التعليمية , اقرأ المزيد في مكتبة كتب التاريخ , اقرأ المزيد في مكتبة كتب الأطفال قصص ومجلات , اقرأ المزيد في مكتبة كتب الطب , اقرأ المزيد في مكتبة الكتب العلمية , اقرأ المزيد في مكتبة كتب علوم سياسية وقانونية , اقرأ المزيد في مكتبة كتب الأدب , اقرأ المزيد في مكتبة كتب الروايات الأجنبية والعالمية , اقرأ المزيد في مكتبة كتب اللياقة البدنية والصحة العامة , اقرأ المزيد في مكتبة كتب الأسرة والتربية الطبخ والديكور , اقرأ المزيد في مكتبة الكتب الغير مصنّفة , اقرأ المزيد في مكتبة كتب المعاجم واللغات , اقرأ المزيد في مكتبة كتب علوم عسكرية و قانون دولي
جميع مكتبات الكتب ..