كتاب القرآن والعلم

من اهتمام القرآن الكريم البالغ بالعلم والعلماء أن مفردة (العلم) باشتقاقاتها المختلفة وردت فيه أكثر من سبعمائة مرة. وجاء تطور العلوم التجريبية بأثره الايجابي على فهم وتفسير الآيات القرآنية المباركة تفسيرا علميا. أما ما يدّعى من تعارض بين القرآن والعلوم التجريبية هذه، فلا أساس له. وقد استخدمت مفردة(العلم) في القرآن لتعني معنيين: العلم بمعناه الخاص أي اللاهوت والعلم بمعناه العام وهو مطلق العلم والمعرفة. ولو نظرنا إلى العلاقة بين القرآن والعلوم التجريبية، لوجدنا أنها مرت بمراحل. فقد كان التطرق لتلك العلوم من خلال كتب التفسير إثر انتشار ترجمة الكتب العلمية للأمم الأخرى الإغريقية والفارسية والسنسكريتية والسريانية إلى اللغة العربية. ثم جاءت مرحلة كتب الإعجاز العلمي في القرآن تلتها كتب الأبحاث النظرية في العلاقة بين القرآن والعلم. بعدها كانت مرحلة الأبحاث التاريخية في بيان تلك العلاقة. وأخيرا، جاءت مرحلة كتب الأبحاث التجريبية في بيان تلك العلاقة. وفي مجال الإعجاز العلمي، يقول يوسف مروة أن عدد الآيات العلمية في القرآن 675 آية. بينما يقول محمد جميل الحبال ومقداد مرعي الجواري أنها تبلغ 1322 بحساب المتكرر منها. وبذلك فتصبح نسبتها من مجموع الآيات القرآنية ككل 20 بالمائة. وقد صنّف بعض العلماء تلك الآيات العلمية إلى 61 آية في الطب و63 في الفيزياء و 100 في الفلك و20 في علم طبقات الأرض و21 في الزراعة و36 في الخلق والحياة و73 في الجغرافيا و20 في الأنواء و9 في الكيمياء. وثمة تصنيفات أخرى مختلفة لدى باحثين آخرين. ويعود هذا الاختلاف إلى اختلاف المباني في التفسير العلمي وتعريف تلك الآيات العلمية. كما يلقي رأي المفسر بظلاله على التصنيفات. عموما، يمكن تقسيم الآيات العلمية إلى أربعة أقسام رئيسة: آيات الإعجاز العلمي وآيات الإشارات المذهلة وآيات الإشارات التي تدعو إلى التفكير والتدبر وأخيرا آيات التنظير العلمي. وبخصوص نماذج التنظير العلمي، يبوّب لنا المؤلف تلك الآيات على عدة أبواب، منها: في علم الفلك: في الآية الكريمة 29 من سورة الشورى: (ومن آياته خلق السماوات والأرض وما بث فيهما من دابة)، وهي تشير إلى وجود كائنات حية في الفضاء. وكذلك ما يشير إلى اتساع السماوات في الآية 47 من سورة الذاريات: (والسماء بنيناها بأييد وإنا لموسعون). -في علم الأحياء: الإشارة إلى تواصل الحيوانات فيما بينها، كما في الآية 18 من سورة النمل: (حتى إذا أتوا على وادي النمل قالت نملة يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم لا يحطمنكم سليمان وجنوده وهم لا يشعرون). -في علم الطب: يعتبر القرآن وسيلة لشفاء الأمراض الجسدية والروحية والنفسية وغيرها، كما تشير إلى ذلك الآية 82 من سورة الإسراء: (وننزّل من القرآن ما هو شفاء). -في علم الاقتصاد: فالقرآن يبطل المعاملات الربوية ويعدها حربا على الله والرسول، فيقول في الآية 279 من سورة البقرة: (فأذنوا بحرب من الله ورسوله). -وفي علم الحقوق: يعتبر القرآن أن العوامل المعنوية لها أثر كبير في السيطرة على الأفراد وردعهم عن العصيان لأنها الضمانة لتنفيذ القوانين وتطبيقها. فيقول سبحانه في الآية 201 من سورة الأعراف: (إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون). وفي الآية 18 من سورة ق: (ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد). -وفي علم السياسة: يقدم لنا القرآن نظاما سياسيا خاصا تكون فيه المشروعية منزّلة من الأعلى، كما في الآية 59 من سورة النساء: (أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم). وهو ما يخالف الأنظمة السياسية الوضعية المعاصرة التي تكون فيها المشروعية منبثقة من الأسفل إلى الأعلى، أي من رأي الشعب. -وفي علم الإدارة: يقوم النظام الإداري في القرآن على (الإدارة الرحمانية). كما أن عنصر انشراح الصدر يكتسب أهمية كبيرة. ففي الآيات 25-27 من سورة طه، يقول تعالى: (قال رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري واحلل عقدة من لساني). الإعجاز العلمي في القرآن: ثمة معان كثيرة لمفردة(المعجزة)، لكنها تستخدم هنا بمعناها الاصطلاحي (العمل الخارق للعادة الذي يدل ويشهد على النبوة). وقد استعملت هذه المفردة منذ عصر الأئمة(عليهم السلام). ومن شروطها أن تكون خارقة للعادة، وأن تصدر عن من يدعي المنصب الإلهي، وأن تقترن بالتحدي، وأن لا يمكن قهرها والتغلب عليها، وأنها تأتي لإثبات أمور معينة، وأن لا تكون من موارد الشر، وأن تكون دليلا على صدق المدعي. ومن حيث تاريخ الإعجاز العلمي للقرآن، فهو ورغم ما كتب فيه خلال القرون الأربعة عشر الماضية حديث الولادة. فقد بدأ قبل ما يقرب من قرن عندما كتب الدكتور محمد بن أحمد الاسكندراني عام 1306 هجرية كتابه(كشف الأسرار النورانية القرآنية) الذي تحدث فيه عن الإعجاز العلمي للقرآن. ثم توالت الكتابات. وهناك عدة أنواع من المعجزات: الإقتراحية وغير الإقتراحية والحسية والعقلية والمؤقتة والدائمة. أما موارد إعجاز القرآن فهي: الفصاحة والبلاغة والأسلوب والنظم الخاص والجمال والجاذبية الخاصة وصدور المفاهيم والتعاليم الإلهية السامية من شخص أمي وقوانين المحكم والأدلة القرآنية السامية والأخبار الغيبية بأحداث الماضي والمستقبل وأسرار الخلق(الإعجاز العلمي) وعدم وجود اختلاف وخلق الثورة الاجتماعية والصرفة(عدم سماح الله لأي شخص بالإتيان بمثل القرآن).
د. عبد الستار محمد نوير - ❰ له مجموعة من الإنجازات والمؤلفات أبرزها ❞ القرآن والعلم ❝ ❱
من كتب إسلامية متنوعة - مكتبة كتب إسلامية.