كتاب معية الله تعالى؛ فصل من كتاب تمهيد البداية في أصول التفسيركتب إسلامية

كتاب معية الله تعالى؛ فصل من كتاب تمهيد البداية في أصول التفسير

المَعِيَّة من الصفات الثابتة لله عز وجل، وقد أَجْمَع أهل السنة مِن السَّلَف والخلف على إثباتها، وهي معيَّةٌ تليق بالله سبحانه وتعالى على الوجه اللائق به، وقد ذَكَر العلماء أنَّ معيَّة الله عز وجل لخَلْقه لا تُنافي فَوْقيَّته، فإنه سبحانه وتعالى عليم بعباده، بصير بأعمالهم، مع علوه عليهم واستوائه على عرشه، لا أنه سبحانه مختلط بهم، ولا أنه معهم في الأرض. قال الشيخ ابن عثيمين: "مَعِيَّة الله عز وجل لخلقة تليق بجلاله سبحانه وتعالى، كسائر صفاته، فهي معية تامة حقيقية، لكن هو في السماء". ومعية الله عز وجل ثابتةٌ بالكثير من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية، ومن ذلك: أولا: الأدلة من القرآن الكريم: 1 ـ قال الله تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}(الحديد:4). قال الطبري: "يقول: وهو شاهد لكم أيها الناس أينما كنتم يعلمكم، ويعلم أعمالكم، ومتقلبكم ومثواكم، وهو على عرشه فوق سماواته السبع". وقال السعدي: "{وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} كقوله: {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا} وهذه المعية، معية العلم والاطلاع". 2 ـ قال الله تعالى: {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا}(المجادلة:7). قال ابن كثير: "وعني بقوله: {هُوَ رَابِعُهُمْ}، بمعنى: أنه مُشاهدهم بعلمه، وهو على عرشه". وقال البغوي: "أي: ما مِنْ شيء يناجي به الرجل صاحبيه، إلا هو رابعهم بالعلم. وقيل: معناه ما يكون من متناجين ثلاثة يُسار بعضهم بعضا إلا هو رابعهم بالعلم، يعلم نجواهم". 3 ـ وقال الله سبحانه: {إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا}(التوبة:40). قال ابن عباس: "{إِنَّ الله مَعَنَا} معيننا". وقال الماوردي: "{لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} أي ناصرنا على أعدائنا". وقال السعدي: "{لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} بعونه ونصره وتأييده". 4 ـ وقال الله تعالى لموسى عليه السلام: {قَالَ كَلَّا فَاذْهَبَا بِآيَاتِنَا إِنَّا مَعَكُمْ مُسْتَمِعُونَ}(الشعراء15)، وقال سبحانه: {قَالَ لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى}(طه:46). قال ابن عباس: "{إِنَّنِي مَعَكُمَآ} معينكما". وقال القرطبي: "{إِنَّنِي مَعَكُما} يُرِيدُ بِالنَّصْرِ وَالْمَعُونَةِ وَالْقُدْرَة على فِرْعون". وقال السعدي: "{إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى} أي: أنتما بحفظي ورعايتي أسمع أقوالكما وأرى جميع أحوالكما، فلا تخافا منه فزال الخوف عنهما، واطمأنت قلوبهما بوعد ربهما". ثانيا: الأدلة من الأحاديث النبوية: 1 ـ عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (يقول الله تعالى: أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه إذا ذكرني) رواه البخاري. قال البيضاوي في "تحفة الأبرار شرح مصابيح السنة": "وقوله: (وأنا معه إذا ذكرني) أي: بالتوفيق والمعونة". وقال الطيبي في "الكاشف عن حقائق السنن": "قوله: (وأنا معه إذا ذكرني) أي: بالتوفيق والمعونة". وقال ابن حجر في "فتح الباري": "قوله: (وأنا معه إذا ذكرني) أي: بعلمي، وهو كقوله: {إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى}(طه:46)". 2 ـ روى البخاري في صحيحه عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا قام أحدكم إلى الصلاة فلا يبصق قِبَل وجهه، فإنَّ الله قِبَل وجهه) رواه البخاري. وفي رواية في صحيح مسلم: (إذَا كانَ أحَدُكُمْ يُصَلِّي فلا يَبْصُقْ قِبَلَ وجْهِهِ، فإنَّ اللَّهَ قِبَلَ وجْهِهِ إذَا صَلَّى). قال القاضي عياض في "إِكمَال المُعْلِمِ بفَوَائِدِ مُسْلِم": "وقد يكون معنى قوله: (فإن الله قِبَل وجهه) على حذف المضاف، أي: أن قِبْلة الله المكرمة قِبَل وجهه". وقال ابن عبد البر في "الاستذكار": "وأما قوله: (فإن الله قِبَل وجهه إذا صلى) فكلام خرج على شأن تعظيم القِبْلة وإكرامها، كما قال طاووس: أكرموا قِبْلة الله عن أن تُستقبل للغائط والبول". وقال الصنعاني: "(فإن الله قِبَل وجهه إذا صلى) أي ملائكته ورحمته تعالى مقابلة له، أو أن قبلة الله أي بيته الكريم، أو لأنه يناجى ربه.. والمناجي يكون تلقاء وجه مَنْ يناجيه، فأمر بصيانة الجهة كما لو كان يناجي مخلوق". 3 ـ وعن أنس رضي الله عنه عن أبي بكر رضي الله عنه قال: (قلت للنبي صلى الله عليه وسلم وأنا في الغار: لو أن أحدهم نظر تحت قدميه لأبصرنا! فقال صلى الله عليه وسلم: يا أبا بكر! ما ظنك باثنين الله ثالثهما) رواه البخاري. قال الطيبي: "(ما ظنك باثنين الله ثالثهما) أي: جاعلهما ثلاثة بضم نفسه تعالى إليهما في المعية المعنوية التي أشار إليها بقوله سبحانه وتعالى: {إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا}". وقال ابن الجوزي: "(مَا ظَنك بِاثْنَيْنِ الله ثالثهما) أَي بالنصرة والإعانة". وقال النووي: "(يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما) معناه: ثالثهما بالنصر والمعونة". وقال العيني: "(مَا ظَنك بِاثْنَيْنِ الله ثالثهما؟!) أَرَادَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: بالاثنين نَفسه وَأَبا بكر، وَمعنى ثالثهما: بِالْقُدْرَة والنصرة والإعانة". معية الله تعالى: ماهي معيَّة الله تعالى؟ وما هي أسامها، وما الممدوح منها وما الممنوع؟ كل هذا نتعرف عليه في هذا الكتاب
عصام الدين إبراهيم النقيلي - عصام الدين إبراهيم دكتوراه اصول التفسير، ودكتوراه أصول الفقه، درس في الجامعة الزيتونية وجامعة النور لتكوين العلماء والكثير من الأكاديميات الشرعية وتخرج من العديد منها، له عدة من المؤلفات من أبرزها موسوعة الخلاصة في علم الأصول من حد الفقه في ستة مجلدات، وتمهيد البداية في أصول التفسير من مجلَّدين، والأذان وفي كل بيت راق والتهذيب والتوضيح في شرح قواعد التَّرجيح، والمتن الحبير في أصول وكليات وقواعد التفسير وغيرها...❰ له مجموعة من الإنجازات والمؤلفات أبرزها ❞ في كل بيت راق ❝ ❞ التدليك علاج واسترخاء ❝ ❞ الأذان ❝ ❞ التهذيب والتوضيح في شرح قواعد الترجيح ❝ ❞ المفرد في علم التشخيص و دلائل الإصابات ❝ ❞ الزيوت العطرية علاج وجمال ❝ ❞ الخطوات الأولية في الأعشاب الطبِّية (الجزء الأول) ❝ ❞ أسرا التِّرياق من مختصر في كل بيت راق ❝ ❞ الاشتياق لرقية الأرزاق ❝ الناشرين : ❞ جميع الحقوق محفوظة للمؤلف ❝ ❞ شبكة الألوكة ❝ ❱
من كتب إسلامية متنوعة - مكتبة كتب إسلامية.

وصف الكتاب : المَعِيَّة من الصفات الثابتة لله عز وجل، وقد أَجْمَع أهل السنة مِن السَّلَف والخلف على إثباتها، وهي معيَّةٌ تليق بالله سبحانه وتعالى على الوجه اللائق به، وقد ذَكَر العلماء أنَّ معيَّة الله عز وجل لخَلْقه لا تُنافي فَوْقيَّته، فإنه سبحانه وتعالى عليم بعباده، بصير بأعمالهم، مع علوه عليهم واستوائه على عرشه، لا أنه سبحانه مختلط بهم، ولا أنه معهم في الأرض. قال الشيخ ابن عثيمين: "مَعِيَّة الله عز وجل لخلقة تليق بجلاله سبحانه وتعالى، كسائر صفاته، فهي معية تامة حقيقية، لكن هو في السماء". ومعية الله عز وجل ثابتةٌ بالكثير من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية، ومن ذلك:

أولا: الأدلة من القرآن الكريم:
1 ـ قال الله تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}(الحديد:4). قال الطبري: "يقول: وهو شاهد لكم أيها الناس أينما كنتم يعلمكم، ويعلم أعمالكم، ومتقلبكم ومثواكم، وهو على عرشه فوق سماواته السبع". وقال السعدي: "{وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} كقوله: {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا} وهذه المعية، معية العلم والاطلاع".

2 ـ قال الله تعالى: {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا}(المجادلة:7). قال ابن كثير: "وعني بقوله: {هُوَ رَابِعُهُمْ}، بمعنى: أنه مُشاهدهم بعلمه، وهو على عرشه". وقال البغوي: "أي: ما مِنْ شيء يناجي به الرجل صاحبيه، إلا هو رابعهم بالعلم. وقيل: معناه ما يكون من متناجين ثلاثة يُسار بعضهم بعضا إلا هو رابعهم بالعلم، يعلم نجواهم".

3 ـ وقال الله سبحانه: {إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا}(التوبة:40). قال ابن عباس: "{إِنَّ الله مَعَنَا} معيننا". وقال الماوردي: "{لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} أي ناصرنا على أعدائنا". وقال السعدي: "{لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} بعونه ونصره وتأييده".

4 ـ وقال الله تعالى لموسى عليه السلام: {قَالَ كَلَّا فَاذْهَبَا بِآيَاتِنَا إِنَّا مَعَكُمْ مُسْتَمِعُونَ}(الشعراء15)، وقال سبحانه: {قَالَ لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى}(طه:46). قال ابن عباس: "{إِنَّنِي مَعَكُمَآ} معينكما". وقال القرطبي: "{إِنَّنِي مَعَكُما} يُرِيدُ بِالنَّصْرِ وَالْمَعُونَةِ وَالْقُدْرَة على فِرْعون". وقال السعدي: "{إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى} أي: أنتما بحفظي ورعايتي أسمع أقوالكما وأرى جميع أحوالكما، فلا تخافا منه فزال الخوف عنهما، واطمأنت قلوبهما بوعد ربهما".

ثانيا: الأدلة من الأحاديث النبوية:
1 ـ عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (يقول الله تعالى: أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه إذا ذكرني) رواه البخاري. قال البيضاوي في "تحفة الأبرار شرح مصابيح السنة": "وقوله: (وأنا معه إذا ذكرني) أي: بالتوفيق والمعونة". وقال الطيبي في "الكاشف عن حقائق السنن": "قوله: (وأنا معه إذا ذكرني) أي: بالتوفيق والمعونة". وقال ابن حجر في "فتح الباري": "قوله: (وأنا معه إذا ذكرني) أي: بعلمي، وهو كقوله: {إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى}(طه:46)".

2 ـ روى البخاري في صحيحه عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا قام أحدكم إلى الصلاة فلا يبصق قِبَل وجهه، فإنَّ الله قِبَل وجهه) رواه البخاري. وفي رواية في صحيح مسلم: (إذَا كانَ أحَدُكُمْ يُصَلِّي فلا يَبْصُقْ قِبَلَ وجْهِهِ، فإنَّ اللَّهَ قِبَلَ وجْهِهِ إذَا صَلَّى).

قال القاضي عياض في "إِكمَال المُعْلِمِ بفَوَائِدِ مُسْلِم": "وقد يكون معنى قوله: (فإن الله قِبَل وجهه) على حذف المضاف، أي: أن قِبْلة الله المكرمة قِبَل وجهه". وقال ابن عبد البر في "الاستذكار": "وأما قوله: (فإن الله قِبَل وجهه إذا صلى) فكلام خرج على شأن تعظيم القِبْلة وإكرامها، كما قال طاووس: أكرموا قِبْلة الله عن أن تُستقبل للغائط والبول". وقال الصنعاني: "(فإن الله قِبَل وجهه إذا صلى) أي ملائكته ورحمته تعالى مقابلة له، أو أن قبلة الله أي بيته الكريم، أو لأنه يناجى ربه.. والمناجي يكون تلقاء وجه مَنْ يناجيه، فأمر بصيانة الجهة كما لو كان يناجي مخلوق".

3 ـ وعن أنس رضي الله عنه عن أبي بكر رضي الله عنه قال: (قلت للنبي صلى الله عليه وسلم وأنا في الغار: لو أن أحدهم نظر تحت قدميه لأبصرنا! فقال صلى الله عليه وسلم: يا أبا بكر! ما ظنك باثنين الله ثالثهما) رواه البخاري. قال الطيبي: "(ما ظنك باثنين الله ثالثهما) أي: جاعلهما ثلاثة بضم نفسه تعالى إليهما في المعية المعنوية التي أشار إليها بقوله سبحانه وتعالى: {إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا}".

وقال ابن الجوزي: "(مَا ظَنك بِاثْنَيْنِ الله ثالثهما) أَي بالنصرة والإعانة". وقال النووي: "(يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما) معناه: ثالثهما بالنصر والمعونة". وقال العيني: "(مَا ظَنك بِاثْنَيْنِ الله ثالثهما؟!) أَرَادَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: بالاثنين نَفسه وَأَبا بكر، وَمعنى ثالثهما: بِالْقُدْرَة والنصرة والإعانة".

معية الله تعالى: ماهي معيَّة الله تعالى؟ وما هي أسامها، وما الممدوح منها وما الممنوع؟ كل هذا نتعرف عليه في هذا الكتاب

عدد مرات التحميل : 1117 مرّة / مرات.
تم اضافته في : الخميس , 1 سبتمبر 2022م.

ولتسجيل ملاحظاتك ورأيك حول الكتاب يمكنك المشاركه في التعليقات من هنا:

المَعِيَّة من الصفات الثابتة لله عز وجل، وقد أَجْمَع أهل السنة مِن السَّلَف والخلف على إثباتها، وهي معيَّةٌ تليق بالله سبحانه وتعالى على الوجه اللائق به، وقد ذَكَر العلماء أنَّ معيَّة الله عز وجل لخَلْقه لا تُنافي فَوْقيَّته، فإنه سبحانه وتعالى عليم بعباده، بصير بأعمالهم، مع علوه عليهم واستوائه على عرشه، لا أنه سبحانه مختلط بهم، ولا أنه معهم في الأرض. قال الشيخ ابن عثيمين: "مَعِيَّة الله عز وجل لخلقة تليق بجلاله سبحانه وتعالى، كسائر صفاته، فهي معية تامة حقيقية، لكن هو في السماء". ومعية الله عز وجل ثابتةٌ بالكثير من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية، ومن ذلك:

أولا: الأدلة من القرآن الكريم:
1 ـ قال الله تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}(الحديد:4). قال الطبري: "يقول: وهو شاهد لكم أيها الناس أينما كنتم يعلمكم، ويعلم أعمالكم، ومتقلبكم ومثواكم، وهو على عرشه فوق سماواته السبع". وقال السعدي: "{وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} كقوله: {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا} وهذه المعية، معية العلم والاطلاع".
2 ـ قال الله تعالى: {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا}(المجادلة:7). قال ابن كثير: "وعني بقوله: {هُوَ رَابِعُهُمْ}، بمعنى: أنه مُشاهدهم بعلمه، وهو على عرشه". وقال البغوي: "أي: ما مِنْ شيء يناجي به الرجل صاحبيه، إلا هو رابعهم بالعلم. وقيل: معناه ما يكون من متناجين ثلاثة يُسار بعضهم بعضا إلا هو رابعهم بالعلم، يعلم نجواهم".
3 ـ وقال الله سبحانه: {إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا}(التوبة:40). قال ابن عباس: "{إِنَّ الله مَعَنَا} معيننا". وقال الماوردي: "{لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} أي ناصرنا على أعدائنا". وقال السعدي: "{لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} بعونه ونصره وتأييده".
4 ـ وقال الله تعالى لموسى عليه السلام: {قَالَ كَلَّا فَاذْهَبَا بِآيَاتِنَا إِنَّا مَعَكُمْ مُسْتَمِعُونَ}(الشعراء15)، وقال سبحانه: {قَالَ لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى}(طه:46). قال ابن عباس: "{إِنَّنِي مَعَكُمَآ} معينكما". وقال القرطبي: "{إِنَّنِي مَعَكُما} يُرِيدُ بِالنَّصْرِ وَالْمَعُونَةِ وَالْقُدْرَة على فِرْعون". وقال السعدي: "{إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى} أي: أنتما بحفظي ورعايتي أسمع أقوالكما وأرى جميع أحوالكما، فلا تخافا منه فزال الخوف عنهما، واطمأنت قلوبهما بوعد ربهما".

ثانيا: الأدلة من الأحاديث النبوية:
1 ـ عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (يقول الله تعالى: أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه إذا ذكرني) رواه البخاري. قال البيضاوي في "تحفة الأبرار شرح مصابيح السنة": "وقوله: (وأنا معه إذا ذكرني) أي: بالتوفيق والمعونة". وقال الطيبي في "الكاشف عن حقائق السنن": "قوله: (وأنا معه إذا ذكرني) أي: بالتوفيق والمعونة". وقال ابن حجر في "فتح الباري": "قوله: (وأنا معه إذا ذكرني) أي: بعلمي، وهو كقوله: {إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى}(طه:46)".
2 ـ روى البخاري في صحيحه عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا قام أحدكم إلى الصلاة فلا يبصق قِبَل وجهه، فإنَّ الله قِبَل وجهه) رواه البخاري. وفي رواية في صحيح مسلم: (إذَا كانَ أحَدُكُمْ يُصَلِّي فلا يَبْصُقْ قِبَلَ وجْهِهِ، فإنَّ اللَّهَ قِبَلَ وجْهِهِ إذَا صَلَّى). قال القاضي عياض في "إِكمَال المُعْلِمِ بفَوَائِدِ مُسْلِم": "وقد يكون معنى قوله: (فإن الله قِبَل وجهه) على حذف المضاف، أي: أن قِبْلة الله المكرمة قِبَل وجهه". وقال ابن عبد البر في "الاستذكار": "وأما قوله: (فإن الله قِبَل وجهه إذا صلى) فكلام خرج على شأن تعظيم القِبْلة وإكرامها، كما قال طاووس: أكرموا قِبْلة الله عن أن تُستقبل للغائط والبول". وقال الصنعاني: "(فإن الله قِبَل وجهه إذا صلى) أي ملائكته ورحمته تعالى مقابلة له، أو أن قبلة الله أي بيته الكريم، أو لأنه يناجى ربه.. والمناجي يكون تلقاء وجه مَنْ يناجيه، فأمر بصيانة الجهة كما لو كان يناجي مخلوق".
3 ـ وعن أنس رضي الله عنه عن أبي بكر رضي الله عنه قال: (قلت للنبي صلى الله عليه وسلم وأنا في الغار: لو أن أحدهم نظر تحت قدميه لأبصرنا! فقال صلى الله عليه وسلم: يا أبا بكر! ما ظنك باثنين الله ثالثهما) رواه البخاري. قال الطيبي: "(ما ظنك باثنين الله ثالثهما) أي: جاعلهما ثلاثة بضم نفسه تعالى إليهما في المعية المعنوية التي أشار إليها بقوله سبحانه وتعالى: {إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا}". وقال ابن الجوزي: "(مَا ظَنك بِاثْنَيْنِ الله ثالثهما) أَي بالنصرة والإعانة". وقال النووي: "(يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما) معناه: ثالثهما بالنصر والمعونة". وقال العيني: "(مَا ظَنك بِاثْنَيْنِ الله ثالثهما؟!) أَرَادَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: بالاثنين نَفسه وَأَبا بكر، وَمعنى ثالثهما: بِالْقُدْرَة والنصرة والإعانة".

معية الله تعالى: ماهي معيَّة الله تعالى؟ وما هي أسامها، وما الممدوح منها وما الممنوع؟ كل هذا نتعرف عليه في هذا الكتاب



نوع الكتاب : pdf.
اذا اعجبك الكتاب فضلاً اضغط على أعجبني
و يمكنك تحميله من هنا:

تحميل معية الله تعالى؛ فصل من كتاب تمهيد البداية في أصول التفسير
عصام الدين إبراهيم النقيلي
عصام الدين إبراهيم النقيلي
Issam El Din Ibrahim El Naqili
عصام الدين إبراهيم دكتوراه اصول التفسير، ودكتوراه أصول الفقه، درس في الجامعة الزيتونية وجامعة النور لتكوين العلماء والكثير من الأكاديميات الشرعية وتخرج من العديد منها، له عدة من المؤلفات من أبرزها موسوعة الخلاصة في علم الأصول من حد الفقه في ستة مجلدات، وتمهيد البداية في أصول التفسير من مجلَّدين، والأذان وفي كل بيت راق والتهذيب والتوضيح في شرح قواعد التَّرجيح، والمتن الحبير في أصول وكليات وقواعد التفسير وغيرها... ❰ له مجموعة من الإنجازات والمؤلفات أبرزها ❞ في كل بيت راق ❝ ❞ التدليك علاج واسترخاء ❝ ❞ الأذان ❝ ❞ التهذيب والتوضيح في شرح قواعد الترجيح ❝ ❞ المفرد في علم التشخيص و دلائل الإصابات ❝ ❞ الزيوت العطرية علاج وجمال ❝ ❞ الخطوات الأولية في الأعشاب الطبِّية (الجزء الأول) ❝ ❞ أسرا التِّرياق من مختصر في كل بيت راق ❝ ❞ الاشتياق لرقية الأرزاق ❝ الناشرين : ❞ جميع الحقوق محفوظة للمؤلف ❝ ❞ شبكة الألوكة ❝ ❱.



كتب اخرى في كتب إسلامية متنوعة

التوبة في القرآن الكريم PDF

قراءة و تحميل كتاب التوبة في القرآن الكريم PDF مجانا

التوكل على الله تعالى PDF

قراءة و تحميل كتاب التوكل على الله تعالى PDF مجانا

الديوث PDF

قراءة و تحميل كتاب الديوث PDF مجانا

حقيقة الإصابات الروحية PDF

قراءة و تحميل كتاب حقيقة الإصابات الروحية PDF مجانا

هل تبحث عن وظيفة؟ PDF

قراءة و تحميل كتاب هل تبحث عن وظيفة؟ PDF مجانا

وقفات قرآنية PDF

قراءة و تحميل كتاب وقفات قرآنية PDF مجانا

الفرائد والحكم PDF

قراءة و تحميل كتاب الفرائد والحكم PDF مجانا

برنامج هام لمن أراد حفظ القرآن في عام PDF

قراءة و تحميل كتاب برنامج هام لمن أراد حفظ القرآن في عام PDF مجانا

المزيد من كتب علوم القرآن في مكتبة كتب علوم القرآن , المزيد من كتب إسلامية متنوعة في مكتبة كتب إسلامية متنوعة , المزيد من إسلامية متنوعة في مكتبة إسلامية متنوعة , المزيد من كتب الفقه العام في مكتبة كتب الفقه العام , المزيد من كتب التوحيد والعقيدة في مكتبة كتب التوحيد والعقيدة , المزيد من مؤلفات حول الحديث النبوي الشريف في مكتبة مؤلفات حول الحديث النبوي الشريف , المزيد من كتب أصول الفقه وقواعده في مكتبة كتب أصول الفقه وقواعده , المزيد من التراجم والأعلام في مكتبة التراجم والأعلام , المزيد من السنة النبوية الشريفة في مكتبة السنة النبوية الشريفة
عرض كل كتب إسلامية ..
اقرأ المزيد في مكتبة كتب إسلامية , اقرأ المزيد في مكتبة كتب تقنية المعلومات , اقرأ المزيد في مكتبة المناهج التعليمية والكتب الدراسية , اقرأ المزيد في مكتبة القصص والروايات والمجلّات , اقرأ المزيد في مكتبة كتب الهندسة والتكنولوجيا , اقرأ المزيد في مكتبة الكتب والموسوعات العامة , اقرأ المزيد في مكتبة كتب تعلم اللغات , اقرأ المزيد في مكتبة كتب التنمية البشرية , اقرأ المزيد في مكتبة الكتب التعليمية , اقرأ المزيد في مكتبة كتب التاريخ , اقرأ المزيد في مكتبة كتب الأطفال قصص ومجلات , اقرأ المزيد في مكتبة كتب الطب , اقرأ المزيد في مكتبة الكتب العلمية , اقرأ المزيد في مكتبة كتب علوم سياسية وقانونية , اقرأ المزيد في مكتبة كتب الأدب , اقرأ المزيد في مكتبة كتب الروايات الأجنبية والعالمية , اقرأ المزيد في مكتبة كتب اللياقة البدنية والصحة العامة , اقرأ المزيد في مكتبة كتب الأسرة والتربية الطبخ والديكور , اقرأ المزيد في مكتبة الكتب الغير مصنّفة , اقرأ المزيد في مكتبة كتب المعاجم واللغات , اقرأ المزيد في مكتبة كتب علوم عسكرية و قانون دولي
جميع مكتبات الكتب ..